#خاطرة_الجمعة « كلمة أحسنت وبارك الله فيك تكفي !! »
هل عوّدت نفسك شكر عائلتك وأبنائك على ما يقدّمونه من خدمات منزلية ؟! هل تعوّدت حينما ترى شخصًا يبذل جهدًا مضنيًا في خدمة مجتمعه، تسارع إلى تحفيزه وتحميسه ؟! لا شك أن لكل إنسان في هذه الحياة، حظًا من المحاسن، كما أن له نصيبًا من العطاء، وقدرًا من الخير، وحتى أسوأ الناس، يمتلك بعضًا من الجوانب الإيجابية.
كل فرد في المجتمع يحمل بين حناياه طاقة، ويمكن لهذه الطاقة أن تتقدم وتنمو، فتغدق للمجتمع ثمارًا طيبة، ويمكن لهذه الطاقة أن تذبل وتموت فلا يبدو منها الخير. ومن هنا تأتي أهمية التشجيع للطاقات الشبابية، وكل الطاقات التي تصب في خدمة المجتمع، فاللاعب يتوقع من الجمهور تشجيعه والوقوف إلى جانبه، والكاتب حينما يكتب مقالًا، فإنه يتوقع من القراء كلمة ثناء ولو مجاملة، والخطيب حين يلقى مجلسًا فتتلقفه الألسن بالثناء، والطبيب إذا كان جادًّا في عمله مهتمًّا بمرضاه، تجد من يدعو له بمزيد من النجاح، والمعلم الذي يحضّر الدرس الذي سوف يشرحه للطلاب، سيسمع من أولياء الأمور الكلمة الطيبة، والموظف الذي يتسلّم مهماته وينجزها في الوقت المحدد، يلقى من مرؤوسيه كلمات تزيده قوة وثقة عالية، فكل واحدٍ من هؤلاء سيشق طريقه نحو النجاح . ولعل هنا تكمن أهمية كلمات المساندة والتشجيع .. فهي مصدر قوة ودافع لمزيد من العمل والعطاء لأي كاتب أو خطيب أو موظف .. يؤدي غرضًا ويحقق نتيجة.
ثم إننا كثيرًا ما ننسى " الشكر " و " الحمد " .. ننسى أن علينا أن نشكر الإنسان، ولو على كلمة جميلة يقولها، أو عمل مفيد يصنعه، أو محاضرة قيمة يلقيها، أو كتاب هادف يؤلفه، أو تواضع خلوق يتصف به، أو أي عمل صالح يؤديه لنا .. بينما هذه أمور يقوم بها باختياره وهو بذلك يستحق المديح عليها، والشكر لها.
إنني لا أطالب أن نمدح الفاعل - إذ قد تمنعنا انانيّتنا عن ذلك، ولكنني أطالب أن نمدح على الأقل الفعل، ونشكر العمل .. ترى لماذا يجب أن نشكر الأفراد، ونمدح الأعمال الصالحة؟ والجواب: إن كل إنسان يرغب في أن يكون شيئًا في هذه الحياة، ولذلك فهو يجب أن يُمدح، وأن يُحمد .. وهذه رغبة جيدة ونافعة بشرط أن تصدف في مكانها الصحيح، وقنواتها السليمة، فليس المطلوب من الإنسان أن يحب الضمور، والخمول، وفقدان أي إسم أو دور له في الحياة. ولكن المشكلة أن البعض يحاول أن يحقق هذه الرغبة عبر الإجرام، لا عبر العطاء، وعبر التنافس على الفساد، لا عبر التنافس على البر والتقوى. فالإنسان يجد أمامه دائمًا طريق الخير، وطريق الشر، ومن الممكن أن يصبح " شيئًا مذكورًا " في أي من الطريقين هذين .. فإذا وجد التشجيع في طريق الخير سلك طريق الخير، وإذا وجد التشجيع في طريق الشر سلك طريق الشرّ. والمطلوب منا أن نشجع الآخرين على سلوك طريق الخير، عبر مدحهم إذا سلكوا هذا الطريق، وتقديم الشكر لهم إذا قدموا خدمة للوطن والمواطنين. وإذا لم تفعل ذلك، فسوف يوجد آخرون، يشجعون الناس على سلوك طريق الشر، عبر التقدير عنهم إذا فعلوا ذلك.
