#خاطرة_الجمعة «كيف تحترم أراء الآخرين؟»
في أية مناقشة ومهما كان موضوعها، أنه ينتظر إلى أن يدلي كل واحد بدلوه ثم يأتي هو في النهاية بقول يخالف فيه الجميع، ولا أقول أن هذا اتجاه غير صحي أو غير مقبول في النقاشات وتبادل الآراء، وأنها لا تثير حمية النقاش وصراع الآراء. لكن هناك أفكار وتحليلات يمكن أن تبنى عليها الحلول ولا تؤدي إلى إقفال جميع الأبواب.
الناس ليسوا سواء، حتى لو خرجوا من رحم واحد، وعاشوا تحت سقف واحد، فهم يأتلفون في شيء، ويختلفون في أشياء، ومن ثم، تتباين أنماط سلوكهم تبعًا لذلك. إذن، فمن الخطأ الاستدلال برأي واحد أو وجهة نظر واحدة.
ليس من شك في أن مشكلة المشاكل التي تعانيها مجتمعاتنا؛ هي الإختلاف في تشخيص قضايانا الاجتماعية، وما يمنع الناس أن يختلفوا في الرؤية والرأي دون أن يبالغ كل مختلف في تقدير ما انتهت إليه اجتهاداته الخاصة إذا كان مخلصًا بحق بوجهة نظره لا لشخصه، ثم .. ما يمنعنا أن نستفيد من إبداء الرأي وتقديم الحلول العملية والإقتراحات إذا كانت تصب نتائجها إيجابًا في المصلحة العامة.
ولكي نصل إلى الغاية لا بد أن نتعامل مع طرح الآراء بشفافية وعلى أسس علمية وعقلانية هادئة من أجل الوصول لأحسن الأفكار، والبقاء للأقْوم والأقْوى والأصلح، وبالتالي النظر للأمور في إطارها الصحيح .
الناس عادة يتقبلون اختلاف الرأي في موضوعات وظواهر اجتماعية وسلوكية تعالج شؤونهم وتتصدى لمشاكلهم، لكن هناك مبادىء ومسلَّمات تقوم عليها قضاياهم الإجتماعية لا يستطيع أي شخص أن يعبث بها.
من المؤسف حقيقة أن نرى فريق من الناس لا همَّ لهم إلا الانتقاد وافتعال الأحكام وأنصاف الحقائق ( لا يعجبه العجب ) فلا شيء يمر من أمامه دون أن يصدر أحكامه وتحليلاته الناقدة، يبدع في قراءة ما بين السطور وما وراءها واكتشاف نقاط الضعف حتى في أعماله، ينتقد حتى نفسه عندما لا يجد من ينتقده. هو في المجالس يقف على كل كبيرة وصغيرة، وعلى كل عبارة ومفردة، مستعد للخوض والحديث في أي موضوع محلًلا لأعمال الآخرين وأفكارهم مبينًا عيوبهم ونواياهم السيئة، حتى عندما يكون عملًا مفيدًا لا بد وأن يجد له تفسيرًا يتحول معه ذلك العمل المفيد إلى عمل غير صالح، هكذا هو دائمًا يقول ما شاء كيفما شاء ويبدي رأيه في كل شيء كونه يدّعي أنه من أصحاب الرجاحة والثقافة العالية وقادرًا على تصيّد المآخذ والعيوب،
لا يكترث بآراء الآخرين، ولا بوجهة نظرهم، ولا يحسب حسابًا لقيمة ما يبدل من جهد ومشقة، يرى أفكاره إيجابية مخفية عن الآخرين. هذه الأفكار في حقيقتها أفكار سلبية نابعة من ذهنية ضيقة لا تتسع لفهم الآخر، لا يريد أن يرى أي جانب غير الذي يريد أن يراه أو يتصوره، فالحكمة ليست حكرًا على أحد، والرأي السديد يمكن أن يكون في متناول كثرة من الناس، والحق أننا هنا إزاء إسقطات فكرية مع الأسف الشديد هكذا يعيش البعض - التمسك دائمًا بفكرة الرأي الواحد أو الحلول الجاهزة مسبقة الصّنع، فلا تكن منهم.
أحمد الله عز وجل كثيرًا على نعمة العقل، أنتفع به وأنفع، وأسأله العافية لمن ترى ..!!
[ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ، وَارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً، وَاجْزِهِمَا بِالإِحْسَانِ إِحْسَاناً، وَبِالسَّيِّئَاتِ غُفْرَاناً، اللهُمَّ اغْفِرْ للمُؤمنينَ والمُؤمناتِ الأحَياءِ مِنهُم والأمّواتْ، وَتَابِعْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بِالْخَيْرَاتِ ..]
~ طابت جمعتكم بالصلاة على محمد وآل محمد ~
________
-- العجيب من الإنسان أنه يتشاغل عن محاسبة نفسه ومراقبتها بملاحظة أخطاء الآخرين ومراقبتهم، والتحدث عن عيوبهم ومساوئهم، يقول الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام:
« فحاسب نفسك لنفسك فإن غيرها من الأنفس لها حسيب غيرك » نهج البلاغة، خطبة رقم ٢٢٢ .
محبكم/ منصور الصلبوخ.
تعليقات
إرسال تعليق