« ولادة الرسول (ص) .. الحدث العظيم في تاريخ البشرية »
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا المصطفى خاتم الرسل وأشرف الأنبياء وسيد المرسلين وأفضل الخلق أجمعين سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا ابي القاسم محمد وآله الطاهرين، لا سيما بقية الله في أرضه وحجته على عباده المهدي المنتظر صاحب العصر والزمان أرواحنا له الفذاء وعجل الله فرجه الشريف . يوم مبارك ومناسبة عظيمة علينا وعلى الأمة الإسلامية، هو يوم الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، الوليد المبارك الذي بعثه الله رحمة للعالمين .
يحتفل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها في هذه الليلة المباركة بمولد سيد الأنبياء وامامهم وخاتمهم وأكثرهم تبعًا يوم القيامة، نور الهداية، نبي الرحمة، ونبي التوبة، ونبي الإنسانية، أشرف الخلق، وأحسنهم وجهًا وخلقًا، المصطفى الأكرم صلى الله عليه وآله، لتضفي جوًا من الإيمان والسرور في قلوب المؤمنين.
كان لمولده الآيات والدلائل التي تبشر بما سيكون لهذا المولود المبارك من أملًا ورفعة وكرامة وشأن، وما سيحصل على يديه من خير وبركة وتلك أول النعم .. ويعتبر هذا الحدث .. حدثًا عظيمًا في تاريخ البشرية والمناسبة الحية العطرة في وجدان كل مسلم، أهتزت ملايين القلوب إلى يوم الدين أمام ذلك الحدث، المولود الذي غمر البيت البشري بالمودة والحنان والرخاء والرحمة { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } . في العام سبعين وخمسمائة للميلاد الذي سمي بعام الفيل، ولد النبي صلى الله عليه وآله لُّامِّهِ آمِنةَ بنتِ وَهَب - سلام الله عليها - سليلة بيت الكرم والشرف، وكانَ حمله غير حمل النساء لأبنائهن، كان يسر وسهولة، ونورًا مشرقًا، قالت السيدة آمِنة بنتِ وَهَب سلام الله عليها: « لقد علقتُ به - تعني رسول الله صلى الله عليه وآله - فما وجدت له مشقّة حتى وضعته، فلما فصل مني خرج معه نور أضاء له ما بين المشرق إلى المغرب، ثم وقع على الأرض معتمدًا على يديه رافعًا رأسه إلى السماء ( وقال بعضهم) : وقع جاثيًا على ركبته رافعًا رأسه إلى السماء وخرج معه نور أضاءت له قصور الشام وأسواقها حتى رأيت أعناق الإبل ببصرى » السيرة النبوية لابن كثير: ١/ ٢٠٧ .
لقد ودعت العرب الجاهلية بأوثانها ومفاسدها، وداع غير وامق، وأقبل على رسالة النبي محمد صلى الله عليه وآله يهتدي بنوره .. لقد حدثت المعجزة الإلهية، فالشرارة التي انطلقت من مكة أضاءت النفوس والبصائر، فاهتدى العرب بعد طول حيرة وشك، ووضح لهم السبيل والقصد بعد تخبط وضلالة، إنها لحظات شعت فيها الأرض بنور السماء، ففعلت في الوثني الجاهلي ما لا تستطيع صنعه الدهور والوقائع .
لقد كانت ولادة النبي صلى الله عليه وآله منذ أيامه الأولى انقلابًا خطيرًا في حياة العرب، صنعت من أناس عبدوا البهيمة والشجر والحجر وتنافست قبائلهم وتباغضت وتحاربت .. خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر، وتنشر راية العدل والإسلام وترفع كلمة الله في مشارق الأرض ومغاربها.
-- في هذه الليلة المباركة نرى في الأفق نورًا واشعاعًا .. هو أعظم نورًا من أي نور .. إنه نور الرسالة المحمدية، نور الحقيقة المشرقة .. تتلألأ به الوجوه المؤمنة بالنور والجمال، وتضفي جوًا من البهجة والسرور في قلوبهم، وتسمو بهم إلى عالم الطهارة والنزاهة، وتتخلق بأخلاق نبي الرحمة وتتحلى بمكارم الأخلاق متصفين بكل فضيلة بعيدًا عن كل رذيلة .. تلك هي القلوب العامرة بالإيمان.
-- لقد أحاطت الرسالة المحمدية أفراد بني البشر بالعناية التامة وسنّ لهم ما يحفظ لهم سعادة الدنيا والآخرة في تعاليم القرآن الكريم والسنة المطهرة التي جاء بها الرسول الأعظم عليه أفضل صلوات المصلين، وعلى المسلم أن يستقي من هذا النبع الصافي، فإنه سيجد في فضائله ومناقبه وسيرته المباركة رِحاب العلم ونور الإيمان .. ظاهرة في تصرفاته ومعاملاته وتنظيم مصالحه بالآخرين.
-- هذا رسول الإسلام يقدِّم توجيهاته العظيمة بالفضائل والقيم الأخلاقية: لا تبيح قتل النفس المحترمة، أو تجيز الكذب والخيانة، ولا تسمح بالظلم والجور، وتحذّر من القبائح والعدوان. علينا في هذه المناسبة العظيمة، وذكرى مولد حفيده الإمام جعفر الصادق عليه السلام بالتوبة، وترك الذنوب، ونزع الضغائن والأحقاد من القلب تجاه كلّ أحد قريب أو بعيد، ولا ندع في قلوبنا ذرة حقد على مؤمن إلا نزعناها .. نستقبلهما بنفس راضية طيبة، وبنيات صادقة، وقلوب طاهرة حتى نضمن رضا الله تعالى وشفاعة نبينا محمد وآله الأطهار .
-- ليلة كلها نور، نبارك لإمامنا وقائدنا المنتظر عجل الله فرجه الشريف، وعلمائنا الأعلام ومراجعنا العظام والعالم الإسلامي أجمع، نسأل الله عز وجل السعادة والحياة الهنيئة، وأن يشافي مرضى المؤمنين والمؤمنات، ويرحم موتى المؤمنين والمؤمنات، وأن يقضي حوائج الجميع بنور المصطفى وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين .
~ أيام مباركة ~
وكل عام وأنتم بخير
__________
-- أزف لكم أحبائي تبريكاتي المعطرة مرفقة بباقات الورد والريحان وعبير الود والمحبة في الله تعالى، راجيًا من الباري تعالى أن يديم الأفراح والمسرات، وأن يعودها ونحن في أحسن حال بحق محمد وآله صلى الله عليهم أجمعين .
نشارككم الأفراح والمسرات / منصور الصلبوخ .

تعليقات
إرسال تعليق