إننا حين نقرأ تاريخ كل نجوم الغناء والرقص والسينما، نجد دور المشجع، أو المشجعين، هو الدور الرئيسي في ظهورهم . ألا نجد مثلًا أن " مخرجًا " رأى صدفة، فتاة جميلة فأعجب بها، ثم بدأ يمدح ما فيها من إثارة وفتنة وعن طريق ذلك، جرها إلى طريق المعاصي؟ إن هذه الفتاة أرادت أن تكون " شيئًا مذكورًا "، وحين وجدت من يقول لها: كوني شيئًا مذكورًا في الرقص .. أو الغناء استسلمت له وكانت كما أريد لها، بينما لو وجدت من يقول لها: كوني شيئًا مذكورًا في التأليف والخطابة، وخدمة الناس، وإدارة مراكز التعليم، لفعلت ذلك.
وكل رجل يعرف أنه لو مدح شيئًا في زوجته كثوب أو طعام معين، وحتى لو كان ذلك في نظرها لا يساوي شيئًا، فإنه في الواقع يدفعها إلى أن تهتم به وتعتبر نفسها مدينة للزوج أيضًا .
نحن مكلفون بتقدير ما في الناس من صفات حسنة وكفاءات عالية، حتى ولو كانت بمقدار مثقال ذرة .. أليست تلك طريقة الله عز وجل مع الناس؟ .. { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ }سورة الزلزلة:الآية٧- ٨.
نحن مكلفون بدفع حماس الشباب وتوجيه طاقاتهم الفعالة وقدراتهم المختلفة، ليكونوا سنابل خير للوطن وفي تنمية بناء المجتمع. ومع الأسف فإن كثيرًا من الناس لا يقدرون أو يشجعون منجزات غيرهم أو أي عمل صالح قاموا به. فلا نتوقع أن يزدهر شيء أو يتقدم عمل دون وجود أناسًا مهامهم إبراز منجزات أخوانهم وزملائهم الذين يمتازون بالجد والاجتهاد والمثابرة في الأعمال المختلفة، ولهم دور بارز في مساعدة الناس على قضاء حاجاتهم وحل مشاكلهم، هؤلاء الناس شعلة تضيء الدرب.
وأخيرًا نأتي إلى أهم نقطة في الموضوع، وهو ما اتخذنا منها عنوانًا لهذه الخاطرة، فالاعتياد على قول كلمة " أحسنت وبارك الله فيك " كلام جميل، يساعد على زيادة الروابط الاجتماعية وتوثيقها، ونسبح ونستعذب رحيقه، نعم نواظب على هذا الكلام الهادف والأسلوب الحسن، لأنه من الخير .. ولكل شخص قام بعمل خير، وكما قال أمير المؤمنين عليه السلام: « الخير عادة » غرر الحكم ودرر الكلم.
« اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ، وَارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً، وَاجْزِهِمَا بِالإِحْسَانِ إِحْسَاناً، وَبِالسَّيِّئَاتِ غُفْرَاناً، اللهُمَّ اِغْفِرْ للمُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ الأحْيَاءِ مِنْهُمْ والأمْوَاتِ .. » والصلاة والسلام على نبينا المصطفى خاتم الرسل محمد وعلى آل بيته الطيبين الأطهار.
طابت جمعتكم بالصلاة على محمد وآل محمد.
_________
-- نشكر الله عز وجل على النعم التي أعطانا إياها، والشكر للناس عندما يقدمون لنا معروفًا، ومن لا يشكر الناس يكون سيء التصرف وجاف الطبع. ترى أي من الناس أنت أو من أيهم تريد؟ .
محبكم / منصور الصلبوخ.
تعليقات
إرسال تعليق