((ولعلك تجد نفسك الحقيقية من خلال التأمل))


((ولعلك تجد نفسك الحقيقية  من خلال التأمل))

 أتذكر منذ عقود أربعة, كانت لدينا خادمة منزلية من سريلانكا إسمها  "داية جودجي" فاستأذنتها بأن نناديها بإسم " دانة" حيث دامت معنا 14 سنة, وذات مرة كانت راجعة من إجازتها السنوية, وأحضرت معها ورد وأخبرتني حينها بأن هذا النوع من الورد, يتفتح يوميا بساعة معينة,جذبني وشدني  ماذكرته بحماس وإنتظرت لحظتها, وفعلا  تم ذلك وتفتح الورد  ووقفت عنده طويلا, وبقيت عدة أيام أتأمل لحظة تفتح تلك الوردة وكانت  فكرة التأمل ولقد قدمت  محاضرة  بالإنجليزية عن التأمل ونالت القبول .

  إذا لأبدأ بالسؤال عن التأمل, وإن كل لفظ سأكتبه هنا عن التأمل هو خارج وبعيد عن الفلسفة.  ما هو التأمل و كيف يعمل, وهل يمكن أن يساعدك التأمل على تحقيق السلام والرضا في حياتك اليومية؟! و ماذا يعني لك التأمل! ومن ناحية أخرى كيف نحقق السلام في أنفسنا وحياتنا رغم وجود الإجابات داخلنا!  أنت مليء بالطاقة والأمل ولعل البعض  بحاجة لتحسين حياته وتجربة العيش بطرق مختلفة. قبل أن تتمكن من المضي قدمًا, يجب أن تحرر نفسك فعندما تكون حرًا يكون لديك كامل الحرية والحركة والرؤية, لتتمكن من خلق ونيل كل ما ترغب فيه, والأهم البحث عن المزيد من الصفاء والهدوء في الحياة, وذلك بالتركيز وبتهدئة العقل. لا أخفيك مازلت أتعلم وأتأمل بشكل أفضل وأستخدمه  كدليل في حياتي الشخصية.

 هناك  البعض من يعد التأمل مجرد طقوس دينية ليس إلا, ولكن الأمر ليس كذلك فحسب من وجهة نظري ومن خلال تجربتي الشخصية! حيث التأمل يعني الوعي والإدراك,  عند قراءة القرآن الكريم وحتى عند الإستماع للتلاوة وبالنظر للسماء, وبالإستماع للطيور في الصباح وبمراقبة أنفاسك! مما يسمح لك ببدء رحلتك التأملية اليومية الخاصة بك عن طريق ذلك. نعم التأمل ليس تقنية، بل أسلوب حياة.  منذ سنوات عديدة، كان التأمل للبعض شيئًا غير مخصص للأشخاص المعاصرين, ولكنه أصبح الآن شائعًا جدًا لدى الكثير من الأشخاص. رغم إنه لا يزال يتعين فهمه كثيرًا, فالتأمل هو تجربة شخصية وروحية, ورحلة لإكتشاف الذات وهو نوع من أنواع الطقوس عند البعض. بعض الناس ينجحون بالنوم بالتمدد على الأرض ولكن البعض الآخر يجدوه صعب لعدم الشعور بالنوم بهذه الطريقة. يجد الكثير من الناس الاسترخاء بملابس واسعة مريحة وحتى المكان المنتقاة لابد أن يكون بدرجة حرارة معتدلة.

