✍️ أرجو أن يقرأ هذه المقالة كل مربي مسؤول عن أسرة ، ثقل المسؤولية وغياب الوالدين أو غفلتهما قد تودي باولادنا إلى نهاية لا يحمد عقباها لاسمح الله ، هذا ما دفعني إلى كتابة هذا المقال والذي آمل أن يساعد على التوعية ، فكل المفاهيم تغيّرت ، والعواطف تبلدت ، والعلاقة مع الأبوين والأولاد تحولت إلى معنى مادي لا قيمة له ولا رجاء . فولدك اليوم يعيش في عصر ممزق ، وهو في أمس الحاجة إلى أن تصادقه ، وتربِّيه ، وتعلمه الأدب ، وأصول الأخلاق ، وعليك أن تدله على ربِّه ، وترشده إليه ، وأن تعامله معاملة من يشترك معه في الثواب والعقاب ، يقول رسول الله صلى الله عليه وآله " كلكم رَاعٍ ، وكلكم مسؤول عن رَعِيَّتِهِ " .
نعم .. إننا في عصر الهيمنة والتفرد ، عصر ممزق نعيشه ، عصر متخم بالسلوكيات الشاذة عن التقاليد والدين والقيم الإنسانية ، جيلنا الحالي يتعرض لغزو فكري على كل المستويات والاتجاهات .. أولادنا وبناتنا في حاجة إلى الأهتمام .. فهم في حاجة إلى المحافظة على دينهم وأخلاقهم .. وهم في حاجة إلى المحافظة على سلوكهم وعاداتهم الإجتماعية الحميدة .. وهم كذلك في حاجة إلى المحافظة على صحتهم .. وهم بذلك في حاجة إلى تربية شاملة .
إننا معشر الآباء والأمهات في حيرة من أمرنا ، وكثير منا لا يعلم عن قصة المؤامرة التي تهدد هوية الوجدان الإنساني قاطبة ، وإن علم فإنه لا يعلم كيف يربي أو يواجه أبناءه نحو اتباع السلوك الصحيح ، وكل ما حول الأولاد والبنات يعج بالأخطار ، فماذا نفعل حين نواجه أعداء الحياة ؟! استوقفني هذا المقطع الرائع كمادة توعوية ، المتحدث يكشف حقيقة المؤامرة ، سلسلة متصلة من أسباب ومسببات ، ستحرم الأجيال القادمة من متعة وجودها ، ودورها في هذه الحياة ،
المشكلة التي يعانيها أطفالنا الأبرياء هي الأجهزة الذكية وما يصلهم منها من سلوكيات شاذة ، كم هائل من الأسئلة حول قضايا معقدة ومتشابكة ، يحتاج الوالدان إلى مهارة كبيرة لتوصيل المفاهيم الصحيحة إلى أطفالهم الأبرياء ، إنه عصر لا ينفع معه التراخي ، المغريات تقابل الشاب والشابة أينما توجها ، ومحركات الغريزة ومثيراتها متوفرة وكثيرة ، والظواهر الشاذة غزت فكر أولادنا عن طريق تلك التقنيات ، الأمر يقتضي منّا مزيد من الصبر مزيد من التوعية الإسلامية ، فمهمة التربية لهي من أصعب المهمات ، لأننا نتعامل مع أطفال يتعرضون لغزو فكري كل يوم ، لا يصلح أن نقول لهم هذا عيب وذاك حرام !!
الطفل تحول إلى دمية ، يتسمر أمام شاشات الأجهزة الذكية لساعات طويلة ، فهي تجذب انتباهه خصوصاً تلك الألعاب والأفلام التي تتضمن ممارسات شاذة عن القيم الإنسانية وتولد تناقضاً نفسياً في شخصيته ، إن الأغلبية الساحقة من الأسر في مجتمعنا باتت تحس بفداحة ما تلاقي من مشكلات على المستوى الذهني والأخلاقي والجسماني . نعم نجح الغرب في تغذية أولادنا كل هذه الشرور ، كل يوم نسمع ونشاهد ونقرأ قصصاً مؤلمة ، واقعنا مليء بأمثلة لا حصر لها ، هنا قصة طفل انتحر وهناك طفل طعن أخته الرضيعة بطعنات حادة بسكين مطبخ .. كلها ضرباً من ضروب التقليد والتحدي ، هنا تأتي مهمة التربية الحسنة ، وتعتبر من أصعب المهمات في الوقت الحاضر وتحتاج إلى صبر وثقة وإيمان بالله عز وجل .
المشكلة إن الوالدين لا يكترثان إلا بتسلية الأطفال وأرضائهم على حساب مؤثرات هذه الألعاب في النفسية ودورها في بناء الشخصية ، فظاهرة إدمان الأطفال على هذه الألعاب وما يدور في فلكها من ممارسات شاذة أوجدت الأخطار المحدقة ، والنتيجة أصبنا بالصدمة تلو الصدمة وبالخيبة بعد الخيبة .
