#خاطرة_الجمعة « كيف نتعامل مع مجالس الذكر والاحياء؟ » / ا. منصور الصلبوخ


 #خاطرة_الجمعة « كيف نتعامل مع مجالس الذكر والاحياء؟ »

-- ترددت طويلًا قبل أن أقدم على نشر هذه الخاطرة، كون الوقت غير مناسب للنقد ونحن في أجواء حزن. وبالرغم من أن هاجس التردّد المقرون بعامل الوقت، إلا أن في نفسي شيئًا من ثقة أن هذا الطرح لن يضيع سدىً بإذن الله .. تسليط الضوء على بعض الممارسات الشاذة وطرحها للرأي العام عبر قنوات التواصل القصد منه الرغبة في تصويبها، وألتمس العذر ممن لم يرقُه بعض ما جاء فيها. والموضوع في رأي ذو شقين .. شق يتعلق بفتنة الشباب بالموضات .. وشق يتعلق بقدسية أماكن الذكر والاحياء . فإذا نحن أردنا أن نبحث أمر الموضات والتي اختلط على معظم الشباب أمرها وربما تعذر علينا مناقشة تلك الظاهرة بشكل مباشر فقد ينشأ عليها من يغضب من جراء تسميتها ميوعة أو خروجًا عن القيم الإجتماعية. لا أريد بهذا أن أحبذ كل سلوكيات الشباب وموضاتهم، ولكني أريد أن أقول إنه يتعين علينا أن نفصل بين الحسن الذي لا يتعارض مع قيمنا الدينية والاجتماعية وبين الرديء الذي يتعين أن نحلل نوع رداءته ومبلغ ما يستحقه من مقت لئلا يفسره غيرنا على أننا ضد التغيير . وأريد أن أقول اليوم أن بعض السلوكيات الشاذة التي نراها لدى الشباب فيها إهانة لكرامة مقدساتنا، وتستحق مقتنا أو أزدراءنا !! 

-- حضورنا المجالس الحسينية وأماكن العبادة يجب أن تخضع لضوابط وآداب تحافظ على قدسيتها، من حيث الطهارة والنظافة وحسن المنظر والمظهر، وحينما نرى شابًا في تلك الأماكن المقدسة يتخذ شكلًا خلاف الضوابط والتقاليد الإجتماعية كالشعر المنفوش والمدرج وغيرها من قصات الشعر الغريبة،ورسوم الوشم وموضة الملابس الممزقة والتي تكشف أجزاء من فوق الركبة، مثل هذه المظاهر والملابس لا تليق بقدسية الأماكن العبادية، نرى أن الخطر كل الخطر في أن تستفحل تلك الظواهر الشاذة في مجتمعنا بدليل ما نشهده اليوم من بوادر مظاهر خارجة عن قيمنا الدينية والاجتماعية، ماذا نفعل؟ أرى في بادىء الأمر أن نواجه الشاب باللطف والإقناع وإبداء النصح والتوجيه الصحيح له، وأن نعِّلمه كيف يحترم المكان الذي هو فيه، دون تعصب أو غضب أو التعرض لشخصه، وأن يكون ذلك بعيدًا عن عيون الناس؛ لكي لا نكرهه ونبعده من أماكن الذكر والعبادة .

-- إنك لتعجب من سلوك بعض المستمعين وهم في المأتم وأثناء قراءة السيرة الحسينية أو حتى كون الخطيب على المنبر، إذ يقومون بما يُنكر فعله مثل إشغال الفكر بشيء آخر غير التلقي والاستماع إلى مصيبة أبي عبدالله الحسين عليه السلام . 

إن من المحزن أن نرى بعض الظواهر تنمو وتكبر مردها أننا نعيش في عصر متخم بالمتغيرات، كمًّا أو كيفًا. فقدنا الحسّ المرهف وشفافية النفس والقلب الذي تغسله الدموع شوقًا، هل من المعقول والمنطق أن نرى أناس مستمعة يكثرون الكلام والضحك ورفع الصوت وتصفح قنوات التواصل وغيرها من الأمور التي لا علاقة لها بالحسين عليه السلام ونسكت؟! فكل تلك التصرفات إذا كانت بقصد فهي مرفوضة .. مرفوضة بقوة جدًا .. ولا يجوز السكوت عن خطأ مقصود ينتهك قدسية المكان ويلحق الأذى بالمستمعين، فنحن أنفسنا يجب أن لا يرضينا أي سلوك أو مظهر يسيء إلى مجالسنا الحسينية، ولدينا اليوم عشرات السلبيات إن لم يكن أكثر بحاجة إلى تنبيه أو لفت نظر من أصحاب المآتم أو المشرفين عليها، وعلى وعاظنا فوق المنابر يضيفون إلى نصائحهم وصايا تبين قدسية مجالس الذكر والاحياء. 

-- نرى جيلًا من الشباب - للأسف الشديد - اختلط عليهم الحسن والرديء، لقد خضعوا لسنن التغيير والتبديل ونشأ عليها من يغضب لتغييرها، فنحن من خمسين عامًا أدركنا القيم الدينية والاجتماعية التي تفرض على المسلم إحترام أماكن العبادة، فلا يجرؤ أي شخص الدخول تلك الأماكن وهو يرتدي ملابس لا تليق بقدسية المكان.

-- مع إطلالة كل عام جديد دأب الناس على إرسال عبارات التهاني والتبريكات عبر قنوات التواصل الإجتماعي، ونحن المؤمنون الموالون لأهل البيت عليهم السلام نستقبل عامنا الهجري بالأسى والحزن والحسرة ولبس السواد والبكاء والنحيب على ما حل بآل رسول الله صلوات الله وسلامه عليهم من بلاء وقتل وتشريد .. أتباع أهل البيت عليهم السلام يقتدون برسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك، ويسيرون على نهجه ولا يحيدون عنه قيد أنملة فقد استقبل صلى الله عليه وآله سبطه وريحانته الحسين عليه السلام، رغم أنه صلى الله عليه وآله كان ينتظر بفارغ الصبر ذلك المولود .. استقبله في غاية الأسى والحزن على ما سيحل به وبأهل بيته في كربلاء بعد أكثر من نصف قرن، وهذا يتطلب من المؤمنين أن يستقبلوا عامهم الهجري بالحزن والكآبة والأسى .. وغير ذلك السلوك هو خلاف لمنهج الرسول وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين .. لا أريد أن أقول أكثر من هذا .. فالكثير من سلوكياتنا بحاجة إلى إعادة النظر !!

-- نبكي ونذرف الدمع السخين على أهلنا وأحبتنا وأبناء مجتمعنا كانوا بيننا وأمام أعيننا وفجأة وفي غمضة عين غادرونا، اللهم أرحمهم وأجعل قبورهم خير مسكن تغفو به أعينهم حتى تقوم الساعة وارحمنا إذا صرنا إلى ماصاروا إليه. والصلاة والسلام على نبينا المصطفى خاتم الرسل وعلى آل بيته الطيبين الأطهار .

         ~ جمعة حسينية حزينة ~ 

_________

-- المجالس الحسينية أماكن مقدسة لها ضوابط ونواهي، فعندما نرى أشخاصًا يقومون في أيام عاشوراء بسلوكيات خلاف ما تعارف عليه الناس من قيم تمس بقدسية المجلس وكرامة المؤمن يضيق صدورنا فيما آل إليه حالُ بعض الشباب، كون تلك السلوكيات من الذنوب والمعاصي الموجبة للابتعاد عن ساحة القرب الإلهي.

نشارككم الأحزان والمواساة/ منصور الصلبوخ .

تعليقات