#خاطرة_الجمعة " شجاعة الاعتراف بالخطأ "
✍️ نميل في كثير من الأحيان، إلى أن ندافع عن أنفسنا ونحميها خوفًا من أن نواجه نقاط ضعفنا أو اخطاءنا، أو خوفًا من أن نواجه حقيقة أنفسنا، وخوفًا من أن يكتشف الآخرون عيوبنا، وغالبًا نغلف أنفسنا بأقنعة لنبدو في عيون أنفسنا وعيون الآخرين بصور جيدة ومقبولة.
- عندما يجلس عدد من الناس ويتحدثون إلى بعضهم البعض، ترى كل واحد منهم يتحدث عن المثل والمبادئ والأخلاق - وكأنهم متفقون على ما يجب أن يكون - وهذا ما يدور بين أفراد كل جمع من الناس. وإذا كان هذا ما يعتقده كل الناس فمن إذن المسئول عن تطبيق المثل والمبادئ والأخلاق !!
- كلنا نشكو من عدم السير في الطريق السوي، ما نشكو منه متفقون عليه وما يجب أن يكون متفقون عليه، وهذا ما يظهر دائمًا حينما نتحدث إلى بعضنا البعض، والسؤال الذي يعترضنا هو أننا نشكو ممن وعلى من؟!
- ليس منا من يعترف بأخطائه، وليس منا من يقول للآخر أنت مخطئ، ليس للاعتراف الذاتي مكان بيننا، وليس هناك من يتهم الآخر لأن المجاملة تقضي بذلك، ولأنك إذا قلت للآخر اخطأت، قال لك الآخر بل أنت المخطئ بملء فيه، وسيبدأ خصام لا نهاية له .
- وإذا كان القول للمخطىء اخطأت في اجتماع فهذا لا يقودنا إلى نتيجة سليمة، فهل هناك الشجاع الذي يقول أنا اخطأت، وإذا وجد هذا الإعتراف الذاتي، فإن هذا يعني أن تتغير أحاديثنا من أحاديث أناس لا يخطئون إلى أحاديث أناس هم أساس المشاكل كلها، ويريدون أن يصلحوا نفوسهم ولا يتهربون .
- حينما تتخذ موقفًا معينًا ، بناءًا على قناعات معينة، ثم يتبين لك أن قناعاتك كانت خاطئة، وأن موقفك لم يكن في محله، فلا تخجل من التراجع عن موقفك، لاعتقادك أن الطرف المقابل سيعتبر ذلك ضعفًا، فالخطأ هو الضعف الحقيقي بينما التراجع عنه هو الشجاعة بعينها .
- إن الاعتراف بالخطأ يكون أحيانًا مفتاحًا لحل مشكلة، أو طريقًا لأفق جديد، لم يكن يتوقعه الإنسان . وحذارِ أن تكون مصداقًا، للآية الكريمة: { وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ۚ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ ۚ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ }[ سورة البقرة : الآية ٢٠٦ ]
- جميعنا قد يخطىء في حق نفسه وحق الآخرين فيشعر بالذنب، ذلك الشعور الذي يسبب لنا القلق والانزعاج، إنه شعور طبيعي لنندفع نحو تصحيح أخطائنا . فهناك فرق بين من يخطىء وهو لا يعلم أنه مخطىء وبين من يخطىء وهو يعلم أنه مخطىء ومصّر على خطأه ويدافع عنه لأنه يساير مصالحه. فإذا علمت من نفسك الخطأ فاجهد في إصلاح ذلك وركّز فكرك في سبيل الخلاص منه.
يبقى الإحساس بالله جلَّ وعلا لا يزايلنا في أحلك الظروف، وأحرج المواقف. إنه الفضاء الأرحب الذي يمكن أن نرى فيه أنفسنا، ونُقِرُ بشجاعة المعترف بخطيئته، وتقصييره أمام نفسه، وحقها، ونقرُّ بأننا غير راضين عمَّا نحن فيه، ونعزم بطاقة المضطر أن نكون بالمستوى اللائق بجوهرنا .
اللهم ثبت قلوبنا على الإيمان وأرحم من توسدت أجسادهم الأكفان، وأجعل قبورهم خير مسكن تغفو به أعينهم حتى تقوم الساعة وارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه، بحق الحسين الشهيد وآبائه الكرام وأبنائه الطاهرين .
إلهي بنورك اهتدينا، وبفضلك استغنينا، وبنعمتك أصبحنا وأمسينا، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .
محبكم/ منصور الصلبوخ .
تعليقات
إرسال تعليق