أبو الفضل العبّاس بن علي بن أبي طالب عليه السّلام....
شخصيّةٌ عظيمةٌ في معنى العلم، والحلم. والّصلاح ،ونفاذ البصيرة، والشّجاعة، والإباء ،والتّفاني لأجل الدّين.
فقد قال فيه أمير المؤمنين عليه السّلام:
إنّ ولدي هذا قد زُقّ العلم زقّاً.
ومع هذا العلم المخزون فمن النّادر أن نجدَ روايةً لأبي الفضل العبّاس في متون الكتب لأنّه قد أخفى علمه إحتراماً لأخويه الحسن، والحسين عليهما السّلام ، وتكفينا مقولة أمير المؤمنين عليه السلام فيه.
ولقد خصّ الله تعالى العبّاس عليه السّلام بالعصمة الصّغرى، حاله حال السّيدة زينب ،وعلى الأكبر عليهما السّلام ،والتي هي أدنى بالطّبع من العصمة الكبرى.
وممّا يستدل عليه ويستند اليه في عصمة العبّاس الصغرى والتي صدرت عن المعصومين عليهم السلام منها:
قول الإمام السجّاد عليه السلام:
"لقد كان عمي العباس نافذ البصيرة صلب الإيمان".
وفي الزيارة المخصوصة اليه عليه السّلام:
السّلام عَلَيْكَ اَيُّهَا الْعَبْدُ الصّالِحُ الْمُطيعُ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلاَِميرِالْمُؤْمِنينَ وَالْحَسَنِ والْحُسَيْنِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ،
وقول الإمام الصادق (عليه السلام) في زيارته للعبّاس (عليه السلام) حيث ورد في هـذه الزيارة : (ولَعَنَ اللهُ أُمّةً استَحَلَّت مِنكَ المحَارِم وانتهكت في قتلك حُرمة الإسلام)(. كمـا ورد نظير ذلك بالنسبة إلى الإمام الحسين(عليه السلام)
ولو تمعنّا هـذه العبارة (وانتهكت في قتلك حرمة الإسلام) لرأينا أنّ الذي
ُينتهك الإسلام بقتله لابد أن يكون شخصاً عظيماً منـزّهاً معصوماً ،إمّـا عصمةً كبرى كالإمام الحسين (عليه السلام) ،أو عصمةً صغرى كالعبّاس (عليه السلام).
وقول الإمام زين العابدين (عليه السلام) حيث ورد عنه : (وإن للعبّاس عند الله تبارك وتعالـى منـزلةً يغبطُهُ عليها جميع الشهداء يوم القيامة) ، فمن هذا الذي يغبطه كـلّ الشهداء بما فيهم المعصومين أيضاً كالشهداء من الأنبياء ، فهذا الشخص لابـدّ وأن يكون مقامه مقام العصمة الكبرى أو أدنى منه قليلاً حتّى يغبطه المعصوم .
وهناك كرامة قد جسّدها الإمام الحسين عليه السّلام بخصوص أخيه العبّاس عليه السلام ، وهي خصوصية العبّاس بمقام ومشهد خاص به ليعرّفَ زوار الحسين بمقام العبّاس عند أئمّة أهل البيت لتفانيه في خدمة الدّين، وإعلاء كلمته وليس كما يُنقل بأنّ العبّاس أمر الإمام الحسين بأن يبقيه في مكانه خجلاً من زينب وسكينة عليهما
السلام لعدم تمكّنه من إحضار الماء للمخيّم في حملته الأخيرة.
وللعبّاس عليه السّلام خصائص عظيمة قد تجسّدت في يوم كربلاء وبعد يوم كربلاء:
ففي كربلاء كان عضداً للإمام الحسين عليه السّلام ،وكان حامل لوآئه .وهناك قصيدة قد قالها الشيخ كاظم الأزدي في شأن ابي الفضل العبّاس وعلاقته بالحسين :
يقال أنَّ الشيخ كاظم الأزدي وهو شاعر أهل البيت أنشد قصيدة في شأن أبي الفضل العباس قال فيها:
يوم أبو الفضل استجار به الهدى ...
ولم يكمل هذا المصرع حيث رآه لا يتناسب مع شأن الإمام الحسين عليه السلام فكيف يستجير الإمام به؟ .
رأى في المنام الإمام الحسين عليه السلام قال له: يا شيخ أكمل البيت :
والشمس في كِدَر العجاج لثامها . فانهض إلى الذكــر الجميل مشمّراً * فالذكر أبــــقى مـــا اقــتنته كرامها
أومـــــا أتـــاك حـــديث وقعة كربلا * أنّى وقــــد بـــلغ الســــماء قـتامها
يــوم أبو الفضل استجار به الهدى * والشـــمس من كدر العجاج لثامها
فحمى عــــرينته ودمـــدم دونــــــها * ويذب مـن دون الشرى ضرغامها
والبيض فوق البيض تحسب وقعها * زجل الـــرعود إذا اكفــهرّ غمامها
مـــن بــاسل يلـــقى الكتــيبة باسماً * والشـــوس يرشــح بالمنية هامها
واشـــــم لا يــــحتل دار هـــضـــيمة * أو يســــتقلّ عــلى النجوم رغامها
أولــــم تـــــكن تــــدري قــريش أنّه * طــــلاع كـــل ثــــنية مقــــدامــــها
وايضا للعبّاس خصوصيّة لم ينفرد به غيره وهي:
تقبيل يده من ثلاثة من الأئمّة المعصومين وهم:
الإمام علي عليه السلام بعد مولده وبكى لمعرفته لمايجريي عليهما.
الإمام الحسين عليه السلام في وقت مصرعه،
والإمام زين العابدين في وقت دفنه.
والعبّاس عليه السلام هو باب من أبواب التوسّل به الى الله لقضاء الحوائج وتيسير الأمور إذ أنّه قد حاز من الله على كرامة كبيرة وعظيمة بسبب وفآئه لسيد شباب أهل الجنّة عليه السلام واحياء كلمة الدّين :إنّي أدافع ابداً عن ديني وعن إمام صادق اليقين، فكان باباً للحوائج لايردّ سائله، ولا يخيب من يتوسّل به ،ويستجير به، فالعبّاس يجير من استجار به ،فالنتوسّل ونحن في هذا المقام بابي الفضل العبّاس عليه السلام، وهذه من كراماته بعد يوم كربلاء:
ياكاشف الكرب عن وجه أخيه الحسين عليه السّلام اكشف الكرب عن وجوهنا.
سلام الله عليك ياباب الحوائج .
ولا جعله الله بآخر العهد ياكريم
اللهم تقبّل منّا هذا اليسير وأسألكم الدّعاء
( علي حسن الخنيزي )
تعليقات
إرسال تعليق