((للبدايات دائما ما تكون ذات وهج وماذا عن النهايات!؟))
في هذا الصباح المشرق,عدت بالفكر والذاكرة عشرين سنة للوراء متسائلة: هل استطيع أن استعيد السنين الراحلة ؟ أقول للزمن توقف عشت فترة لا أريد أن يرجع لي عمري لأعيشه من جديد,أحب الحياة مشرقة, لم ولن أشعر بالوحدة والقطيف تعج بالحياة ولن أحزن وأهل القطيف تتألق بسعادة, تتراءى لي الأجيال راكضة مسرعة متلاحقة, حيث تبدو لي الحياة سريعة الإيقاع. أشعر إن عبوري ومروري كان ومضة سريعة لاحت في سماء القطيف. حيث أدركت المعنى متسائلة: أي عطاء في الحياة يعادل حب وعطاء الآخرين في المجتمع وللمجتمع, سكنتُ مع حكايتي وأنا استرجع مواقفا معينة تلامس إحساسي, وبدأت عيناي بالإحمرار وكأنني أترقب ولادة دمعة حنين, حيث اعتدت العيش فوق المفاجئات.
كنت احلم أن أجمع كل بياض الدورة فأسرد منه الجميل وأسقط منه كل ما هو داكن في سلة النسيان, هناك الكثير من المحطات تستوقفني وتعيد لي الذكرى, حيث تأسرني مشاعرهن الجميلة وتعيد لي الذكريات بأصوات الطالبات وضحكاتهن, لا زلت اتذكر إحدى الطالبات بصوتها الرخيم وهي تستفتح الدرس بتلاوة قرآنية عذبة واخرى بدعاء الصباح, ونحن جميعا نحلق معا في أجواء روحانية بعيدا كل البعد عن القال والقيل وهذا من شروط الإلتحاق معنا بالدورة, لا للغيبة لا للنميمة نعم للإحترام والود.
يحضرني بعد تقاعدي, بأنني قد قررت إطلاق العنان لنفسي وإشباع رغبة في روحي لتحقيق أحد أحلامي, فالتورط العفو اقصد الإلتزام بالتدريس مجموعة مختلفة الأعمار والثقافات والبيئات والتوجهات من الطالبات في منزلي المتواضع كان أمرا لا يخلو من المخاطرة والمفإجئات, وكنت غالبا ما اشاكس طالباتي وأسألهن من منكن سوف تنساني في آخر المطاف؟! رغم إنني متفائلة ومع هذا مدركة تماما بأن بعض منهن على الأقل سوف تذكرني ذات يوم وما أكثرهن, ولا أخقي هناك من ينكرني! فوجدت البعض يشاكسني بعفوية وقد استهوتهن الفكرة, ومع ذلك أعتقد بأنني إذا ما سلكت دربا معاكسا لأفكاري ومبادئي فلن أنجح في تلك الدورات الإنسانية, البعض يسألني ماذا أضافت الدورات لي أود أن تسألوني ماذا أخذت منها, ولا تسألوني ما أعطيت حيث السؤال ينطوي على الجواب, إنها دورة رائعة رغم الجهد والتعب ولكن ثمارها أجمل ما يكون, وهو لقاء الأحبة وتجربة مثمرة مجزية دون أن يداخلني الشك يوما.
في هذا الركن الهادئ من مشروعي الإنساني الصغير، الذي احتضن عطائي وأفكاري وأحلام طالباتي، حاولت احتواء كل تفاصيل هذا الركن بقلبي، فهذا الركن بهدوئه وبإصغاء الجميع، فمن هنا عرفت سيدات وآنسات مجتمعي لأول مرة عن قرب, لأقضي معهن اوقات الصباح و المساء في هذا الركن الصغير المتواضع الذي يشد الجميع بالحنين اليه دائما، ادركت اليوم بعد محاولة اللقاء القادم مع الطالبات، إن لا شيء اجمل واقرب الى روحي وارسخ في ذاكرتي، من هذا الركن الذي يشهد قلبي ومثله طالباتي, وهنا لا أستطيع أن اكتب كلمة وداعا وإنما سوف أكتب إلى اللقاء, وكانت الأيام على مدى السنوات كلها، من أجمل أيام حياتي وتبقى الذكرى الطيبة, هامسة بصدق يا طالباتي الفاضلات: أنتن نبراس أعتز به إن كنت قد أخطأت في حق إحداكن يوما, فألتمس الصفح العفو منكن, مع تحية تقدير للعزيزات اللاتي حضرن دوراتي الإنسانية واحترمن أفكاري.
غالية محروس المحروس
تعليقات
إرسال تعليق