#خاطرة_الجمعة " السعادة في الرضا "


 #خاطرة_الجمعة " السعادة في الرضا " 

✍️ أنت يا صديقي المتبرِّم، سمعتك أمس تشكو وتتأفف من سوء الحظ، وتندب قلة التقدير، وتنعي كفاءاتك الضائعة، وتطلق آهاتك حسرات .. عشتها بين الشكوى والتذمر .. في متابعة فلان الذي نجح فيما لا يستحق وعلان الذي خدمته مفارقات الحظ.

نحن نشاهد غرائب الزمن والدهر والأيام في هذا الزمان وفي غيره من الأزمان، عرفنا أناسًا لا يفتأون يشكون ويتذمرون من كل ما حولهم، وربما حتى من أنفسهم، كفروا بأنعم الله عليهم، فأصبح لا يرضيهم شيء، ولا يعجبهم أمر، ولو محصنا شكواهم لما وجدنا لها سببًا معقولًا، ولو كشفنا الظروف التي يعيشونها لوجدناهم في نعمة سابغة وخير عميم. وأناس آخرون عرفناهم لا يعدمون أن يجدوا في غمرة الشدائد والصعاب لحظات هناء ينعمون بها، بل نراهم يستخلصون من مظاهر القبح لمسات من الجمال تزكي نفوسهم، أولاء صفت دخائلهم، فنظروا إلى الحياة بمنظار مشرق، واستمتعوا بمنن الله عز وجل، فأدوا واجب الحمد " وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ".

نحن عادة نميل للشكوى والتذمر عند أتفه الأمور، هذا الواقع المرير بات يجلب لنا التعاسة، ويبعد عنا السعادة والأمان، ويملأ عقلنا بأفكار سلبية .. أصبح همنا وشغلنا الشاغل هو أن يتفوق أحدنا على الآخر، ولهذا يجدر بنا أن نبتعد عن آفات النفس وشرورها، ونترك ذلك الأذى حتى لا نُحرم من لذّة الحياة ومتعة الدنيا، فكل الذي حدث ويحدث وسيحدث هو في عين الله تعالى، لا نشكو أو نتذمر من وضعنا المادي أو المعنوي البسيط فنحن في أسعد حالٍ، نتقبل أمر الله بقبول حسن، ولا نفكر بحياة خالية من الهموم، ففي العالم الملايين من البشر أشقاهم الزمان بأكثر مما شقينا، نشكر الله ونحمده على النعم التي أنعم الله بها علينا، والرضا بقضائه وقدره.

إذًا الشكوى أو التذمر من المعيقات التي تترك أثرًا في تفكيرنا فتشل حركتنا وإرادتنا، لنجد أنفسنا بعيدين عن الرضا الداخلي، لأنها تعني عدم الرضا بمشيئة الله التي فوق مشيئتنا، ومعناها أن الشخص لا يثق في رحمة الله وقدرته العظيمة وألطافه الخفية. من يتق الله فهو سبحانه حسبه، إن الله مالك الملك بيده مقاليد السموات والأرض فهو وحده الرزّاق ذو القوة المتين، أذكر ما قاله ربّ العالمين وهو يحدث كليمه موسى عليه السلام [ ما دمت لا ترى كنوزي قد نفذت فلا تغتم بسبب رزقك، ما دمت لا ترى زوال ملكي فلا ترج أحدًا غيري ] فلِمَا كل هذا القلق كأن ليس في العالم خالق، سبحانه ربّ رؤوف رحيم . 

اَللَّهُمَّ صَلِّ علىٰ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، اَللَّهُمَّ بحق قدسية يوم الجمعة، ليلتها غرّاء ويومها يوم أزهر نسأله من خزائن رحمته ما لا يقدر على إعطائه غيره من زيادة الأعمار، وصحة الأبدان، وسعة الرزق، والرحمة والغفران لموتانا وموتى المؤمنين إلى جنات الخلد والنعيم مع الطيبين الأطهار .


               ~ جمعةمباركة ~ 

__________________________

رضيتُ  بما  قسم الله لي 

              وفَوَّضْتُ أمري إلى خالقي 

كما أحسنَ اللهُ فيما مضى 

               كذلك يُحْسِنُ فيما بَقِي 

                     ( ديوان الإمام علي عليه السلام )


محبكم/ منصور الصلبوخ.

تعليقات