(2) هل تكرهينه لتخلعيه؟ / الشيخ حسين البيات

 


(2) هل تكرهينه لتخلعيه؟

قالت لاختها ان طباع زوجها تغيرت كثيرا واصبح يسهر كثيرا خارج البيت مع أصحابه ولا يريد ان ينفق على بيته وانا تكفلت بكل مصاريف البيت ولم يعد يكترث بنا كثيرا، وكثيرا ما يعنفني بالكلام امام أبنائه حتى وجدت نفسي غير قادرة على تحمل تصرفاته وسلوكه.

قبل يومين اخبرني انه قرأ مسألة شرعية أصبحت فيها ناشزا لا استحق النفقة فقلت له لم اقصر معك بشيء واذا كنت ناشزا فهل ابناؤك ناشزون أيضا لتتوقف عن النفقة عليهم؟

لكنني يا اختي ان لم يُصلح حاله فسوف اطلب منه الطلاق وان رفض فسوف اخلعه لانني لا اطيق الحياة معه.

بعد شهرين من الجفاء والتوترات قررتْ ان تطلب منه الطلاق فرفض فقالت له اذن سوف اخلعك وهذا مهرك جاهز فلم اعد اطيق العيش معك.

قال لها: انا اعلم انك لا تكرهينني فكيف تخلعينني؟ وعدم طاقتك للعيش معي كما تقولين لا يعني انك تكرهينني ويشترط في الخلع بلوغ الزوجة في كرهها لزوجها حدّاً يحملها على تهديده بترك رعاية حقوقه الزوجيّة وعدم إقامة حدود الله تعالى فيه، وانا اعلم انكِ لا تكرهينني الى هذا الحد ومازلتِ تودين الحياة معي،

اذن ما سبب جفائك وعدم نفقتك عليّ وعلى ابنائك ؟

قال: لانني سئمت من كثرة خروجك دون اذني وبقاءك خارج البيت الى وقت متأخر –فقاطعته وقالت له وانت تسهر أيضا؟ فاجابها: انا اذا سهرت فانا رجل واما المراة فيتوجب عليها ان تبقى في بيتها ولا تخرج دون اذن زوجها ويكفيك خروجك الطويل للعمل الذي لا ارغب في بقائك فيه.

نعود للقصص التي تحاكي الواقع وهذا حوار يتكرر في البيوت التي يغمرها التوتر التدريجي وتتراكم المشاكل ويصلون الى اعلى مراحل التوتر فتنفجر تلك المشاعر المتراكمة لتسد كل طريق للإصلاح وكأنما غاب كل طريق لاعادة الحياة لتلك الاسر، ويظهر بعضها بشكل مفاجيء قد يفطن كلا الزوجين الى أسبابه فيحاولان معالجته منذ بدايته، وفي كلتا الحالتين قد تصل المشكلة الى نقطة اللاعودة وعدم قبول بعضهما البعض،

ولو وجدا شخصا موثوقا يجمع بينهما لعادا الى مودتهما سريعا، وهذا ما يدعونا لاعادة التأكيد على وجود مراكز الاصلاح.

اصبح الخلع احد أسباب تأخر الشباب عن الزواج وتحول الى هاجس نفسي يضاف الى كمية التوترات النفسية المتراكمة وتاثير العمل بانشغالهما عن بعضهما البعض وعدم حصولهما على التغذية العاطفية بالبيت يجعل الشباب مترددا،

واذا اضفنا دخول عنصر مؤثر جدا وهو قدرة الزوجة على الانفصال بطلب الخلع بفدية تقدمها قد يكون مهرها او اكثر او اقل، مادامت تملك عملا وراتبا يحقق لها الاستقلال ثم يذهب كل منهما في حال سبيله، ويصبح الأولاد تدريجيا عطشى الى عطف والديهم او الشعور بالطمأنينة والاستقرار بوجود ابوين سعيدين يحوطانهم برعايتهما.

(وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ).

ولعل ما ينبغي الالتفات اليه انه: (لو طلّقها بعوض مع عدم كراهتها له لم يصحّ الخلع، وان لا يكرهها على بذل الفدية بل يكون باختيارها كما يشترط فيه شروط الطلاق من كونها في طهر لم يواقعها فيه مع وجود شاهدين عدلين) 

ولو ذهب الشيطان عنهما ووجدتْ انها تستطيع ان تعيش معه وتعود الحياة الزوجية الى مجاريها فانه يمكنها العودة له فيما بذلت ما دامت في العدّة فإذا رجعت ولو في بعض ما بذلته كان له الرجوع إليها ما لم يكن هناك مانع شرعي.

ختاما اذا كان هناك طريق لحل المشكلة بالانفصال فهناك طرق كثيرة لاصلاح المشكلة بالعودة الى دفيء حياتهما الاسرية ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾

يتبع...


تعليقات