الشيخ حسين البيات / وقفت هذه العمارة لأحفادي واسباطي


عند زيد وفرة من المال ويملك أبناؤه مساكن جيدة ولديه فائض جيد، فقرر ان يكون مصدرا للخير بان يبني عمارة بشقق متواضعة لأحفاده واسباطه ويوقفها لهم ولمن يأتي بعدهم بأولوية للمحتاجين منهم وحدد عددا من السنوات كحد اولي لبقائهم فيها اذا كان هناك اخرون بحاجة أيضا والا فلهم الأولوية مع دفع مبلغ رمزي من المال لصيانة المبنى وادارته.

لكنه وضع قيدا اخر وهو حين استغناء الاحفاد عن تلك الشقق حينما يكون لهم مسكن مستقل او يذهبون الى منطقة أخرى فان تلك الأماكن الشاغرة تكون بالأولوية لأرحامه الأقرب فالأقرب من مبدأ الرواية النبوية المشهورة "لا صدقة وذو رحم محتاج" فأرحامه أولى بذلك.

عقد اجتماعا مع أبنائه واخبرهم بما عزم عليه طالبا منهم ان يتولى ذلك احد أبنائه ووضع سلم للولاية باعتبارات مختلفة ككون المتولي يملك وقتا مناسبا للقيام بذلك ونفسية مسؤولة قادرة على تحمل بعض الانتقادات وإخلاص في العمل وعدل في إدارة هذا الوقف الخيري.

أقيمت تلك العمارة بمستوى مناسب جدا وعقد اول جلساته لتحديد من يمكنه السكنى فيها وبقت شقتان فحددوا أولويات المستفيدين حسب الوقفية لبعض الارحام في السكن فيها فاعتذر بعضهم وقَبِل أخيرا اثنان منهم وتم توقيع الجميع على العقد بشروطه الواضحة .

اما اهم بنود العقد فهو المساهمة بــ  3 الاف ريالا سنويا لصيانة المبنى الخارجي وتنظيفه وادارته وهي قابلة للزيادة ان اقتضى الامر وهذه تكون ميزانية مستمرة للمبنى على ان يعفى غير العامل فترة تعطله عن العمل ولا يعتبر دينا بذمته ولا يعوض عنها حينما يكون مقتدرا.

ومن تلك البنود هو ان لا تزيد فترة سكناه عن 5 سنوات اذا وجد طرف بحاجة اليها والا فيمكنه البقاء مادام لم يوجد من يكون محتاجا اليها.

وضع زيد سلسلة جيدة لأداء الوقف بحيث يكون المتولي قادرا على إدارتها بشكل جيد وله نسبة بسيطة لأتعابه من ميزانية العمارة السنوي ويمكن تولية غيره حين اعتذاره او انشغاله بما لا يؤدى العمل بشكل جيد وان يوافق على المتولي البديل اثنان من الارحام المقربين .

شعر زيد براحة كبيرة لهذا المشروع الذي يدر عليه الثواب في حياته وبعد وفاته "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" فهذا الوقف صدقة جارية وهؤلاء الاحفاد والاسباط والارحام أولاد صالحون يدعون له فهم يعيشون الراحة في نعم الله وفضله ببركة هذا الجد ومادام الأبناء يملكون حاجتهم فمن الجيد مع تفاضل بعضهم في الرزق ان لا يشعر بعض الاحفاد بنقص في المال والتقدير مقارنة بأبناء عمومتهم ، فهذا المبنى للجميع المقتدر وغيره وان كانت الأولوية لغير المقتدر ان كانت هناك حاجة للأولويات.

حفظ الله مثل هذا الجد على كرمه وعطائه ووعيه وحكمته

تعليقات