"إهداء لمن لا يتقن ثقافة الشكر والإمتنان" / ا. غالية المحروس

 


"إهداء لمن لا يتقن ثقافة الشكر والإمتنان" 

قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم" من لم يشكر الناس لم يشكر الله".

هناك مواقف إنسانية ملهمة تستوقفنا طويلا وتكبلنا بالمعروف, وهناك ايضا ثمة أشخاص تقيد البعض, بقيد البر والإحسان إثر بعض المواقف, ويستحق على إثر ذلك التكريم والإنحناءة, لذا فهذه الفئة من الهامات النبيلة التي تستحق الشكر والتقدير نظير مواقفها.  

 منذ فترة قصيرة جدا ،أرسلت لإحدى العزيزات عتابا دافئا، بعد مرور24 ساعة من موقفي النبيل معها! ولعلني قد توقعت أن يصلني منها إتصالا سريعا, أو رسالة شكر لطيفة, كما هو متعارف عند ذوي الإمتنان , ولكن للأسف كان  ردها على عتابي دون المستوى!! حيث أصبت بخذلان وخيبة أمل منها.

غالبا، يرغب الجميع ويستحق الحياة بعلاقات طيبة ومتساوية وحقيقية, ويخالطها بعض السلوكيات الإنسانية والأخلاقية. وهذا ليس سرا أو عسرا. قد لا يبدو تحقيق ذلك أمرًا صعبًا عند الأغلبية, وهو بالتأكيد قناعة شخصية وسلوك رفيع للغاية, بل وقدرة وإمكانية استثنائية! وماقصدته هنا, هو الشكر والإمتنان لمن يستحق من البعض للغير, شكرا، تلك الكلمة اللطيفة,  والتي تعد من أنبل الصفات الإنسانية والحضارية, والتي تؤدي إلى نتائج رائعة مثمرة ومحفزة. حيث  يتعمق إمتناننا, عندما نبدأ في الشعور بالإمتنان والشكر لله سبحانه وتعالى, لكوننا على قيد الحياة ونعيش الحياة التي نعيشها كما ينبغي لنا.

 في كثير من الأحيان عندما نمارس ثقافة الشكر, فإننا نمر بعملية حساب النعم التي لدينا, والإعتراف بالأشخاص والأشياء والأماكن الرائعة التي تشكل واقعنا, في حين أنه من العدل أن نكون ممتنين للحظ الجيد الذي جمعناه, فإن الشكر الحقيقي لله سبحانه, والذي ينبع من الإدراك والفهم القوي, لمنحة وهدية كوننا على قيد الحياة, وعندما نشعر بها, فإننا نسعد ونبتهج بها بغض النظر, عن ظروفنا وشؤوننا الشخصية.  في هذه الحالة العميقة من الإمتنان، ندرك نقاء تجربة الوجود في حد ذاتها, وشكرنا هو جزء لا يتجزأ من وعينا, بأننا كيان  مع هذا اللغز العظيم الذي هو الحياة, بما فيها من نعم وخيرات.

 ولكن!!

يصعب على البعض منا الوصول إلى هذا المستوى الرفيع, من الوعي وتفهم ثقافة الشكر والإمتنان, لأننا عالقون جدًا في صعود وهبوط تجاربنا الفردية في العالم. لكن الشيء الذي يجب أن نتذكره عن العالم, هو أنه ينحسر ويتدفق، ويتوسع ويتقلص, ويعطي ويأخذ، ولكن أيضا هناك من ينكر وآخر يشكر ويقدر, وهو بطبيعته غير موثوق به إلى حد ما. إذا شعرنا بالإمتنان فقط عندما يخدم رغباتنا, فهذا ليس شكرًا حقيقيًا. لا أحد معفى من تقلبات القدر والمفآجات أبدا،التي قد تسلبنا في أي وقت الممتلكات والمواقف والأشخاص الذين نحبهم. ومن المفارقات أن هذا النوع من الخسارة هو, الذي يوقظنا في بعض الأحيان, إلى إمتنان أعمق من مجرد الشعور بالإمتنان, عندما تسير الأمور في طريقنا، يمكن أن يكون المرض والحوادث الوشيكة, بمثابة صيحات إيقاظ بل منبه وتذكير, لإدراك أعمق أننا محظوظون وسعداء حقًا لأننا على قيد الحياة.

 لا يتعين علينا أن ننتظر حتى نهتز  أو حتى نختبر, هذه الحالة من الشعور بالإمتنان الحقيقي لحياتنا. علينا أن  نضبط أنفاسنا ونبذل جهوذنا, لنكون حاضرين بشكل كامل لفترة محددة من الوقت, كل يوم يمكن أن يفعل العجائب, والتي تفوق التوقع لقدرتنا على التواصل مع الإمتنان الحقيقي.  يمكننا أيضًا إيقاظ أنفسنا بنية أن نكون, أكثر وعيًا بالكرم والنبل الغير المشروط ! لقوة الحياة التي تتدفق من خلالنا بغض النظر عن ظروفنا, ولكن علينا أن نكون شاكرين حقا وفورا ,ولا ينبغي تأجيله وإلا سيفقد قيمته ويبخس حق الشخص الذي يستحق الشكر.

وأخيرا أبث شكري وإمتناني لمن يستحق مني, وأنحني خجلا وإحتراما بكل ماتعني كلمة الشكر من معنى! حيث هناك ثمة أشخاص  نبلاء ، قد بلغت منهم المواقف معي مبلغا, يجعلني مكبلة ومقيدة  ببعض النبل الإنساني الرفيع.

غالية محروس المحروس

تعليقات