✍️ إذا تعلق القلب بشيء سَعَى إليه، وبمقدار التعلق يكون السعي، إنّ ارتباط الفرد بالدنيا وحبها يتعارض مع الآخرة والتعلق بها، فأما أن يكون ابنًا للدنيا أو للآخرة، ولا ثالث لهما، فإذا تعلق بإحداهما دلّ ذلك على أنه ابن لها، وقد شكلت صورة التعلق بحضور القلب أو عدم حضوره، وهذا يدل على أن صورة الارتباط صرفت قلب هذا الإنسان؛ إما عن حبه للآخرة وإما عن حبه للدنيا " والموضوع كله يتعلق بـ " الشقاء والسعادة "، لذا نلحظ الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة تحثنا بأكثر من أسلوب وآخر على التعلق بالله والارتباط بالأنبياء والأولياء؛ لما في ذلك من أثر مصيري على سعادة الإنسان في دنياه وآخرته، وتلك غاية أرادها الله عز وجل لعباده.
كما تحذرنا من التعلق بالدنيا؛ لما في ذلك من شقاء وانحراف عن الغاية الكبرى، وخروج على مطالب الفطرة النقية، فما هي هذه الدنيا التي حَّذرنا الإسلام منها؟
كُلُّ ما يشغلنا عن الغاية التي وجدنا من أجلها فهو دنيا، وكل تعلق يبعدنا عن المحبوب الحقيقي فهو دنيا، وكل همِّ لغير مبادئنا وقيمنا فهو دنيا، وكل ما سوى الله فهو دنيا، وبكلمة كل ما يبعدنا عن الله الكامل المطلق فهو نقص وفناء، لا يجُّرُ معه إلا الحرص، والطمع، والبغض، والحسد، والخيانة، والفجور، وكل المساوىء، ألم نقرأ في الحديث: " حُبُّ الدنيا رأسُ كُلِّ خَطيئة " الوسائل، ج١٦، ص٩ .
قد يكون المال، والزوج، والأولاد، والمنصب، والجاه، دنيا، ولكن إذا لم تنتزع هذه الأمور صاحبها عن ربه ورضوانه، ولم تَمُلْ به عن أهدافه الكبرى، فهي نِعْمَ المعينُ على أمر الدنيا والآخرة .
لم يرد الله للإنسان أنْ يكون منزويًا عن الدنيا ومتعها، إذا ما أخذها من حِلِّها، واستعان بها على أمر آخرته، بالتوسعة على العيال، والإحسان إلى الناس، ومساعدة الآخرين وقضاء حوائجهم، فإنَّ ذلك آخرة لا دنيا.
والإسلام دين التوازن والاعتدال في كل شيء، وما خرج عن حدِّ الاعتدال أصبح أساسًا لأزمات، ومشاكل متشابكة، على مختلف جوانب الشخصية.
فالدنيا الممقوته هي تلك التي تجعل صاحبها مضحيًا بمبادئه وقيمه؛ ليصبح عبدًا مملوكًا لها تأمره بالسوء فيأتمر، وتمنعه عن الخير فيمتنع، وقد أراد الله لهذا الإنسان أن يبقى حرًا كما خلقه، ﻓ. " ليسَ الزهدُ أنْ لا تملكَ شيئًا بل الزهد أن لا يملككَ شيء ".
- اللَّهُمَّ أعطِنِي السِّعَةَ فِي الرِّزْقِ، وَالصِّحَةَ فِي الجِسْمِ، وَالقُوَةَ فِي البَدَنِ، وَالسَلامَةَ فِي الدِّينِ، والمغْفرة لموْتانا وموْتى المؤمنين إلى جنات النعيم مع الطيبين الأطهار، والصلاة والسلام على نبينا المصطفى خاتم الرسل محمد عليه وعلى آل بيته الأطهار .
طابت جمعتكم بالصلاة على محمد وآل محمد .
__________
على الإنسان أن يتخذ من الدنيا الطريق إلى الآخرة وثوابها ويجعل ذلك ملكة لنفسه في كل أخذ وعطاء .. وقبول ورد .. وتحرك وسكون .. حتى لا يقول في الآخرة:{ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ } سورة الزمر: ٥٦ .
محبكم/ منصور الصلبوخ.
تعليقات
إرسال تعليق