#خاطرة_الجمعة " تشييع الجنائز وزيارة الأموات مدرسة للمؤمنين "


الاستاذ منصور الصلبوخ 

✍️ إنك حين تذهب إلى المقبرة لزيارة قبور الأموات، تصرف وقتًا في الذهاب والرجوع والبقاء في المقبرة، هذا الوقت تصرفه من أجل تزكية النفس وهذا هو سر العبادات، إنك تصرف وقتًا على الصلاة والدعاء .. وعلى تشييع جنائز الموتى. نعم يجب أن أصرف وقتًا في المقبرة من أجل أن أتذكر مصيري النهائي، والتفكير أكثر في المستقبل الأخروي، إضافة إلى ما فيه من التواصل مع السابقين من أبناء المجتمع، حتى لا ننسى اسلافنا من الأرحام والأقرباء والأصدقاء والزملاء، فندعوا لهم بالرحمة والمغفرة والرضوان. روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " من زار قبر أبويه أو أحدهما في كل جمعة غفر الله له وكتب برّاً " بحار الأنوار، ج٨٦ص٣٥٩ .

 إذا مات المؤمن من الأرحام والأقرباء والأصدقاء، فلا بد من حضور جنازته. عن الإمام الصادق عليه السلام: للمؤمن على المؤمن سبعة حقوق واجبة له من الله عز وجل والله سَائله عما صنع فيها: الإجلال له في عينه، والودّ له في صدره، والمواساة له في ماله، وأن يحب له ما يحب لنفسه، وأن يحرّم غيبته، وأن يعوده في مرضه، ويشيّع جنازته، ولا يقول فيه بعد موته إلا خيرًأ " الخصال، ص٣٥١. وفي الحقيقة فإن التشييع للجنازة نابع من الاحترام، فإن من حق الميت أن يحضر أهله وأصدقاؤه في جنازته وأن يقوموا بتشييعه حتى قبره. إن التشييع له ثواب عظيم عند الله لمن يشيع الميت، أما الميت نفسه فليس له ثواب المشيعين إلّا بمقدار ما يستغفرون الله له. 

وهذا الحق يكشف في الحقيقة عن الاحترام العميق الذي يكنّه الإسلام للإنسان حيًا ومينًا. فالإنسان محترم عند الله حتى وإن كان رضيعًا أو طفلًا أو شابًا أو كهلًا وحينما يموت فإن الله يفترض له حقًا على الناس الذين يعرفونه في الحياة وهو حق التشييع لجنازته. وأساسًا فإن تشييع الجنازة مدرسة للمؤمنين - فكم من إنسان دفعت جنازته الناس إلى الصلاح وفعل الخير؟.. وكم من شهيد يسقط على الأرض فخرجت المدينة كلها لتشييعه، وادّى ذلك إلى تصميم الكثيرين ممن حضروه، على مواصلة الدرب وتحمل المسؤولية؟..

من الأمور التي اعتاد عليها بعض المؤمنين هو اخذ التوقيع من أربعين مؤمنًا على اكفانهم، بأنهم لم يروا منه إلا خيرًا، أفليست كلمة هؤلاء تنفعه يوم القيامة !! أو على الأقل تخفف عنه الحساب؟

وعلى جنازة الميت يقرأ المصلون في الصلاة هذا الدعاء: " اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرًا وأنت أعلم به منا، اللهم إن كان محسنًا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئًا فتجاوز عنه واحشره مع من كان يتولاه ويحبه " إن هذه الشهادة تنفع الميت عند الحساب، وتخفف عنه المؤاخذه. 

ترى من يشهد لك، عند موتك بهذه الشهادة، إن لم تكسب محبة الناس؟ أو من يشفع لك يوم القيامة، إن لم تكتسب شفعاءك الآن؟

[ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ، وَارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً، وَاجْزِهِمَا بِالإِحْسَانِ إِحْسَاناً، وَبِالسَّيِّئَاتِ غُفْرَاناً، اللهُمَّ اغْفِرْ  للمُؤمنينَ والمُؤمناتِ الأحَياءِ مِنهُم والأمّواتْ، وَتَابِعْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بِالْخَيْرَاتِ ..]

 ~ طابت جمعتكم بالصلاة على محمد وآل محمد ~ 

__________

ورد أنه يكره الضحك واللعب واللهو ورفع الصوت أثناء تشييع جنازة المؤمن، والكلام بغير ذكر الله كما يكره الكلام في أمور الدنيا.

تعليقات