#خاطرة_الجمعة « بالحب .. تبنى المنازل في قلوب الناس »
ا. منصور الصلبوخ
✍️ ارسل لي زميل عزيز عتبه على صديقه الذي تنكر له وكأنه لا يعرفه ولم يعش معه سنوات طويلة من الأخوة والمودة وسرعان ما نسي كل ذلك لانه حصل على منصب بشركته الكبيرة وراتب يفوق الكثيرين،
لم اجد لي من تعاطف الا بطرح هذه الهموم الانسانية،
فقديمًا قالوا: " إذا أردت أن تعرف معدن الإنسان الحقيقي أمنحه منصبًا " فالبعض قد يكون معدنه نقيًا فلا يتبدل ولا يتغير حتى وإن حصل على منصبٍ، ويظل كما هو متواضعًا في تعامله مع الآخرين، فيكسب ودهم وحبهم له، ويرى في حب الناس ورضاهم له أكبر مكسب في الحياة. وعلى النقيض بعض الناس - وللأسف - يصاب بالغرور الشديد والتعالي على الآخرين إذا نال منصبًا أو حصل على مال وفير، يتعامل بدونية أو لا مبالاة، ويتجاهل مشاعر ذلك المخلوق الضعيف، فلا يجد منه الناس إلا الوجه السيء والنموذج الرديء .انطلاقًا من هذين النموذجين، مَاذَا نتوقّع يا صديقي؟! ستجد في كل المجتمعات شكل وفي لمبادئه ويسير في خدمة أبناء مجتمعه وعموم الإنسانية ويصبح موقعه بشركته أو جهة عمله وسيلة لخدمة الناس ومساعدتهم.
عندما يصل إنسان لموقع اداري، ويمارس الصلاحيات والمسؤوليات ما يمكنه من خدمة الناس ومساعدتهم وحل مشكلاتهم. لكن في لحظة جلوسه على الكرسي، يصيبه الغرور الأحمق وحبّ الجاه والرفعة، وتعمى عيونه من رؤية الأشخاص الآخرين ومتطلباتهم، فلا يرى من حوله سوى المنصب فهو أبدًا في حالة تزلف شديد لذوي المناصب . أما اهله ومجتمعه، بعواطفهم وصداقاتهم وحرارتهم واحزانهم، فلا مكان لهم في عالمه المسحور التي تسكنه الكراسي المهزوزة. فهناك مسافة بينه وبين ما يتعامل معهم.
في كل مجتمع ستجد من يقتنص الفرصة ليصل للمنصب لأغراض ومطامع شخصية بغض النظر من أي اعتبار آخر وستجد في أي مؤسسة او شركة هذه الفئة من لا يعنيهم سوى البقاء في مناصبهم. وهناك قلة من الناس يحرصون على أداء العمل والتفاني على الوجه الأكمل، بحيث لا تراهم في أوج سعادتهم ولا تراهم تملأ الإبتسامة وجوههم إلا عندما يقضون للناس المحتاجين حاجاتهم على أي شكل كانت، قال صلى الله عليه وآله " من فرَّج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرَّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة " وتجد ذلك همه وهدفه هؤلاء أناس أودع الله في أعماق قلوبهم الرحمة وحب الخير والإسراع إلى مساعدة المحتاجين.. عرفناهم أوفياء، وظلوا أوفياء لم يغيرّهم المنصب، غايتهم خدمة إنسان .. أو رفع اذىً عن مريض .. أو مساعدة محتاج .. أو غيرها مما تتطلبه التلاحم الاجتماعي.
الخير كل الخير في تحقيق أكبر قدر من المنفعة لأكبر عدد من الناس، مثل هؤلاء الأشخاص الذين لم يغيرهم المنصب، هم صنعوا الأحداث وخلدوا آثارهم، وكان لأعمالهم المردود الكبير على مجتمعهم والنهوض به، فسوف يتحدث عنهم الناس ايجابيًا بعد أن يغادروا مواقعهم، ويدعون لهم بالرحمة والمغفرة بعد رحيلهم عن الدنيا.
إن كسب حب واحترام الناس بقضاء حاجاتهم، وحل مشاكلهم، ومساعدتهم على التعامل مع ظروف حياتهم والتخفيف من آلامهم وإدخال السرور لهم، لمثل هذه الأعمال الخالصة التي لا يريد فاعلها أن يحمده عليها أحدٍ إلا الله عز وجل، هو الشيء الأثمن والأبقى، فالمال زائل والتجارة مهددة بالخسارة والمنصب في تلك الشركة او تلك المؤسسة قد يسحب كالبساط منه في أي لحظة فلا يبقى سوى حب الناس .
- نبكي ونذرف الدمع السخين على أهلنا وأحبتنا وأبناء مجتمعنا كانوا بيننا وأمام أعيننا وفجأة وفي غمضة عين غادرونا ، اللهم أرحمهم وأجعل قبورهم خير مسكن تغفو به أعينهم حتى تقوم الساعة وارحمنا إذا صرنا إلى ماصاروا إليه ، والصلاة والسلام على نبينا المصطفى خاتم الرسل وعلى آل بيته الطيبين الأطهار .
طابت جمعتكم بالصلاة على محمد وآل محمد.
____
- إننا لا ننتظر جزاء على خدمة اديناها لشخص أو مجتمع، فنحن لا ننتظر رد الجميل من الذبن أحسنا إليهم، فهم قد يردون أو لا يردون، ومع هذا فإن جميلنا لا يضيع، إنه يرد إلينا اضعافًا مضاعفة لا من الذين أحسنا إليهم وإنما من رب السماء.
محبكم/ منصور الصلبوخ.
تعليقات
إرسال تعليق