ترى هل أنعي على الأطفال فنحرمهم لذة العبث ونحن نعرف إنه لا يلذ للطفل شيء ما يلذ له أن يعبث في مثل هذه الألعاب الخطيرة .. ليسقط وهو لا يشعر لطفولته ؛ أم أنعي الآباء الذين تركوا أولادهم إلى اليوم تحت رحمة ألعاب مجهولة ، وننساق وراء كل جديد أو نميل لرغبات الأطفال دون تفكير .
فما الحل؟ نحن لا نتحدث عن حجب تلك التقنيات عن أولادنا ، ولا نستطيع فعل ذلك لأنها وسائط لنهل العلوم والثقافات ، لكن حين يستلمها طفل صغير ليس لديه إدراك بالمفاسد ، هنا يقع أطفالنا ضحية ، ويصبح الآباء والأمهات مسؤولين أمام الله عز وجل ، فكل شيء يحتاج إلى تنظيم ، فإذا كان التنظيم موجوداً حصل معه الإنسان على الخير .
بقوة الإيمان والتقوى وتوفيق من الله وتسديد منه تعالى ، نستطيع مواجهة ذلك الفكر الشيطاني . ماذا نستطيع أن نفعل سوى استكمال دورنا التوعوي ، وحث مشايخنا الأجلاء على إثراء محاضراتهم بقضايا العصر الحديث ، المشكلات والأمراض الإجتماعية والروحية المعاصرة وكيفية علاجها قضية عظيمة ، فالظواهر الشاذة بدت تزحف إلى جميع المجتمعات !! لا شك أن العلاقة الأسرية المترابطة يكون فيها الأب صديقاً مع الأولاد ، والولد صديقاً لأمه وأبيه - والعلاقة ترفل بالثقة والمحبة والإستقرار . تتعرض هذه العلاقة أحياناً للأهتزاز بسبب الأخطاء " أخطاء التربية " فقد يخطىء أو يقصر الأب بحق أولاده .. لعدم إرشادهم وتوجيههم للقيم والآداب المحمدية ، وكذلك عدم مشاركتهم في العملية التعليمية والأنشطة المختلفة والهوايات ، وهذا بالطبع ينتج عنه جهل بطبيعة ميولهم وما يدور في فكرهم .. في مثل هذه الصورة لابد أن نتهم أنفسنا قبل أن نتهم الآخرين .
الوقت في حاجة إلى سد هذا الجانب في سبيل إنقاذ أولادنا فلذات اكبادنا ، ترك الحبل على الغارب لأبنائنا للذهاب وللعب متى شاءوا دون قيد أو شرط بلا وعي أو تربية ، ثم نحمل غيرنا الأخطاء ونشن الحملات غير الواقعية والحلول التي سوف نفشل في تطبيقها ، فظروف العمل للوالدين ليس مبرر لينسوا الجوانب التربوية ، وهو ليس سبباً وجيهاً ، إننا بحاجة إلى معالجة صادقة لمشاكل أولادنا ، والتنظيم لمنهجية علمية ملائمة لبيئتنا ، وبث مفاهيم الدين والأخلاق في نفوسهم ، عسى بعد هذا نستطيع أن نرى ما زرعناه لأطفالنا هو فائدة وأمان لحياتهم . حمداً لله إن مجتمعنا المؤمن فيه الكثير من الأنشطة والبرامج الصيفية المفيدة - الدينية والثقافية والرياضية .. هي وسيلة مهمة وضرورية لإبعاد أطفالنا من الأخطار المحدقة حولهم ، والإستفادة من الفراغ القاتل .
أنا شخصيا أرى إننا مطالبون أن نوفي الأمر حقه من العناية والحماية ، آملاً أن نجد ما يستوفي العلاج ، يقول الإمام جعفر الصادق عليه السلام : " تعليم الطفل مند الصغر كالنقش على الحجر " نعم التربية والتوعية الإسلامية للطفل مهمة مقدسة كون صغارنا فلذات أكبادنا ، هم ملاك هادئ يشع نوراً وجمالاً ، وهم الجيل الصاعد ، لنساعد على أخراجهم من آفات التحدي وشرورها .
وفي الختام ، ليس لدي إلا تعليل واحد ربما استاء له بعضنا ولكنها الحقيقة يجب أن تقال مهما كانت مرارتها .. الأولاد أصبحوا بين الآباء والأمهات غرباء - المهم عندهم هو توفير حاجياتهم من مأكل ، وملبس ، ونفقات الدراسة ، وبعض الكماليات بينما غفنا عن الجانب الأهم ، تربيتهم على القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة - فأصبحت حياتهم في عزلة وضياع وتناقضات بالغة التعقيد . حينها نتساءل عن الموقف الذي يجب أن نتخده من تأثير الأجهزة الذكية إيجابياً وسلبياً بحق أولادنا نفسياً وسلوكياً .
تحياتي/منصور الصلبوخ
تعليقات
إرسال تعليق