الشيخ حسين البيات / عندما تتحول قروبات الصداقة والارحام الى تصفيات وتحزبات ممقوتة


لا تجعلها مصدرا للخلاف بل مكانا لصنع الاخوة والمحبة

عالج الخلاف بالطرق الواعية والسبل الحكيمة 

ما تجده مصدرا لكسب عداوة او تسقيط فاخرج منه بهدوء

حكماء القروبات يتحملون جزءا مهما من لمّ الشمل والمودة

لا يخلو قروب (وتس اب) من خلافات وتحالفات واصطفافات بين فئات وشخصيات وعناوين مختلفة من مرجعية او أعياد وغيرها مما لا حصر لها، حيث تتحول تلك الحاوية للحب الى مركز لتصفية الحسابات والنيل من بعضهم البعض فتصبح ممجوجة، ومصدرا للعداوات والبغضاء، يفرغ فيها بعض الأطراف جام ضغينتهم مع بعضهم البعض وباساليب مختلفة.

وجود اطراف مختلفة في القروب يفتح المجال للمتصيدين عند حضور الجماهير فرصة جيدة للعب المخفي فينتبه له بعضهم ويخفى على اخرين حتى تتضح بعض معالمها لبعضهم ويفوتها بعضهم ويتوقف معها اخرون.

ليست هذه الصورة بعيدة عن واقع العلاقات المجلسية والديوانيات وأماكن الالتقاءات العامة الا بصورة أخرى وهي انها اكثر اتقانا في كيفية التسقيط والاضعاف الخفي فيستطيع المتفنون في لعب لعبة التسقيط من تكوين التحالفات والتحزبات بين اطراف عدة.

لذا تجد بين فترة وأخرى خروج بعض أعضاء القروب بعد ان يكتشف تلك الالاعيب والتفنن فيها، فيعلن عن شجبه لسلوكيات معينة مما يراه بين حين واخر للخلافات التي تجعل بعضهم يفقد اعصابه، وبعض اخر يختار الانسحاب الهاديء لاجل ان لا يترك اثرا سلبيا يكون محلا للقال والقيل، فيكتفي بالحفاظ على علاقة جيدة مع بعضهم ويحتفظ لنفسه لسوء البعض الاخر تجاهه.

غالبا ما يتخذ بعض الأعضاء موقفا خاصا فيتحدث مع البارزة سلوكياته بما يفهمها البعض الذكي، وتارة يُفهّم علنا بقوانين القروب وأخرى بتوعيته علنا، حينما تغيب لغة التفاهم الأخرى، واصعبها حينما يقرر اخراج هذا الشخص من القروب لاسيما في حالات التعنت الجلي.

الحقيقة التي تغيب عنا ونكون في حالة من السهو والغفلة عن هذه الأخطاء مما تحمله من ضعف قيمي واخلاقي حينما نتعمد تسقيط الاخرين امام الناس او جهل حقيقي بتوجيهات الشرع الذي يدعو للاخوة بين المؤمنين وعدم تعييبهم او تسقطيهم والاهم هو حرمة ايذائهم : "من آذى مؤمنا فقد آذاني"و"أذل الناس من أهان الناس" كما روي عن النبي صلى الله عليه واله وقد يتكيء بعض الاخوة على الاية الكريمة "وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَٰتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَٰنًا وَإِثْمًا مُّبِينًا" فان لفظة اكتسبوا تعني بما قاموا به من عمل مشين فحق عليهم الأذى وهذه مما تحتاج الى وعي شرعي فيما يجوز وما لا يجوز التصريح به، فضلا عن ان الاية لا مفهوم لها حتى يصح الأذى حين الاكتساب فكل ذلك مرهون للوجه الشرعي من حدود الجواز وعدمه، فان اذية المؤمن فيما اكتسبه مما ستره الله عليه هو غيبة محرمة الا ان يكون متجاهرا بها على نحو الفسق فانه يخرج عن عنوان الاذية غالبا لان ما يعلن عنه لا يشعر باذية من يتناقلها.

بالإضافة الى ان بعض السلوكيات لا تخرج عن عنوان الهمز واللمز الذي يأتي فيه لعن القائم بذلك " وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ".

ما نرجوه هو ان تكون هذه القروبات تحمل عنوان الجمع لا التفرقة والمحبة لا العداوة والالفة لا الخلاف حتى تكون لها قيمتها الاجتماعية والإنسانية من الجمع والتعاون والتعاضد.

فان كانت لاصدقاء فلتقوي تلك الصداقة وان كانت للزملاء فلتتسع لمزيد تعاون بينهم وان كانت للارحام فلتكن مصدر صلة وتقوية ورابطة رحم من المحبة والمودة والسلام.

تعليقات