ا. غالية المحروس: ❗️متى ولماذا تكتب غالية المحروس❗️

 


❗️متى ولماذا تكتب غالية المحروس❗️

قال الكاتب الكولومبي: "من يريد أن يعرفني أكثر فليقرأ نتاجي أكثر" ولست مع قول ماركيز: "نتاج الكاتب ليس بالضرورة أن يعبر عن الكاتب أو يرسم صورة شخصية له, لكنه في نفس الوقت يعطي صورة شمسية ليلصقها على أي شهادة رسمية أو لتكون إشارة مرورية للدخول".                                                       
سألتني إحدى معلماتي بالإبتدائية لماذا أكتب وأنا أمسك قلمي بطريقة مختلفة عن الغير!؟ وحتما من يعرفني قد لمح طريقة مسكي للقلم عند الكتابة, تأملتني تلك المعلمة عدة مرات وسألتني بدهشة كيف تكتبين هكذا ألا تتعب أصابعك!؟ أجبتها حينها بخجل وحرج لا أدري كيف ولماذا أكتب هكذا! ولكني وجدت نفسي هكذا ,وضحكن الطالبات علي وأطرقت لا أعلم أهو من  القهر والحرج أم ماذا! وحينها قالت مدرستي الأردنية لي لا عليك مسكك للقلم ما هو إلا تميز لك, و أكتبي بأي طريقة تجدينها مريحة وممكنة لك, لقد مضى على ذلك الموقف سنين بل عقود وما زلت أمسك قلمي بأصابعي بطريقة مختلفة عن الغير دون أن أحاول تغييرها, وأنا هنا أشكر مدرستي لإدراكها لي ولحدسها الإيجابي, فالإختلاف عن البعض غالبا يعتبر تميزا نوعا ما.( سردت هذه الحكاية في إحدى مقالاتي).                                                                         

لا أعرف متى ولماذا أكتب! 

لقد وجدت نفسي في الكتابة, فأنا كثيرا ماكنت أضع عنوانا ما في ذاكرتي ومن ثم أملأه, ولا أفكر في الكتابة إلا والقلم بين أصابعي ,حيث أكتبُ حينَ أُستفزُّ، حينَ أُحبُّ وحين أغضبُ وحين أبكي، الكتابة تتصرّفُ معي بحسب حالتي النفسية والمزاجية، نصوصي عندي صادقة بشكلٍ خارق، أكتب ما أشعر به وما أراه  واقعا حقيقياً بالنسبة للقارئ, ورُبما هذا ما يجعلني مقبولة لدى بعض القرّاء! وهكذا أكتب لنفسي أولا ومن ثم لمن يرغب بالقراءة! ولكوني عاشقة للقطيف كان له أثر جميل في نفسي, فكل كتاباتي إهداء لأرضي ومدينتي الساحرة التي تسكنني أكثرمما أسكنها, وأقسمت أن لا أحب مدينة أكثر من القطيف, فقد فاق الواقع على الخيال ووضعت القطيف في قلبي أقسم لن أحب غيرها, القطيف هي أنا هي  روحي هي الهواء الذي أستنشقه.

   هناك ثمة أشياء تخنقني من الداخل أهي أحاسيس أم أفكار, بل هي فيض من المشاعر تعيد لي نكهة الفرح, حين تلتقي الفكرة فيصوغ منها أصدق الكلمات و أكثرها بياضا. فالكتابة الأدبية منحتني السعادة والتحرر الداخلي ومعرفة الناس بعمق, والذي فتح لي أبوابا كثيرة للغوص في نفوس هؤلاء البشر. لم أكتب يوماً ولا كانت كتاباتي دوما أداة للوصول إلى الشُهرة, لذا أنا بلا جمهور خاص بي، من يقرأ لي يقرأ لغيري، ليس لي قاعدة جماهيرية، الياء ياء التملك ولا أملك أحدا بل لا ألزم أحدا ليقرأ لي. الكتابة هي المتنفس الوحيد الذي من خلاله أعبر عما يجول بداخلي دون تجاوز مني! فعلينا أن نطلق العنان لأقلامنا لتشعرنا بأحاسيس صادقة تجعل القارئ أن يحترم مانكتبه, وهنا اطرح سؤالا بسيطا: هل يمكن أن أبكي دون دموع؟ نعم يمكن أن أبكي بصمت لكن, لن أتحكم في دموعي عند سقوطها. هكذا هي الكتابة إنها إفراغ لأحاسيس صادقة معينة  ليس إلا.

