❗️هل هناك من يحلم بالمال والثراء❗️ / ا. غالية المحروس


 ❗️هل هناك من يحلم بالمال والثراء❗️

  بداية أود أن أنوه إن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية, وتأكد تماما أنا لا أتحدث هنا برمزية أو بمثالية, وقد أخطأ وأتجاوز في صياغة نصي هذا ولكني, أعدك أيها القارئ الكريم سأروض قلبي كي يهدأ من الخفقان, حتى أتمكن من مخاطبتك بهذا الشأن بإبتسامة, لأتجاوز الحرج من هكذا مقال حساس للبعض, وقد لا يستهوي البعض الآخر, إلى جانب إن هناك فئة قد تظن إنها المعنية والمقصودة هنا. سأبوح بما يعتلج في صدري. وعذرا مسبقا لحساسيته, حيث النص الذي بين أيديكم هو جزء من الواقع اليومي, قد أضع يدي على الجرح وأنا أناقشه, لي سؤال بديهي هل هناك من يحلم بالمال والثراء ولتكن طريقة الحصول عليه!؟ ولكن هناك قناعات حول المال تجعلنا في مد وجزر عند تعاملنا معه, ولقد قررت ومنذ  زمن أن أكون بلا مال أو ثراء! قد يشغلني عن نفسي وروحي حيث لا أرغب أن تكون روحي مؤجلة.

 هنا أسئلة تتزاحم في ذهني فلا أجد لها جوابا شافيا, وما أسهل أن أخاطبك بلغة الجمال وبعيدا عن المال ولأبعد عنك كل قلق وتوتر بهذا الشأن.  هناك مقولة تتردد: قل كم تملك من المال أقل لك من أنت! ولعل الجواب قد يفصح عليها علامات ودلائل توحي عن معرفة من هم أصحاب المال!؟ فإذا كان المال يضع أشياء كثيرة على أطراف الأصابع فإنه أيضا هو الذي يجعل أشياء أكثر تلتف حول الأعناق, من منا لم يقرأ الآية القرآنية الكريمة في سورة الفجر بسم الله الرحمن الرحيم" وتحبون المال حبا جما" صدق الله العلي العظيم.  ما سأكتبه الآن هذا ما رأيته ولمسته وعشته من قصص الإحتيال لنيل المال دون وجه حق , ولعلني فقط أعبر عن هموم الذات وهموم البعض!

  لقد أصبح المال ظاهرة اقتصادية ونفسية واجتماعية, فاللهاث  خلفه لا يجني منها المرء إلا ضياع الوقت والصحة وأحيانا حتى السمعة ايضا, وقد يتعرض لها صاحبه الذي يجعل ثروته جزء من هويته وهوايته, وتتمكن منه مشاعر التعب والقلق من فقدان ثروته, إلى جانب إن تفكير الثري بطريقة مختلفة عن الطبقات الأخرى, فلماذا لا نتحكم في مالنا ونقتنع بما لدينا وبنفس الوقت لا ننسى نصيبنا في الدنيا, وبلا شك إنها إحدى المتع الحلال والمباحة عند الله سبحانه وتعالى. هناك من يقول بالمال نستطيع شراء كل شيء, ولكن إذا مرضت هل تتمكن من شراء صحتك بل تتمكن من شراء الدواء مهما غلا ثمنه دون ضمان استرداد الصحة! لا علينا من ذلك فالمال وسيلة فإن أصبح غاية طغى على جوانب الحياة كافة.

 ولقد أصبحت هموم الأغنياء والأثرياء تمثل واقعا  لا يحتمل الجدل, وأصبح أمرا مألوفا أن نجد قطاعا واسعا منهم ميسوري الحال, ويمتلكون القصور والعقارات و يعانون من اضطرابات في الدورة الدموية وضيق في الشرايين, وتهاجمهم أيضا أمراض السكر والضغط وما إلى ذلك، بينما في الأساس يجب أن تكون تلك الأمراض بعيدة عنهم,  طالما لديهم القدرة المالية التي تحقق طموحاتهم وتطلعاتهم وتشبع أطماعهم ورغباتهم, وإلا ما فائدة المال هنا وهل يعادل المال الصحة !؟  لقد أصاب الناس في هذا الزمن بإبتلاء حب المال, و هي نزعة متطرفة غير عادلة ترفع من شأنه ونفسه وتسقط مالكه في بئر من الهموم, فمن غير المنطق أن يصبح المال هدفا وغاية أساسية لكل سلوكياتنا, وليس ضروريا أن يكون حلا بل قد يكون مشكلة, حيث إن ثمن التمتع بالثروة ليس أفضل كثيرا من العيش فقيرا ونزيها وراضيا, وقد يتمتم أحدنا قائلا إن المال متعة من متع الحياة, ولكن ينبغي أن نعرف تماما كيفية التعامل معه  وبجمعه وبصرفه, وإلى أي مدى يكون مستعدا للتضحية من أجله.

