❗️للإستياء لون آخر يترجم ويجسد مشاعرنا❗️ / ا. غالية المحروس

 



❗️للإستياء  لون آخر يترجم ويجسد مشاعرنا❗️

استيقظت اليوم بمزاج وبشهية للحياة وللتسامح وللكتابة, حيث حمل هذا النهار لي طعما استثنائيا لم أتذوقه من قبل, ولم أتمكن من الإختلاء بنفسي دون قهوتي, ولن تشاكسني تلك القهوة السمراء إن داهمتني الفكرة وأنا ارتشفها, حيث مررت بمرحلة استياء شديد وصوت يصرخ في داخلي وذهني, لأحاول أن أصيغ هذا النص بأجمل ما يمكن, ولأحلق سرا هنا رغم استيائي, فحياتي لها إيقاع خاص تسير بلا تملق و بلا قلق من اجل البقاء بسلام, فأنا إنسانة لا تحترف الإلتواء ولا ترتدي الأقنعة المزيفة لنيل إرضاء الغير, ولأبدأ بفكرة النص, وإن كان هذا النص لن يعيش إلا حين يمر به القراء.         

  ليس من عادتي الوقوف طويلا عند سقطات الغير, لكنني لمحت إحدى العزيزات فتذكرت مباشرة قولا عظيما لا يحضرني قائله: (الحقيقة, ليس أن البعض سيؤذيك, ولكنك وجدت فقط من  تتألم لأجلهم), ولمثل هذه المعرفة أو الصداقة التي تكون بلا نوايا طيبة! شعرت بالإستياء حين التقيت صدفة بمن كانت تتحدث عني وعن غيري بسوء وبزيف, وشعرت بالضيق ذاته يعاودني ولسان حالها لا يمل, وهي تسرد عني أحيانا بغباء, لمواقفها السابقة ووضعها الاجتماعي الأجوف, وتعجبت من نفسي وأنا احترم مشاعرها وأحيانا أواسيها بل أرثي لحالها, تراها إنسانة لا تتقن ولا تجيد إلا العبث والتجاوز والإساءة للغير دون حق مع مرتبة الشرف, حينها كنت أفكر: ربما ينقض علي ملك الموت فجأة وقلبي يحمل كرها عليها, ويسرح بي الخيال إنه لدي موعدا من زمن التسامح! هكذا أغفو لأجد ملك الموت يغادرني بسلام وأنا أتمتع بأخلاقي وتسامحي وحبي للجميع دون استثناء. كم تمنيت لو عرفت نوايا تلك الإنسانة منذ زمن بعيد! ربما أدركت حينها كيف أتعايش مع إسقاطاتها وأحذر من أساليبها بتحفظ, حتى لا أشعر بالإستياء من بعض تجاوازتها الدائمة معي ومع البعض.       
 وهكذا عندما لا يكون للغضب مخرج ولا منفذ, فإنه يمكن أن يتحول إلى إستياء ويمكن أن يسبب لنا اضطرابًا وإيلاما كبيرًا.  حيث الغضب, عندما يتم توجيهه إلى السعي للتغيير, يمكن أن يكون أداة إيجابية لمشاعرنا.  وقد يشعر معظم الناس بالغضب,  وبعضهم أكثر من غيرهم.  وقد يتحول الغضب إلى إستياء فإنه يحمل في طياته القدرة على التسبب في اضطراب كبير لنا, إن السماح لنا بإلقاء اللوم على الألم الذي نشعر به غالبًا ما يخففه, لكنه يخلق الإستياء, الذي يميل إلى القهر مما يؤدي إلى تآكل راحة البال لدينا. إن هدف استياءنا يزداد شرًا في أذهاننا, ونحن نأسف على اليوم الذي واجهناه فيه لأول مرة! لكن الإستياء هو مجرد لون آخر يترجم ويجسد عواطفنا,  وبالتالي فهو ضمن نطاق سيطرتنا على ردود أفعالنا لنحافظ على توازننا, رغم مدى الألم الذي أثاره الحدث والألم من ذلك الشخص.

 إن استمرار الاستياء في قلوبنا لا يخدمنا بأي شكل من الأشكال. فإن التمكن في تجريد أنفسنا من مشاعر الاستياء قد يكون أمرًا صعبًا, حيث القيام بذلك يجبرنا على مواجهة المصدر الأصلي للغضب ذهنيا وعاطفيًا. عندما نتوقف عن إلقاء اللوم, ندرك أن حاجتنا لتحميل شخص ما أو شيء ما المسؤولية عن مشاعرنا قد أضرت بنا. لقد ظننا أننا نتعامل مع الأذى الذي يصيبنا, بينما في الواقع كنا نتمسك بهذا الأذى بقبضة الغضب الخفي.  وللتخلص من الاستياء, يجب علينا تحويل انتباهنا من أولئك الذين نستاء منهم, إلى أنفسنا من خلال التركيز و التفكير في احتياجاتنا الخاصة واهتماماتنا.  ولعله يساعدنا على تهدئة مشاعر الإستياء من خلال إعطاء شكل ملموس لمشاعرنا. ولعلني أحاول بكتابة مشاعري ثم أمزق الورق, وأنهي استيائي بالتمني لها بالهداية والصلاح والتوفيق.  وهكذا عندما تجد التسامح و الرحمة في قلبك،  حينها ادرك تماما أنك في طريقك إلى الشفاء الذاتي.

 وبعيدًا عن الاستياء, لدينا الكثير من الطاقة والإهتمام لنكرسه لتطويرنا الشخصي. يمكننا ملء الفراغات التي خلفتها وراءنا تلك الاسقاطات والتجاوزات, بالتسامح والحب غير المشروط. ونتيجة لتحررنا اللاحق من الإستياء, يمكن أن تدخل الراحة والسكينة حياتنا مرة أخرى. وذلك بهدم الجدران التي بنيناها لإحتواء غضبنا واستيائنا من البعض. وعزاؤنا  الشديد  للمتجاوزين على الغير. 

 غالية محروس المحروس

تعليقات