#خاطرة_الجمعة « الضمائر الميتة هي السبب !! » / ا. منصور الصلبوخ

 


#خاطرة_الجمعة « الضمائر الميتة هي السبب !! » 

 اقترب رجل من أحد الفلاسفة وسأله: 

أيها الفيلسوف من هو الرجل الذي يستطيع أن يعيش حياته بهناء؟ تبسم الفيلسوف وقال: أنه ذلك الرجل الذي لا ضمير له !!  حقًا إنه الضمير .. ذلك السر الخفي الكامن في أعماقنا والذي لا يوجه الأوامر الصارمة ولا النصائح القاطعة بل أنه يشعل في داخلنا النار عندما نقدم على عمل يخالف إشاراته وانواره، أنه القاضي الكامن في ذواتنا، يستقبل بدقة متناهية كل أعمالنا، فتراه يوافق أو يحتج أو يهتاج غضبًا، ويوجه اللوم بلا كلمات ويشد على اعصابنا، أو قد يمسح باصابعه الحريرية الدافئة مسحة الرضى والسرور، وقد ينشب اظفاره الدامية التي تورث القلق والاضطراب .

يروى في الأساطير أن حاكمًا عادلًا كان يحكم دولة، فتح ابوابه للناس لشكاويهم وهمومهم، وقد جاءه يومًا رجل واستمع إلى قضيته، وأمر الحاكم مساعديه بحلها، وبعد سنوات جاء الرجل إلى الملك بقضية أخرى .. واستمر على ذاك وفي كل مرة يُستجاب لطلبهِ، وبعد مرور عدة سنوات جاء نفس الرجل إلى الحاكم ولكنه في هذه المرة كان مخفورًا، فقد امسكت به الشرطة في قضية احتكار ليجني من قوت الناس أرباحًا فاحشة، هز الحاكم رأسه وقال غاضبًا وموجهًا خطابه للرجل: في المرة الأولى جئت إلينا فاقدًا ولدك فاعدناه لك، وفي المرة الثانية فاقدًا أموالك فأعطيناك بدلًا عنها، وفي المرة الثالثة جئت إلينا فاقدًا صحتك فجمعنا لك الأطباء حتى عادت إليك .. والآن جئت إلينا فاقدًا ضميرك وسنرى ما يجب عمله. جمع الحاكم حكماء الدولة وأهل الرأي فيها وطلب منهم أن يعيدوا الضمير إلى الرجل، فكر الحكماء طويلًا وتشاوروا فيما بينهم ثم جاؤوا إلى الحاكم وقالوا له: يا مولانا أن ما تطلبه منا ليس بالأمر السهل، كل شيء يمكن تعويضه أو استرداده، فالخسارة تعوض بالعمل، والصحة تكتسب بالأدوية، وحتى اليأس يزول بالأمل والحب والتفاؤل .. كل شيء يا مولانا يمكن تعويضه إلا الضمير. فمن يفقد ضميره لا يمكن لأحد أن يعيده إليه. أجل كل شيء يمكن تعويضه إلا الضمير .. أصبح في هذا العصر أصحاب الضمائر الحية قلة وهم لا يعرفون غير الشقاء والتعاسة في حياتهم مصابون بـ " علل الضمير " واما الأغلبية فقد استبدلت القاضي الداخلي بمحام ذكي له خبرة وحنكة يدافع عن المصالح الشخصية ويحاول إسكات القاضي الداخلي وإبطال أحكامه. ومهما قل .. ومهما كثر القائلون من حملة القناعة بما يقال .. فإن الضمير يبقى ابدًا حتى في أكثر الناس اجرامًا يؤرق في الليل ويعذب في النهار .. 

أنه الضمير بوصلتنا الذاتية ترشدنا وتوجهنا إلى السلامة العامة والشخصية، وإلى مواقف العز والانفة والإباء، وتملي علينا افعال الخير والحق والجمال، أن صوت الضمير أعلى الأصوات، وحكمة أصدق الأحكام وأرقها، إنه أعظم كتاب للأخلاق نملكه في قلوبنا .. ويمكن لأحدنا أن يخدع العالم لكنه لن يخدع ضميره.

بعضنا قد يقع ضحية لغدر وخداع، وابتزاز من بعض أصحاب النفوس المريضة الذين لا هم لهم سوى جمع المال بأي وسيلة كانت ولو بطرق غير مشروعة وعلى حساب الناس الضعفاء .. من حين لآخر تطالعنا الأجهزة الرقابية بحملات مفاجئة لمنشاءات غذائية وصحية، موثقة بتقارير رسمية عبر مقاطع فيديو، تنشر عبر وسائل الإعلام من جهات معنية بمكافحة الغش التجاري، 

تصلنا تلك التقارير والتي تكشف لنا قضايا غش وتضليل وخداع وكل ما في هذه القائمة المقيتة، هذا الأسلوب المذموم والمحرم في كل الشرائع للحصول على المال والثروة بأسلوب سهل، هكذا يعتمد أصحاب الضمائر الميتة دون اعتبار لما يدفعونه من ثمن أخلاقي على حساب أخرين.

منها دجاج فاسد، ولحم مغشوش، وأغذية منتهية الصلاحية، ومنشآت لا تتقيد بالضوابط الصحية .. بالإضافة إلى أسعار فاحشة .. كل يوم جديد تزداد قائمة التجاوزات والمخالفات الصحية، والنتيجة حالات تسمم عديدة. هكذا حال بعض من باعوا ضمائرهم، لا يهمهم صحة انسان، ولا يضبطهم دين، ولا يردعهم قانون، نقول لهؤلاء شكرًا فكله تمام التمام ولا داعي للخوف من أي ضجة تفتعل أو غرامات مستحقة، فالأغذية صالحة وآخر حلاوة فلا غش ولا تسمم ..!!! وكيف نتسمم وهناك مثل هؤلاء الذين لا يهمهم الا الجيب والمال وما علينا بعد هذا إلا ان ننام ونحن ندعوا لهم بالهداية والصلاح وان يقعوا بيد القانون حينما يوفرون غير الصالح من الدجاج والأبقار الحية أو الميتة، مفرومة ومشكلة، مجمدة ومبردة أو غيرها بأسعار معروفة، !!!

نأسف لما وصلت البشرية إليه من معاملات غير إنسانية، أطلب من الجميع الانتباه وأن يحذروا من أمثال هؤلاء النصابين ولا يغتروا بالمظاهر البراقة، فليس كل ما يلمع ذهبًا .

-- اللهم وفقنا لعمل الخير، والاستمرار فيه، والتأييد والعصمة من الوقوع في المعاصي والذنوب، واستشعار اللذة والأنس بالقرب من الله عز وجل والشوق إليه، وإلى موتانا وموتى المؤمنين والمؤمنات الرحمة والغفران يارب العالمين والصلاة والسلام على نبينا المصطفى خاتم الرسل محمد عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين .

 طابت جمعتكم بالصلاة على محمد وآل محمد. 

 _________

-- نحن نسأل هل قلة الوعي أم هذه الضمائر المختومة بالشمع كل هم أصحابها جمع الأموال، وإن كانت على حساب الأبرياء من الناس، 

محبكم/ منصور الصلبوخ.


تعليقات