(يدهشني أنّكَ تمضي بعيدا وترحلي سريعا يانعمة على غير عادتك!).
كان الظن, إن أصحاب الأخلاق العالية لا يرحلون هكذا بسرعة وسهولة, حتى جاءنا خبر الفاجعة! ومع حلول فجر اليوم توجعني بعض التساؤلات, وأنا أفكر بالكتابة عنك يانعيمة مرددة يارب, لأسترجع ذاكرة وجودك الهادئ المريح في دورتي الإنجليزية! يا ترى ماذا عساي أن أكتب ؟ ليتني بالقلم أعبر عما بالقلب من وجع رحيلك, ولكني سأكتب وسأتحدث بصوتي المبحوح, و سأكون أكثر ظلما للوجع إذا قلت إنني لست حزينة لرحيلك.
ثمة كلمة صادقة سأكتبها هنا بحق طالبتي الإستثنائية"نعيمة حسن سلاط ", والتي رحلت عنا باكرا وقد شكل رحيلها المفاجئ جزء ا كبيرا من الوجع المثقل, آه لو تدرين إن وجودك في المقابر إحدى عذابات والدتك, ولعلها تدرك منذ السطور الأولى حضور فكرتي, وتدرك غايتها وقد تمس روحها, فأنا هنا شعرت في لحظة إن وجع رحيلك لابد أن يظهر, وإن يكون بين يدي أحبابك لقراءته. كم كنت يانعيمة إنسانة مثالية بكل ما تحمله الكلمة من معنى!
فراقك يا نعمة مثل فراق الحياة! لقد غابت شمسك عن سماء أطفالك زوجك والديك إخواتك أحبابك! ولم يعد إلا صدى صوتك يرن في آذانهم وقد غابت ملامح وجهك الباسم ونظرات عينيك في لحظاتك الأخيرة, كل هذا الرحيل وخطف الموت إياك, قد أدمى القلوب بحيث شعرت يوم أمس من عزائك يوما حافلا بصدق المشاعر, مما رأيت من حشود شبابية تبكي معا, وكل واحدة من صديقاتك تفجر الدموع حزنا عليك والغصة مزقت قلوبهم وطاقاتهم! وحتما كنت أستشف دهشة وداعك قد حرم محبيك نكهة الحياة والبسمة دونك, وحرم والدتك من لقاءك وقد كسر خاطر أطفالك وسلب منهم الأمان, ألم تعلمي إنك مصدر أمانا لهم!!
لقد تركت برحيلك “نعيمة” ذكرى عزيزة لكل من عرفك او سمع عنك واستحققت الحزن من الجميع عليك. صدقا ما عرفك الجميع إلا إنسانة متواضعة رفيعة الأخلاق, فأنت قل ان يجود الدهر بأمثالك ولكن هذه إرادة الله وليس أمامنا إلا التسليم بقضاءه وقدره. وحقا إن الموت حق,ورغم الفاجعة نقول الحمد لله على كل حال.
عزيزي نعيمة هذا ليس رثائا، فأنا أعجز من أن أكتب ذلك عنك، هذا بوح مؤجل في حضرة غيابك المفاجئ، ولعله عتاب حنون من والدتك الحنونة, لعدم إستئذانك منها في الغياب، حيث لم تنتظري قليلا من الوقت للوداع منك. فالأحبة أبداً لا يرحلون دون وداع أحبابهم.
أعذروني أعزاء وأحباء نعيمة,إن كنت قد جمعت صدق أوجاعي وأسقطها هنا, وأعذروني أيضا إن كانت كلماتي قد اتشحت بوشاح الحزن . ولتعذرني روح نعيمة بالسماح لمشاعري أن تتواجد هنا دون أن تلمحها عيناها الراقدة. نامي قريرة العين وأنت في ذمة الله, ولترعاك ملائكة السماء. فلا تقلقي ولا تخافي فأطفالك في الحفظ والصون, مادامت والدتك العزيزة فائقة بجوارهم وحتما ستتفوق برعايتهم.
غالية محروس المحروس .
تعليقات
إرسال تعليق