أول ما أبدأ كتابتي للنص يتملكني الإحساس بالفخر, أن أجد من بعض القراء قد يصلهم  صدق إحساسي, رغم إن ممارسة حرية الكتابة مسؤولية, ولكني أحرص على أن لا أبتذل نفسي و أعرف كيف أنظمها بتنظيم مزاجي, ولو إندفعت بشيء يستحق الكتابة أتجه إلى فكري وأطالب نفسي بالكتابة وفق معاييري.  وبعدما أكتب أجد اتصالات من بعض القراء يدهشونني حين يقولون: إنهم وجدوا أنفسهم في بعض مقالاتيَ وتعليقاتهم المرسلة لي, تمنحني جرعة كافية للإبداع, ومعظم التعليقات تعجبني وتأسرني, وأحيانا استهجنها إن لم تروقني وأخرى تخدلني وتكسر ما بداخلي من إحساس وتحيلني على وهج استثنائي! لكن الغريب في الأمر لا بل يتعدى حدود الإستغراب والتعجب! ولعلني ألمح بعض الإمتعاض على بعض وجوه القراء وفي تساؤل جائر ماذا تقصد المحروس من هذا النص وذاك ! لا أنسى بعض القراء أوجعوني بنقدهم الغير لائق, وكأنهم سعداء بأنهم يخرسونني و يكسرون قلمي, ولكن  هناك البعض تنزل كلماتهم  بلسما شافيا لجرحي, فالكاتب إنسان لابد أن يتعثر فلسنا بملائكة, ولكن بعض القلة من  القراء لا يستوعبون ذلك وينهشون في  حروف الكاتب, ويجدون المتعة في التفتيش عن أخطاء الآخرين في الكتابة, ويهاجمون بعض الأقلام ولو لم يعرفوهم حيث يمارسون التمرد الفكري على أي قلم ناجح أو صادق!                                                                                       
وأنا لا أرد عليهم إحتراما لوجهة نظرهم,معترفة إن كتابتي أسيرة الحروف ومكسورة السطور, فا أكتب  مع الجرح بألم ومازال الجرح باق بأمل. فللمرء أحكامه الخاصة والأمر صحيح من زاوية ما. كثيرا ما أجد نفسي أهذي وأنا أحاول تلقائيا تجنيد وتوظيف قلمي, فيرسل أحرفي سمعا وطاعة لأجمع من كل حرف بوحا, وحين تصبح كتاباتي خارج رفوف مكتبتي أو أوراقي يتناولها القارئ بطريقته, ولكل قارئ رؤيا خاصة وليكن النقد! فأنا أسميه إبداعا من القارئ ولا أستطيع إنكار غزارة إطلاع القراء و عمق ثقافتهم. ترى هل يكفي أن أكون فخورة بالقراء؟! لعلي وصلت إلى ما أريد الوصول إليه, ولوصولك أيها القارئ الكريم رقي رائع لا يستخف   به،حيث إن كتاباتي هي بإحساسي فلا معنى لقارئ مثقف دون سلطة الحرف والكلمة، ولنبدأ في صياغة افكارا لا تخجل أذهاننا ولنرفض أن نبقى في عزلة دون فكر !!!

وأخيرا

لندع أصحاب الأقلام تتعثر و تخطأ لتتعلم من أخطائها وعثراتها حتى تبدع, دعونا نتبنى الأقلام الواعدة المتواضعة بكتابتها, بدلا من قمع الحماس والطموح ولا أعتقد هناك من يزعجه نجاح الغير! يا ترى متى نرتقي ونشجع غيرنا وندعم لمن بحاجة لنا ؟! لنتذكر بداياتنا مع أخطائنا أو لقد ذهب مع الريح وذهب مع كان!  بقي علي أن أقول: الكتابة هي ليست رسما على الورق, بل هي أسلوب حياة وفيها يجسد ذات الكاتب قلقه ومشاعره, ويعبر فيه من خلالها عن الحقيقة التي يعيشها ذات الكاتب مع النفس والعالم المحيط به,فالكتابة مرتبطة دوما بالقراءة.                                      

بنت القطيف

غالية محروس المحروس

تعليقات