(هكذا أنا في كل كتاباتي لا أبتعد عن عفويتي وتلقائيتي فاعذروني! )
قرأت لجورج برنارد شو الكاتب والناقد الساخر الايرلندي : "بعض الناس ينظرون إلى الأشياء كما هي ويتساءلون لماذا؟ أما أنا فأحلم بأشياء لم تكن قط وأقول لمَ لا !". وهنا أحاول دائما الإبتعاد عن النقاد من القراء، لأن القلة منهم لا يملكون مفاتيح القراءة ذاتها, أحاول أن أكتب نصوصا يرقى لمستوى القارئ المتمكن, وأحاول أن أهرب من نفسي المكبلة بالقيد والممهورة ببوح صريح, وأحاول أن أمنح مقالي مساحة للعبور نحو أفق القراء, حيث أتوقع سؤالا عابرا من البعض، ما هو سر هذه الجرأة الأدبية التي تسكنني والتي أعتز بها, وهنا أتماهي بالكتابة جملة وتفصيلا, فكتابتي وقراءتكم شئنا أم أبينا هي العلاقة بيننا ليس إلا, أدرك تماما بإنني من هواة المشاكسة مع القارئ في متعة الكتابة, فلا تؤاخذونني أعزائي القراء وسأترك المجال متاحا لمن يقرأني.
إحدى اللحظات التي أبحر بها مع الخيال ولسبب ما لا أدركه, حيث أصبحت أدرك حقيقة إن البعض يعيش ضد نفسه, ويختفي وراء أقنعة مزيفة مليئة بغربة الذات, وما زلت في حالة الدهشة بعضها موجعة والبعض الآخر واقعية مزعجة, فلا بأس يا من تقرأني بإنك أيضا في حالة إستياء من نوعية بعض كتاباتي, قد تفيق وتعذرني أو تتنازل عن بعضها لقارئ آخر. لعلني هنا أمارس حرية الفكر المزدوج ما بيني وبين فكرك أيها القارئ, ولعلني اغتاب نفسي من بين السطور, وتغتابني أفكاري وتغرقني باستفسارات حائرة, ولعلني قد لا أجيد التفكير بمعنى إنني قاصرة في تفكيري أحيانا أخرى في نظر البعض! وكم أدهشتني بعض أفكاري لما لها من فيض استثنائي, أعترف بإنني أحيانا أتعثر بين سطوري هنا, وليطمئن قلب القارئ، فبعض ما أكتبه هنا فيه بعض المشاكسة للقارئ! دون أن أمارس إستراتيجية استعطافكم لتقرءونني, وأيضا أدين لكم بقراءتكم هنا, والتي تدفعني لمواصلة كتاباتي المتوهجة صدقا دون عبث مني.
غادرت مؤخرا القطيف, ولم تغادرني ولمدة 72 ساعة، حيث رافقتني إلى مدينة الرحاب بمصر, وحين هبطت الطائرة أرض المطار، تمنيت حينها أن أعود إلى بلدتي القطيف, لولا التحفظ, كنت سأبكي ووصلت شقتي مع زوجي ورفيق دربي وبقيت متأملة الأركان الهادئة الجميلة وبعض الذكريات السخية, وكنت أعانق الهدوء والسكينة, التي حملتني في رحلة خاطفة وعابرة لا أود نسيانها, وعلي أن أشير لرفقة زوجي معي والذي أضاف لروحي سكينة وسلاما في كل صباح, حيث هناك نحتسي القهوة معا, ولكن أعتب على وسادتي ليلا والتي لا تمنحني أو تعيرني فرصة الحلم, ولعلني لا أؤمن بالمستحيل لذا كان لتفاؤلي فرضية للحياة به بلا احتمال.
