#خاطرة_ الجمعة « العش السعيد »
« لا يمكنني العيش مع هذا الشخص، لقد نفذ صبري » ، « لن أضيع مستقبلي مع هذا الرجل، إنه لا يستحقني » ، « لا يمكنني أن أكون أفضل مما أنا عليه، لقد أنفقتُ كل ما عندي » عبارات السخط والتذمر كثيرًا ما نكررها في علاقتنا الزوجية، أصبحت مألوفة بغض النظر عما إذا كان تكرارها لغرض التنفيس وقسوة الأيام، أم هي واقع حال !! مثل تلك العبارات تجلب المشكلات للحياة الزوجية، وقد تجرفها في النهاية إلى أسوأ حال.
كانت المرأة أيام زمان على درجة كبيرة من البساطة والطيبة أعلى بكثير مما هي عليه المرأة هذه الأيام، حتى الحياة نفسها كانت أقل تعقيدًا وأكثر سلاسة من حياتنا الحاضرة .. تمر الأيام وتكر السنون وتتغير وسائل الحياة وطرق المعيشة كما تتغير السلوكيات والنظرة إلى العلاقات الزوجية تبعًا لذلك، فالمرأة في هذا الزمن تتطلع إلى الرجل صاحب المال والجاه، وليس إلى شخصه وأخلاقه، ومن كانت على هذه الشاكلة فهي تدفع نفسها إلى إحباطات وقلق وكآبة، فقد قضت سنة الحياة بأن المال يذهب ويجيء، والمنصب قد يسحب كالبساط في أي لحظة، فلا يبقى سوى السيرة الطيبة فهي الإرث المبارك .
وفي ظل معطيات عصرنا الحالي، لقد فرضت المرأة نفسها على عصرها فرضًا عادلًا ومنطقيًا، وخرجت المرأة لسوق العمل، وأصبحت تشارك الرجل عن تحمل المسؤوليات المادية والمعيشية، ونتج عن ذلك صورة المرأة العصرية التي تسير وفق مزاجها وتفكيرها، وهنا قد تحدث خلافات بسبب هذا الأمر .
إن قصر النظر لدى الزوجين - للأسف الشديد - ليس خاصًا بتقدم أحد الزوجين في العلم والفكر والثقافة وليس خاصًا بالفارق العمري، إن قصر النظر هذا مرض موجود في كثير من مجالات الحياة ومنها تحول العلاقة الزوجية إلى أنانية أو قمعية استبدادية، لدرجة إستحالة تحمّل أحد الزوجين تلك التصرفات الاستفزازية، ولأن نتائجها لا تعرف في كثير من الأحيان إلا بعد فوات الأوان.
كثير من الخلافات التي تحصل بين الزوجين يمكن تسويتها بالتعقل، والابتعاد عن التشنج والعصبية والتجريح الشخصي للوصول إلى عقلنة الخلاف، فالقدرة على الإصغاء، والصبر، والهدوء عوامل تساعد الزوجين على التفكير السليم.
قطيعة الزوج مع زوجته، دون أن يكون هناك هامش للتفاهم يتعارض مع مبدأ الحوار المتزن للوصول إلى حياة مستقرة، فماذا يبقى لهما من مساحة؟! وبعد، كيف يتصرف الأهل عندما يحدث خلاف بين الزوجين؟ لابد أن يتفهم الأهل أن انفصال الزوج عن زوجته يترتب عليه ضياع أسرة بكاملها، فالأهل الواعون والمتفهمون على قدرٍ واسعٍ يستدعي منهم مقاربة التباعد في وجهات النظر وإرجاع الأمور إلى مجاريها. وحين يلجأ الزوجان إلى فض نزاعهما إلى جهة محايدة تتمتع بشكل خاص بالإحترام والثقة من الطرفين، أمر مهم وضروري لعودتهما ولم شمل الأسرة. وإذا كان هناك من علاج لمثل هذه الأزمات يمكن أن ينصح به، هو ما طرحه الشيخ حسين بن علي البيات حفظه الله.
