سراج ابو السعود -اراء سعودية
صدر الأسبوع الفائت قرار وزير الموارد البشرية في السعودية بتوطين المهن الهندسية، اعتبارا من الأول من شهر جمادى الآخرة 1442هـ، وبنسبة 20 في المئة من إجمالي المهندسين في الشركة، وبحد أدنى للأجر هو سبعة آلاف ريال.
هذا القرار الذي طال انتظاره سيحقق نسبة طلب كبيرة على المهندسين السعوديين، كما سيلغي تدريجيا احتكار غير السعوديين على هذه المهنة، وهم الذي استأثروا بها لمدة طويلة بسبب عدم وجود تشريعات قانونية ملزمة بتوظيف المهندسين السعوديين.
الحقيقة أن أغلب المشاكل المتسببة في البطالة تعود لجذر واحد مهم، وهو إما عدم وجود قانون منطقي ملزم بالتوطين، أو عدم وجود آلية رقابة حقيقية على ذلك، يعني هذا الأمر أن نظام العمل حينما ينص على أن العمل حق للمواطن، ونجد ملايين الأجانب العاملين في وظائف يتمنى المواطن العمل فيها، ويملك الكفاءة والمهارة لذلك، فليس لأن هذه الشركات ترفض عمل المواطن فقط، بل لأن هذا الرفض لا يمنعه القانون ولا يقف في وجهه، وبالنتيجة فإن جميع جنسيات الأرض ستبدو واضحة في كثير من الشركات إلا الجنسية السعودية التي يمكن ملاحظتها للأسف في المهن المتدنية، كمهن رجل الأمن أو المعقب ومثيلاتها، فيما تلك الوظائف ذات القيمة مستحوذ عليها في أغلبها الأجانب.
هنا نقول: إن وضع نسب توطين للتخصصات المهنية المختلفة في الشركات هو خطوة مهمة في التصحيح، وأعتقد أن خطوة توطين الوظائف الهندسية ستمنح الوزارة نتائج إيجابية مهمة، تؤكد لها ضرورة استنساخ ذات الفكرة في بقية المهن التخصصية على خلاف التوطين ذي المعيار العددي، الذي لم يولد في أغلبه إلا توطينا وهميا تثبت حقيقته نسبة 55 في المئة من السعوديين المقيدين في التأمينات الاجتماعية، الذين تقل رواتبهم عن 3500 ريال.
في اعتقادي أنَّ قرار توطين الوظائف الهندسية هو قرار تاريخي مهم طال انتظاره، وهو بمثابة الانفراجة الحقيقية في علاج بطالة هذا التخصص، تلك البطالة غير المبررة في ظل وجود 230 ألف مهندس في السعودية، نسبة الأجانب منهم 92 في المئة، وبالنتيجة فإن أولى خطوات الحل كانت في هذه البادرة، بتحديد نسبة توطين معينة فيها، والأمنيات تحذو المتابعين لرؤية ذات القرار في التخصصات المالية والمحاسبية، التي هي الأخرى مستحوذ عليها في أغلبها غير السعوديين.
وحالما تتكرر هذه الفكرة في بقية التخصصات وبحدود أجر دنيا، فسيتمكن الجميع من ملاحظة التغييرات الإيجابية في أعداد المشتركين السعوديين في التأمينات الاجتماعية، وكذا مستوى الأجور، وهكذا أمر هو كما أراه معيار النجاح الحقيقي للتوطين وعلاج البطالة.
تعليقات
إرسال تعليق