الرجاء تفاؤل وتخطي الحجب "يا مَنْ اَرْجُوهُ لِكُلِّ خَيْر" (1)
• مهما اتسعت المعاصي فعش الامل بالعودة الى الله
• لا تتكيف مع الذنب فانه يجرك الى الإدمان عليه
• بين الرجاء والخوف يتحقق التوازن النفسي
الرجاء والامل صفتان من صفات النفسية المتفائلة والقادرة على عبور مطبات الحياة سواء تلك المطبات الدنيوية بخلق الشعور بالفرج او التي تتعلق بالآخرة وما يحجبها من ذنوب ومعاصي وخطايا عن الرؤية الى كيفية الخروج من تلك البؤر المبعدة للإنسان من الوصول الى سعادته النفسية مع الله.
ويضادها صورة الانسان القنوط اليائس الذي يفقد كل امل في الفرج والرجوع الى ساحة الرضى الإلهي فيتمادى في الذنوب التي تحجب كل كيانه ونفسه عن الرؤية ويفقد حتى بصيص الامل بالله.
الآمل ينظر الى مداخل الخير ومصادره بينما القانط يغيب عنه الامل وتحجب عنه الرؤية وينظر الى السقوط في العقاب والهاوية وكأنه يرى ان لا طريق الى جنانه بل يتمادى في الغي ضالا ساهيا، فمن داوم على معصية وفقد امل المغفرة فانه سيستمر فيها.
(وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ..)
كثرة المعاصي تجعل الانسان قنوطا إذا فقد الامل برحمة الله واما مع الشعور بنور الرحمة والمغفرة وان كان شعورا بسيطا فانه يملك الامل والرجاء وهذا ما يحتاجه الانسان هو دوام الشعور والتذكير برحمة الله.
لذا فان المعاني البعيدة " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" توضح لنا قيمة هذه المفردات لان التّواب يشعر بأمل المغفرة والرحمة فيعود الى الله وفرق بين الأمل الكاذب والذي يملؤه وهْمُ الانسان بحصول الشيء لأنه لا يملك سببا قويا لحصول مبتغاه وبين أمل صادق يحققه قول الحق " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" فانه يصنع أملا صادقا حقيقيا في واقع النفس دون حالة التكيف مع الذنب وهو يمثل مرحلة العبور الى الإدمان عليها .
وهنا يأتي الشعور بالأمل فمن يرجو الله وان كثرت معاصيه فانه يرى في الله رحمة تغطي كل تلك الذنوب ورحمته وسعت كل شيء.
ان من يعتاد على معاندة المعطي لا يتوقع منه مداومة العطاء بل لا يجد نفسه قادرة على الاستزادة من العطاء منه لكن ذلك في المعطين الدنيويين الذين تحكمهم الذات والمصالح بينما المعطي هو رب العالمين ومالك الملك فان فطرة الانسان التي تشعر برحمته تعالى تجد ذاتها منساقة مع الرحمة والمغفرة وان كثرت الذنوب.
ولكن هل صنع الرجاء والامل يكون بالمشاعر النفسية فقط ام يعضده بالمعرفة والتعقل؟
والحقيقة ان المعرفة لها دور كبير في صناعة الامل لأنه يخلق مفاهيم في العقل تحرك العواطف النفسية فنجد العاقل المملوء فكرا ونضجا علميا وخبرة بشرية ومعرفة بتاريخ الحياة هو اقدر على إدارة مداخيل الحكمة بنفسه واقدر على العودة الى الحق ممن يغلبه الجهل والسهو واللهو.
يتبع ... عندما تتحول العبادة والعلاقة مع الله الى انس معه "يا مَنْ اَرْجُوهُ لِكُلِّ خَيْر" (2)
تعليقات
إرسال تعليق