بأعادة تفعيل لجنة الاصلاح في جمعية القطيف الخيرية، وحسنًا فعل، لقد تم إقرار اللجنة في جلستها الأخيرة - حسب إفادة الشيخ الجليل - وقد تواصلوا معه وأخبروه بالقرار.
إن السعادة والاستقرار الزوجي الذي يحلم به كل شخص يفكر في الزواج، هي أن تكون علاقته بزوجته في حالة زواجه، علاقة فيها قدر من حرية الحركة والتفكير والشعور؛ بحيث لا يفرض نفسه على زوجته في كل لحظة، كما أنه لا يريد أن تفرض الزوجة نفسها عليه بنفس الطريقة، وقد يخطر في بال البعض أن وجود مثل هذه العلاقة تعطي الزوجان قدر من الحرية الشخصية على حساب الدين والأخلاق والأعراف الإجتماعية، لكن الحقيقة التي تغيب عن البعض وهم ينظرون إلى مثل تلك العلاقات بازدراء ودونية، أن العلاقات الزوجية لابد أن تحكمها ضوابط تنضوي تحتها تعاليم الدين والمبادىء والعلاقات الإنسانية.
إن جل ما يتمناه كل رجل من أعماق قلبه هو امرأة يمكن أن يسر إليها بكل شيء، ويلجأ إليها في تعبه، ويحمل إليها جميع عثراته وآماله .. ما يحدث في مجتمعنا من تخبط في كثير من القضايا الشائكة والهموم والأزمات سببها متطلبات الحياة العصرية.
يحتاج كل منا التأمل والابتعاد بقدر الإمكان عن المشكلات اليومية التي قد تشغل الذهن وتشتت المشاعر، فالزواج بقدر ما هو سعادة وهناء واستقرار، لا يخلو من لحظات أعياء ومتاعب .. وعلى الرغم من ذلك نرى بعض الزيجات تنعم بحياة هادئة وهانئة يسودها الكثير من الحب والطمأنينة. فما أحوجنا اليوم إلى مثل تلك البيوت الدافئة التي تتوهج بالسعادة والاستقرار الزوجي تضفي على وجوه ساكنيها ظلال هادئة، فهذه البيوت ستفتح دائمًا بأزاهير جميلة، وتتغنى بأنشودة المحبة الخالدة.
بقي قول موجز - ككل ما تقدم - الحياة الزوجية، الرباط المقدس والملاذ الآمن الذي يجمع بين عاطفتين، ويوحد بين نفسين، علاقة إنسانية تقوم على أساس المحبة والمودة والرحمة والإحترام المتبادل، لتمنح كلا الزوجين الراحة والطمأنينة والاستقرار الزوجي، كما قال الله سبحانه وتعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}. الحياة الوادعة القويمة هي الحياة التي يجب أن تكون غاية ومقصد كل زوج و زوجة .. فكلا الزوجين ينشدان الأمان والسكون، ويسعيان لبناء العش السعيد ..
اللهم أرحم من توسدت أجسادهم الأكفان وأجعل قبورهم خير مسكن تغفو به أعينهم حتى تقوم الساعة وارحمنا إذا صرنا إلى ماصاروا إليه. والصلاة والسلام على نبينا المصطفى خاتم الرسل محمد عليه وعلى آل بيته الطيبين الأطهار .
طابت جمعتكم بالصلاة على محمد وآل محمد .
_________
-- الخلافات الزوجية تنبع من مصادر شتى، يمكن عزوها إلى ثلاث أسباب رئيسة وهي: عدم الانسجام بين الزوجين في الميول والمشارب، والاضطراب الاقتصادي، والسبب الثالث هو تدخل الأهل من شقة الخلاف. تلك الأسباب السالفة الذكر وراء الخلافات الزوجية فينتهي الأمر إلى تحطم الزواج.
محبكم/ منصور الصلبوخ.
تعليقات
إرسال تعليق