 نعم البعض يقضي معظم سنين عمره في جمع المال بحثا عن الثراء الفاحش, عله يكون سعيدا في شبابه وشيخوخته, ويذهب شبابه في لحظات سعيدة وتهاجمه الشيخوخة دون الحصول على حاجته من السعادة من خلال ماله, وهنا حقيقة واحدة غير قابلة للاستيعاب ألا وهي إن المال ليس كل شيء, لا أنكر إن وجود المال يشعر المرء بالأمان بالإكتفاء بالإمتلاء وبالقوة, ولا أحد يرفض المال أو يكرهه ولكن ما أرفضه في المال هو أن يعتبره الناس كل شيء في الوجود, حيث لا يمثل الكمال في حياتنا, فالمسألة نسبية بقدر احتياجك تزداد حاجتك.

 منذ فترة طويلة قرأت قصة لفتاة سعودية ترك لها والدها المتوفى مالا, نعم مالا خياليا وكبيرا لدرجة تكفي لإسعاد مئات البشر, ولم تكن حينها سعيدة بثروتها التي تقدر ثلاثة وتسعون مليون ريال, حيث هناك أطماع من حولها من أسرتها وأعمامها الذين رفضوا إعطائها حقها, والأدهى حرمانها من الزواج خوفا على تلك الثروة أن تتمتع بها مع أولادها وزوجها لو تزوجت, هذه القصة موجودة في إحدى المجلات القديمة بالتفصيل, والآن هل المال مصدر سعادة بل هناك أسمى من ذلك القناعة والرضا.

 أدرك تماما إن كنوز الدنيا ترتبط بالمال كمقياس ومعيار لها دون قانون دون إلزام أو إكراه, فلا يمكن أن يجبرك أحد أن تتنازل عن أموالك وثروتك بأي شكل! حيث تجربتي مع عدم رغبتي بجني المال جعلتني أتيقن عن ثمة أفاع في المجتمع, وأنا أتحدث من خلال تجربتي الشخصية أقول ذلك بتحفظ وخجل واحترام  وأنا امرر تلك الكلمة.

أعتذر حيث لا أريد أن يقتل المال الجانب الإنساني لدي ويشوه قناعاتي, هناك أمور وسلوك ومبدأ إنساني نمارسه دون أن نستخدم فيه المال, وأعتذر ثانية هذا هو رأي الخاص بي وفي شخصيتي مؤمنة بما ذكرته هنا, وأكيد الجميع يدرك إن المرء هو من يصنع المال وليس المال من يصنع المرء! لأن المال عندما يسيطر على عقلية الإنسان وفكره يصبح ذليلا وأسيرا له, ويكيل كل شيء بميزان المال ولا يقيم أي وزن للمشاعر والأحاسيس والعلاقات مع الآخرين، ويصبح بخيلا ومتبلدا فإذا زال هذا المال تحولت حياته إلى جحيم ونار, وأصبح في نظر نفسه إنسانا بلا قيمة، لان قيمته في الأساس من قيمة المال وهكذا وضع نفسه في الإطار المادي البحت والعياذ بالله, لعن الله عبد الدرهم ولعن الله عبد الدينار.

لا يسعني إلا أن اذكر هنا بأن إحدى هواياتي ومنذ سنين طويلة جدا, جمع العملات القديمة والنادرة من بلاد عربية وأجنبية دون غاية الربح واحتفظ بالكثيرالكثير منها, وأيضا لدي أعداد خيالية من أوسمة الشكر والحب والتقدير من طالباتي العزيزات وجهات رسمية ومن مراكز وجمعيات عديدة قدمت دوراتي الإنسانية عندها, فاحتفاظي بذكرى العملات القديمة ذات القيمة الثمينة من ورق ومعدن,لا يعادلها الاحتفاظ بذكرى تلك الأوسمة والدروع وشهادات الشكر في ذاكرتي وقلبي, عندما ألمح بعضها يجعلني أشعر بثرائي الحقيقي بعيدا عن المال حيث يومي سعيدا.

  ومع القصص والحكايات والمواقف لا زلت غير ناكرة, بأن المال يحقق قدرا ما من السعادة الجزئية الوقتية والقابلة للزوال والدوام لله, وكم تكون الحياة قاسية وصعبة حين تضعنا في المفاضلة والاختيار, وحتما لابد من اتخاذ القرار. ونحن من ندرك تماما إنه لا يمكن للمرء أن يحتفظ في يديه بأكثر من أثنين من الثلاث: الصحة والمال وراحة البال, وأنت وقناعاتك ماذا تختار! وكأننا نقول إن المال هو سر الحياة بدلا من إن الماء كان سر الحياة.

 وأخيرا

 بعد إنتهائي من النص, أحاول الإستنجاد والإستعانة بفنجان قهوة حيث شعرت إن النص يخنق أنفاسي فأشهق وأشهق ثم أستكين, لأتيح للقارئ بقراءة النص,ولعله يرفض هذا التصريح كعنوان لشخصه, وعذرا مني لعشاق المال وعزائي لهم كبير.   

 غالية محروس المحروس

تعليقات