انا لله وانا اليه راجعون حسام الناجي في ذمة الله

 


أمست الكلمات لا تعرف العوم، تتلاطمها أمواج الذكريات الهائجة في غيابه الموجع، التي لا يمكن استخراجها من العقل خشية تبعثرها في صفحة بيضاء تفقد بريقها ومعانيها ,وليس لها سوى حبر الدموع.

لا علمَ لي بقدرتي على الوصول إلى ضفّة الأمان، حيث أستطيع جمع قواي وأجد القدرة على سرد بعض تلك الأفكار العالقة في داخلي، لأصف من هو ساكن في القلب، كامن في العقل، ورفيق حياة منذ  صغره.

فيا حياة قصيرة جمعت كمالات لا تُحصى، وخصائص فريدة لا تتكرر، و تعاملا فريداً لا مثيل له. 

تمرّ الحياة بأحداثها أمامي، لا أستطيع تفضيل حدث على آخر، وكأنّه هو الذي كان ينسجُ تفاصيلها كيفما يشاء.

حسام... صاحب العمر القصير زمناً، والطويل إنجازاً، المتقن لمعاني التعامل الإنساني كأنّه قد أوتي علمًا لدنيًا حباه الله إياه.

من الصعب جدًا ترتيب صفحات حياته المشرقة لكثرة الجوانب الإيجابية فيها، التي يصعب حصرها. 

هي منظومة إيمانية ولائية زرع بذرتها أب وأم يشهد لهما الجميع بالتقوى والصلاح، فكانت الثمرة صالحة، تعطي بلا مقابل، وتنثر خيرها على من حولها. تحولت هذه الثمرة إلى بستان حياة مملوء بالحب والطيبة الفائقة، التي تركت أثرها في حياتنا الاجتماعية.

أبا ولاء... صاحب الابتسامة الدّافئة وبساطة الحياة وحب التعامل الإنساني والاجتماعي والعملي مع مختلف الأطياف في مجتمعنا، والذي جعل الجميع يأتي لتوديع حياة كانوا ينهلون منها الكثير في كل محفل ومكان. 

ما أعظم ذلك اللقاء الذي ستبقى ذكراه خالدة، لا تنضب بتجدد الأزمنة والأمكنة، ولتتحولَ وبدون مبالغة، إلى مدرسة إنسانية بكل معاني الكلمة. 

حسام... المؤمن التقي النقي، الحاضر في كل مجالس الذكر والعبادة، الذي صقله ذلك وأصبح من عباد الله الصالحين المتقين، رحمه الله ، وصار دفتر حياته القصيرة عمراً والمتميزة عطاءً.

تلك السيرة الصالحة شهدت عليها ظاهرة تشييع مهيب لمثواه الأخير ، شارك فيها المجتمع بتنوع طبقاته و شرائحه، من داخل القطيف و خارجها؛ مثبتةً قيمة هذا الإنسان الصالح روحياً و اجتماعياً.

أبا ولاء... كنتَ منظومة دعم ومحبة للعائلة، تبذل كل شيء بصمت في سبيل تقديم يد العون النفسي والمادي، مثل ربان سفينة ماهر، يبحر بسفينة الحياة ليصل بها إلى مرفأ الأمان، مرافقاً لها وداعماً، لتشعر تلك السفينة بالاطمئنان بوجودك القريب جداً منها.

حسام... أنت الصاحب للجميع، ونِعْمَ الصحبة. أصحاب من مختلف الأطياف والأماكن، وكل واحد منهم يشعر بخصوصية صحبته معك. كانوا أوفياء، مخلصين، يبكون لفراقك الموجع، غير مصدقين رحيلك. كأنّه حلم، وسيستيقظون ليجدوك عائداً. لكن إرادة الله شاءت أن تجيب دعوته وتلقاه.

يا لها من رفقة ترفع الرأس، كما كنت أنت لهم ومعهم. جزاهم الله خير الجزاء، رفاق صالحون لن ينسوك أبداً من دعائهم الصالح.

أبا ولاء... رحلت عنا جسداً، وروحك باقية معنا، ترفرف أمامنا تخبرنا أنك في خير مع محمد وآله في فسيح الجنان. لكن، هو وجع الفقد وألم الغياب الذي سيبقى في قلوبنا كضيف ثقيل. نسأل الله أن يربط على قلوبنا بالصبر والسلوان، ونحتسبك عند الله تعالى، ونسأله أن يعطينا القوة لنسير على خطاك الصالحة، وأن لا ننساك في كل عمل صالح، ودعاء، وتلاوة قرآنية نهديها لروحك الطيبة.

وصلّ اللهم على محمد وآله الطيبين الطاهرين، والفاتحة المباركة لروحك 

 وأرواح المؤمنين والمؤمنات.

✍️💔علي حسن الخنيزي

تعليقات