ما أنبل أن يستفيق المرء ذات يوم على حقيقة, أن للفرح حق في حياتنا, ومن هنا أحاول وبعيدا عن بعض الظروف الإستثنائية, أن أجيء بفكرة الدعوة للفرح والتي لا تستهويني أبدا,وأنا المكشوفة حزنا وصدقا وباختصار شديد, البعض منا يعارض هذه الدعوة لعدم رغبة العيش بدون مهرجانات جنائزية, ومن حقنا أن نفرح وللأسف الفرح هنا ليس له مكان عند البعض منا مع بعض التحفظ. ولعل البعض منا يمارس الفرح سرا ، خوفا من مصادرته وتدميره أو حتى سرقته ونبقى بلا فرح وليكن نوعه, ولعلنا نختلس لحظات السعادة والفرح لوحدنا وبطريقتنا, من وراء الحزن رغم إنه مع لحظة الفرح لابد إن هناك من مداهمة موجة الحزن لنا, الكل يدرك إن الحزن ليس بأيدينا نحن البشر, وليس طريق قد اخترناه لأنه يأتينا على طبق من ذهب وعلى غفلة منا,ولكن لا يزال للفرح بقية.
تحضرني حكمة صينية: "إذا لم تجد ما تبحث عنه داخل نفسك, فأين يمكن أن تذهب للبحث عنه؟" لعل هذا الاستفهام يستوقف البعض للسعي والبحث! حيث الحياة التي تبتغيها لن تجدها بسهولة, فالبحث والسعي من طبيعة الوجود, هكذا أجد نفسي لا أدري أحيانا إلى أين أتجه أو إلى أين تتجه بي الحياة, ثمة أبواب تفتح وتغلق أمامي, لكن الدرب الذي أخذ من فكري الكثير قد منحني الوهج والخذلان معا, رغم إن البعض منا يمضي إلى قدره المحتوم غير آبه لهذا القلق الإنساني الآخذ في الصعود وقد كثرت الحيرة, هذا اللهاث السريع هنا يجعلني وغيري أكثر قلقاً وتساؤلاً, حيث ابحث عن أمور كثيرة منذ عمري ولا أزال أبحث فهل تراني أيها القارئ سأجدها وإن كان على سبيل الحلم؟ أبحث مثلا عن طفولتي التي تاهت مني على ضفاف المسؤولية التي تكبرني بعشرات السنين, وابحث عن عيون أشقائي الأربعة التي تغرقني بظلامها إلى الأبد, وأبحث عن الكثير من سلوكيات البعض التي أضاعوها بتجاوزهم على شواطئ الحرية المزيفة وبين الأسلاك الشائكة التي تحيط البعض منهم, وأبحث عن نفسي وأنا ألمحها اليوم واقفة أمامي: أحمل تناقضات الحياة وأوجاع الروح ومسراتها أيضا, حيث إنني أتلمس فيها تحديا وترددا وتمردا بما اكتبه من نصوص والتي تركتها بين يدي القراء ولعلني ابحث فيها عن ملامحي.
وأخيرا خطر ببالي أن أفاجئ القراء بسؤال:هل من فخر أعظم من أن يكون لك صديق وفي مخلص!؟ وهنا كأنني قد تذكرت حكمة تركية تقول: إذا تملك أصدقاء, فأنت غني. هذا عن الصداقة والصديق وماذا عن الحب! عندما سألوا طفلة صغيرة اسمها ريبيكا ما معنى الحب؟ سأنقل لكم جوابها, "عندما أصيبت جدتي بالتهاب المفاصل,أصبحت لا تستطيع أن تنحني لتضع الطلاء على أظافر قدميها, فكان جدي يقوم بذلك لها كل مرة على مدى سنوات, حتى بعد إن أصيب جدي نفسه بالتهاب المفاصل في يديه لم يتوقف عن القيام بذلك لها. هذا هو الحب كما أراه. وهنا ألتمس العذر الشديد, أن أقف وأنحني إنحناءة إحترام لزوجي وأتحفظ لمبرر هذه الانحناءة فهو يستحق حبي واحترامي. لعلني أعود ثانية بمزيد من الحكايا والخفايا التي في نفسي, والعفو بهكذا بوح صادق ممزوج بالمشاعر الصادقة.
غالية محروس المحروس
.jpg)
تعليقات
إرسال تعليق