لو خُيّرتَ مجازا أن تعيش حياتك ثانية من جديد, ماذا ستفعل بشكل مختلف!؟
أعتقد أن هذا سؤالٌ طويل وصعب: هل ستختار طوعًا أن تعيش حياتك التي عشتها كاملةً كما هي, أم ستُعاني من الندم لدرجة أنك تُفضّل أي شيء آخر؟. إذا لم تُجرّب هذا السؤال من قبل, فقد تكون تجربةً مُرهقة. حيث يبذل الكثير من الناس جهودًا كبيرةً, لتجنب التفكير في حياتهم الخاصة والصعبة,لأسبابٍ مُختلفة. قد يكون التفكير في حياتك عبئًا عليك! ولديك الكثير من الأشياء الأخرى لتفعلها, ومع ذلك من أين تبدأ؟
لقد فكرتُ في هذا السؤال طويلا، وإن كان خيالا. بالنسبة لي, أود أن أعيش حياتي من جديد كما عشتها في طفولتي وإن كان لفترة قصيرة نظرا لصعوبتها. وأود أيضا أن أعيش في عالم يكون فيه الغد بالأمس. أي يوم أعيشه الآن, سأستبدله بأي يوم في الماضي, لأنني أعلم جيدا, أنه من المستحيل أن أجد الصبر والرضا والقناعة الجادة الحقيقية, مثل التي عشتها في طفولتي.
خلال طفولتي, كان كل شيء طبيعيًا وعفويا, نقيًا, بسيطًا وحقيقيًا. في تلك الأيام, عشتُ في عالمٍ كان لديّ فيه دائمًا ما أحب فعله والقيام به لإخواني, وزيارة صديقاتي القدامى لي واللاتي لازلت معهن ولازلت أستطعم الحياة البسيطة الهادئة معهن بين حين وآخر. وبعد أن كبرت, فقدت الكثير مما كنت أحبه, حيث كان كل شيء قد تغير مع تقدمنا في السن, وبدأتُ أُدرك أن تلك الفترة من حياتي, لم تعد كما كانت في وقتنا الحالي بأي حال من الأحوال. لم أشعر قط بمثل تلك القوة والقدرة والطاقة والتحمل, لقد كان ذلك أمرًا استثنائيا و مميزًا بالنسبة لي ومخلدا في ذاكرتي.
هل تصدقني أيها القارئ الكريم, إن قلتُ بإن قلبي, كان حينها رغم حداثة عمري مفتوحا يرشدني دوما! وكنت من المفترض حينها أن أقول شيئًا, لكن ما إن انتهيت, حتى أصبحتُ في زمنٍ مختلف. ولم أجد الفرصة المتاحة ولا الكلمات المناسبة, نعم لم أجد الكلمات الكافية الوافية, وكنت أتمنى لو كانت تلك الأيام بيننا الآن. للأسف لن تعود أبدًا. كل ما علينا فعله هو الثبات والبقاء على الرضا في كل يوم, وتكرار كلمة إضافية: "الحمد لله " حيث كنا جميعًا نحب بعضنا بعض, وسيبقى شيء واحد ثابتًا. نعم, حبنا الخير دوما للجميع, لذا فإن كل واحد منا تقريبًا مستعد لتقدير واحترام أيامنا الأولى, والتي كانت تحتاج إلى إدراك حقيقي لقيمة السعادة والمودة والرضا.
ولكن لا يزال سؤالي قائما وعالقا، لو خُيِّرتَ أن تعيش حياتكَ ثانية على حسابِ مكسبٍ ما، فماذا ستفعلُ بشكلٍ مختلف؟ أنا متأكدٌة من أن لدى البعض منا هنا الكثير ما سوف يتم ذكره وقوله, ولكن بطريقةٍ مختلفة. بالنسبة لي شخصيا, أعتقد أننا أحيانًا نضيع في صخب الحياة اليومية لدرجة أننا ننسى ما الذي دفعنا للتغيير:
· كنت سأقلل وأخفف من قلقي وأركز أكثر على ما أؤمن به من مسؤولية, وكنت سأقضي وقتًا أقل بكثير في القلق بشأني شخصيا.
· كنت سأرفض تمامًا أي فكرة عن خطة بديلة لما أعشقه من عمل إنساني رغم حداثة سني.
· كنت سأبذل كل طاقتي لأكون الأفضل, في الأشياء التي كنت أحبها حقًا ولا اتمكن منها حينها.
· كنت سأدعو البعض ممن أعرف من الفتيات, اللاتي في عمري للعب معي قليلا من الوقت عند صغري, حيث لا أتذكر إنني لعبت يوما كما تفعل الأطفال أبدا.
· كنت سأتجاهل ممن تتفوق من زميلاتي بالمدرسة, دون أن أتوجع على نفسي, وأهتم أكثر بكيفية وصول من أُعجب بهم إلى ما وصلوا إليه دوني.
· كنت سأقضي وقتًا وجهدًا أقل مع من لا يكترثون لأمري, وأعطي حبًا واهتمامًا أكبر لنفسي ربما أعده أمرًا مسلمًا به.
· كنت سأقضي وقتًا أطول في تعلم وادراك كيفية القيام بالأشياء التي أحبها وأعدها موهبة وهواية, ولكن ضيق وقتي حال دون ذلك.
· كنت سأتسامح وأتحفظ أكثر, بدلًا من أن أحمل وأتحمل الغضب والإستياء داخلي وبصمت, على من حمّلوني صدماتهم.
· كنت سأتجاهل تمامًا الأشخاص الذين مارسوا سلوكيات, غير مؤهلة ودون خبرة فيما قدموه. ولعلني سأتجاهل تمامًا انتقاد أي شخص لن يحترم ما بين سطور هذا النص أو من يستخف بمشاعري.
أقول كل هذا, لكن جزءًا مني لا يريد تغيير أي شيء. لقد مررت بمصاعب وبمواقف أكثر بكثير مما أتحمل, وهذا يمنحني أفضلية لأنني استطعت أن أفهم تجارب الكثير والكثير من الناس واكتسبت الحكمة من خلال كل ذلك. وفي ذات الوقت والشأن, لقد مررت بمواقف أقل بكثير من البعض, ممن ربما اختاروا من بينهم قدرًا أكبر من الحرية الزائفة والحياة الباذخة. لكن الندم لا طائل منه.
كنت سأبقى أكثر نشاطًا لو لم يكن ذلك مستهلكا, لم يكن لنشاطي أي مكافأة منذ البداية، ولم يكن هناك ما أتعلمه منه, بل سيكون درسا لمن يحتاجه! أعتقد أن هذه نصيحة لي أيضًا. لا تفعل أي شيء وتنتظر مكافأة مقابل ذلك, بل قد يؤدي إلى نتائج سلبية نفسيا. أتمنى لو احتفظت بجميع المواقف والمواجع القديمة أيضًا, كشواهد على تجاربي العميقة.
أأمل على جعل كل ما ذكرته هنا, إني سأفعله واقعًا ملموسًا اليوم. انتظرت بعضًا منه طويلًا جدًا، حيث مكنني مشاركة هذه التجربة المتفردة بالنسبة لي مع الجميع. وتمكنت من تجاوز بعض الأمور غير المهمة لكنني! استشفيت من والدتي تجاربها وما يمكنني فعله وما لا يمكنني فعله لأكون أفضل. كما أنني تفاديت بعضًا من أقدارها الأكثر وجعا.
غالية محروس المحروس
.jpg)
تعليقات
إرسال تعليق