ذرف الدموع ليس إستثناء / ا. غالية المحروس

 


ذرف الدموع ليس إستثناء

 ذات مرة, سألت إحداهن واحدة من  طالباتي بالدورة الإنسانية الحرة: ألا تزال غالية المحروس تبكي اثناء الدرس لمواقف ما!! وأتذكر ايضا كنت حاضرة لعزاء إحدى الشابات, مواساة لأهلها دون أن أعرفها شخصيا الله يرحمها, ولمحتني إحدى الحاضرات إني أبكي بقوة! وبكل تجاوز منها لن أصف كيفيته تقدمت مني ساخرة وسألتني: ماذا تقرب لك المرحومة! رددت عليها لا اعرفها! قالت لي إذا لماذا تبكين! أشعرتني حينها بالإستخفاف بشفافيتي ومشاعري, ايضا كنا بالحج مستعدين ومرتديين لباس الإحرام وكناجميعا  نبكي كثيرا تأثرا وهيبة  وحتما غبطة بهذا الشرف! فدخلت علينا إحدى الحاجات متسائلة بسخف سلامات! لماذا الكل يبكي هل هناك أمر ما! أذكر  كل هذا وأنا أستعيد يومًا أحبطت فيه حد الرغبة بالبكاء أيضا,وذلك بترك كل شيء خلفي ومغادرة بعض الأماكن التي كنت أتواجد  فيها, كونها شكلت همًا يؤرقني حتى استوقفني حديث عابر بيني وبين إحداهن قالت لي فيه: إلى أين تفرين؟ أتظنين بتركك كل هذا خلفك ستجدين الراحة؟ أليست الحياة كلها محطات تعب؟ ألن تجدي نفسك تلهثين وتبكين وتتأثرين حتى في عبادتك لله؟ مسؤوليتك تجاه أهلك،ومجتمعك هل ستتحفظي؟ طبعا لا، فهذه هي الحياة ستبقى تعب ما بقينا فيها والهرب لن يقلصها!!

 ربما من هنا وجدت أنّ خير سبيل لتدارك المتاعب والدموع  هو, الإستغراق فيها ومن أجل الاستمرار, نحتاج لتذكير أنفسنا بهذا الأمر البديهي, عن ملازمة الحياة للبكاء للتعاطف للمواساة، نحتاج التوقف عن قفزاتنا فوق الوجع والبكاء, الذي هو محطة عبور لابد منها, إذا لم نواجهها اليوم فسوف تصطادنا غدًا، فلسنا استثناء بدموعنا كما يبدو للبعض من المتبلدين في المشاعر!                                      

  ما أردت قوله هنا,الدموع أمر طبيعي بالنسبة لنا مثل التنفس، وهناك جمال في السماح لنفسك بالإنفتاح على ألم الدموع, حين تنهمر لأمر يستحق تلك الدموع.

كم هو رائع أن نستسلم ونترك الدموع تتدفق عندما تغمرنا المشاعر بكل أشكالها ، سواء كنا سعداء أو حزينين. الدموع تخرج من الروح، من  بئر مشاعرنا المتصاعدة من أعماقنا. عندما نستسلم للوخز للوجع للحزن  خلف أعيننا, وتداهمنا الغبنة  الموجودة في جوارحنا للسماح للدموع بالتساقط من أعيننا، فإننا نسمح لمشاعرنا بالظهور على السطح حتى يمكن تحريرها.

 نبكي نحن الأمهات وتنزل دموع الفخر, بإنجازات أطفالنا بداية من الخطوة الأولى للطفل بالمشي حتى التخرج. ونبكي نحن الصديقات ونقع في احضان بعضنا البعض, حين نغيب عن بعضنا  لفترة طويلة ، وتنهمر الدموع على خدودنا  عندما نجتمع  مرة أخرى بعد سنوات من الفراق! قد تتدفق الدموع منا عندما نشهد التزامًا, يتم في حفل زفاف احبائنا,  أو حتى أثناء مشاهدة قصة حزينة أو حتى عاطفية. وقد تتدفق دموع الارتياح والرضا من أعيننا, عندما نسمع أن أحد أحبائنا قد نجا من محنة ما أو تعافى من مرض ما، وقد تتساقط الدموع حزنًا على خسارة أو فقد عزيز لدينا . يمكن للدموع الناتجة عن وجع القلب وحرقته, أن تتدفق وكأنها لن تتوقف أبدًا، سواء كانت دموعنا بسبب زواج  فاشل، أو صداقة ضائعة، أو فرصة خاسرة. نذرف الدموع بسبب خيبة الأمل في أنفسنا، والمآسي والكوارث في العالم، والوجع، والمرض. ويمكن لدموع الغضب أن تحترق بالعاطفة والمشاعر, عندما تتساقط على وجوهنا. حينها تمنحنا الدموع تحررًا جسديًا لمشاعرنا وتشافيا ذاتيا لأرواحنا.

 إن ذرف الدموع يمكن أن يجعلنا نشعر بالتحسن والإرتياح  في بعض الأحيان، على الرغم من أنه قد يبدو, أن الدموع لن تنتهي أبدًا بمجرد فتح أبوابها. وليس هناك عيب أو حرج في ترك الدموع تتدفق بحرية وبشكل متكرر.

 الدموع طبيعية بالنسبة لنا مثل التنفس. هناك جمال في السماح لنفسك بأن تكون ضعيفًا بدرجة كافية لتذرف الدموع. أطلق دموعك، ودع مشاعرك تتدفق لتمارس إنسانيتك بإمتياز.

غالية محروس المحروس

تعليقات