 على الرغم من أنني وجدت هدفا لحياتي, بعد مضي سنوات طويلة من التأمل, والذي غمرني بفيض من الأفكار والذكريات والأحاسيس الخاصة لبعض المواقف, وحتى الأصوات التي كانت تسبح وتمرح في عقلي وقلبي, منحني القدرة على إعلام وتمكين وإلهام العديد من الأخوات في المجتمع, وأنا أستمتع بحياتي البسيطة تمامًا, إلا أن الأمر لم يكن دائمًا كذلك. هناك من يبدأ بممارسة التأمل بالتنفس, بالإضافة إنني أستمتع بالروتين الذي يناسبني حيث الإستيقاظ مبكرًة مهما كانت الأحوال والظروف وكإن نفسي تنافس الطيورعند باكورة النهار, وممارسة بعض من وضعيات اليوغا بطريقتي الخاصة والتي تملأني بالسلام والرضا والقناعة والبساطة، وإعداد القهوة، والقراءة والكتابة مع الإسترخاء التام  وبالتواصل مع الكثير من محادثات هنا وهناك. ما أردت الإشارة إليه هنا, عندما يمتلئ عقلك وقلبك بمشاعر السلام والإهتمام والإحترام, فإنه لا يستطيع الإقلاع من تلقاء نفسه, حيث نقلق أو نتوتر أو حتى نكتئب ، إذا كنت تريد مني أن أملأ كوبك، عليك أولاً إفراغه والعاقل بالإشارة يفهم.

 لتبحث عن المزيد من السكينة والهدوء في حياتك تفاديا لما تسمع وترى وتواجه من الأحداث والمواقف والأمراض والمتاعب  حال الكثير أيضا:

* بالتأمل تصبح أكثر سعادة وصحة والعيش بحياة  أفضل.

* بالتأمل  يعني التفكير بعمق في شيء ما.

* بالتأمل  فإنك تمنح نفسك الاسترخاء والسلام الداخلي. 

* بالتأمل يجعلك أن تعيش بإنضباط عقلي, إنه أكثر من مجرد أفكار عميقة.

 ومع هذا  من الصعب جدًا تحقيق ذلك, حيث يستغرق وقتًا وصبرًا وجهدا. ونحن ندرك إن عقولنا تميل إلى التساؤل والتنقل من موضوع إلى آخر. وعند تحقيق ذلك يتحقق لنا بعض الفوائد والنتائج:

* السلام الداخلي والمعرفة الداخلية.

* الهدوء التام للعقل.

* وسيلة لتحقيق وضوح كبير في الإدراك والفهم والوعي.

* إيجاد طريقة جديدة للعالم والإرتباط به بطريقتك الخاصة.

* يجعلك ساكنا و مرتاحاً, لأن هدف التأمل هو البقاء يقظاً ولكن مسترخياً.

 • التنفس لا يقل أهمية عن  التأمل كما هو الاسترخاء. 

         

اختيار المواضيع لا نهاية لها. ينبغي أن يكون اختيارك طريقك, وعلى سبيل المثال:

* التركيز على المياه المتدفقة.

•  مشاهدة زهرة متفتحة.

•  مراقبة شعلة الشمعة حتى إنطفائها.

* في بعض الأحيان يكون محور التأمل هو كلمة أو عبارة قصيرة متكررة قد تلهمك.

* استرجاع  ذكرياتك لمراحل مختلفة من حياتك, والحالات الإنسانية المختلفة التي استوقفتك.

  وهكذا، يفضل العديد من الأشخاص ممارسة فن التأمل كما اليوغا بمفردهم في المنزل, وليس في مجموعة أو في الفصل الدراسي.  وهناك بعض أولئك الذين يمارسون التأمل لديهم معلم ليعلمهم التقنيات والفلسفة الأساسية. بالنسبة لي، لا يوجد موضوع معين للت للتركيز عليه, فقط أثناء الجلوس لوحدي وما أكثر الأوقات التي أكون فيها لوحدي بغية الإسترخاء والهدوء , ليمكنني استخدام تركيز تأملي بدءًا بمعرفة نفسي. لذلك، يجب على الشخص المهتم باستكشاف ذاته الداخلية أن يحاول إتقان أساسياتها. وما يجب أن نتذكره بأن التأمل هو نظام صعب للعقل، وهو ما يتطلب ممارسة ووقتًا وعملًا شاقًا ثابتًا ومنتظمًا. وبطبيعة الحال, فإن اختيار نفس الوقت كل يوم يساعد, حيث يصبح هذا جزءًا من روتين منتظم يبث بداخلك روح النظام والإلتزام.

  غالية محروس المحروس

تعليقات