((الأم تريزا تلك القائدة الخادمة))
قبل كل شيء يجتاحني سؤالا خجولا وقد يستفز البعض وهو: أين الأم تريزا في عصرنا هذا؟ من الصعب جدًا بالنسبة لي أن أكتب عن تيريزا, تلك السيدة التي ربما لم أعرف أو أرى أحدًا مثلها تمامًا, والتي أصبحت رمزًا للإخلاص والإيثار للمرضى والفقراء. لقد قرأت كثيرا عن حياة تيريزا, وكلما قرأت كثيرا تأثرت أكثر بمثالها في التفاني والعطاء, وأزداد إنبهارا وإعجابا بها أكثر لجهودها الدؤوبة وتضحياتها التي لا نهاية لها من أجل الإنسانية! حيث كانت من أكثر الشخصيات احترامًا في القرن العشرين .
ادرك جيدًا إن الرحمة كلمة عميقة جدًا, وكانت الأم تيريزا عميقة جدًا بتضحياتها, لذا أعتقد أنها تناسبها ايضا. فالرحمة هي حقًا صفة خاصة يجب أن يتمتع بها كل شخص, لتجعل حياتنا أكثر رعاية ونتعلم المعنى الحقيقي للحياة! لا يمكن لكلماتي أن تصف الإحترام الذي أكنه لرمز الأم تيريزا! لعل تلك السيدة الملهمة تدفعني وتحركني إلى البكاء بل للحياء من نفسي. نعم، تيريزا تلهمني من خلال أعمالها العظيمة التي قامت بها, حيث يمكننا أن نتعلم الكثير من دروس الحياة عن الرحمة والمحبة, ومن خلال جهود تيريزا لمساعدة الفقراء. استوحيت من تلك السيدة بأننا قد نتعلم شيئا جديدا من الحقيقة في الحياة . إنها تعلمنا ليس بالكلام بل بالأفعال التي نستشفه من خلال ماقامت به والتاريخ يشهد على ذلك.
ولدت الأم تريزا في يوغوسلافيا السابقة منذ أكثر من مائة عام، حيث إنحدرت من عائلة بسيطة والتحقت بمدرسة ابتدائية، ولكن حياتها بدأت كما ذكرت،عندما أصبحت راهبة في الكنيسة الكاثوليكية. كانت تلك السيدة الملهمة دائمًا شخصًا خاصًا بها ولا يشبه غيرها، مستقلة بشكل مذهل, حيث كانت بطلة لأنها جسدت ما يعنيه أن تكون قائدة وخادمة في ذات الوقت، بالنسبة لي البطل هو، الشخص الذي لا يسعى إلى الشهرة أو الثروة, بل يعيش حياة نزيهة وملهمة للجميع دوما. لقد علمت تلك الملهمة العالم أن يكون اكثر محبة ورحمة, لقد الهمتني بالنظر عن كثب إلى احتياجات من حولي والتواصل معهم بالحب والاحترام.
كانت تسمى الأم تريزا أم الكرم, حيث لم تمنع شيئًا عن مساعدة المشردين والفقراء, الذين يعيشون في شوارع كلكتا , بل تركت وظيفتها كمديرة مدرسة لمساعدة هؤلاء المشردين والمرضى والجياع. لقد افتتحت أكثر من 60 مدرسة ومنزلًا مجانيًا للمشردين والأطفال والأشخاص, الذين يموتون في الشوارع في مناطق مختلفة. ولقد نذرت نفسها وروحها لمحاربة الفقر وانتشال الفقراء وإيوائهم بكرامة وسلام. لقد كانت مثالاً حياً بقوة الحب. هي حقا أم الفقراء وأم المرضى, لقد كانت امرأة عظيمة حيث لقبت بأميرة الفقراء, وحصلت على جائزة نوبل للسلام. يا لها من إنسانة رائعة ومعطاءة دون أنانية! وذلك بسبب حياة اليأس والفقر والموت والقسوة التي شهدته، كانت لا تزال قادرًة على الإيمان بالمحبة النزيهة، ولم تتزعزع معتقداتها الإنسانيةأبدًا. أتمنى لو استطعت أن اكون مثلها وان أصل لمستوى إنسانيتها. اعترف إنها ملهمتي إنسانيا, في كل مرة أقرأ عما فعلته لمن بحاجة للعون والمساعدة عندما كانت على قيد الحياة، أشعر وكأنني لاشيء. أكاد أن أبكي أثناء القراءة عنها. وسؤالي هو: أين الأم تريزا في عصرنا هذا؟ حيث لا تزال كلماتها العظيمة تتردد في قلبي وعقلي حتى اليوم!
وكانت تقول دائمًا:
* من أعظم الأمراض أن تكون لا أحد لأحد.
* الفقراء عظماء جداً, ويمكننا أن نتعلم منهم أشياء كثيرة جميلة.
* إذا لم تتمكن من إطعام مائة شخص، فأطعم واحداً فقط.
* لا تمل من العطاء، ولكن لا تعطي بقايا طعامك.
* إذا كنت تحاسب و تحكم على الناس، فلن يكون لديك الوقت لمحبتهم.
* إذا أردنا أن نحب حقاً, علينا أن نتعلم كيف نسامح.
* قبل أن تتحدث، من الضروري أن تستمع.
توفيت الأم تريزا بسلام بعد حياة طويلة ومثمرة. وستبقى خالدة في ذاكرة الإنسانية, وستكون قدوة للكثير من الإنسانيين.
صدقا لا أشعر بالحزن على رحيلها, حيث مضى وقت طويل لرحيلها بسلام, لكنني
شعرت بالحزن على نفسي حيث فقدت روحها التي كانت تلهمني دائمًا كيف تحب وكيف تعطي وكيف تعيش وكيف تسامح!
شكرًا لروح تريزا على جعل العالم مكانًا أفضل للعيش فيه. بارك الله فيها كما باركت على الفقراء.
غالية محروس المحروس
تعليقات
إرسال تعليق