دكتورنا عقله يوزن بلد


سراج ابو السعود-اراء سعودية
تبدأ الدراسة النظامية برياض الأطفال ثم المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية قبل مرحلة البكالوريوس، يعقبها الماجستير والدكتوراه في تخصص معين.
الدكتور المتخصص في اللغة العربية جاهل علميا في أول مراحل السباكة ما لم يتعلمها، والدكتور العالم في الفيزياء جاهل ربما في أبجديات الزراعة إن لم يدرسها أو يزاولها، ليس لأنه غبي، بل لأنه لم يتعلم، يعني ذلك أن الأصل في الإنسان الجهل بالعلوم المختلفة، وبلوغه مرتبة بروفيسور في علم ما، يعني أن علمه التخصصي محصورٌ فقط في تخصصه، وعدا ذلك فإنه لا يختلف عن أي إنسان آخر ما لم يتعلم.
الدكتور فلان يرى هذا الأمر، والبروفسور علّان يرى ذلك الأمر، ثم ماذا؟ ثم حينما تقرأ سيرته الذاتية تكتشف أنه تقمص قميصا ليس له، لماذا فعل ذلك؟ هناك احتمالان لا ثالث لهما للإجابة عن هذا التساؤل: الأول أنَّه جاهل ويجهل جهله، والآخر أنَّه جاهل ويجهل جهله ايضا، هذا لأنَّ شخصا حينما لا يدرك أنَّ العلم لا يوحى له ويمنحك من غير علم أحاديث خارجة عن تخصصه، فإن العقل في الغالب لا يمكن أن يمنحنا تفسيرات ناعمة لهكذا تصرف.
الغريب في هذا السياق أن أي كلمة نقد توجهها له يقابلك المجتمع بعبارات أيسرها: إن هذا دكتور رياضيات، هذا دكتور فيزياء، كيمياء، أحياء، إن عقل هذا الدكتور «يوزن بلد» طيب ليكن ذلك، فهل بحصول طالب على الدكتوراه في علم ما أصبح عالما غير معلم في جميع العلوم؟
إنَّ أي إنسان سواء دكتور أو غيره إذا لم يدرس علما فهو جاهل به، وإذا تطفل فيما لا يعنيه فليس من الفظاظة أن نصارحه بأنه جاهل، هذا على أنني أرى أن مصارحته بذلك قد تجعله يستيقظ من سباته أو سكرة إعجاب الناس به، ليصبح أكثر حذرا حينما يريد الحديث في أمرٍ خارج تخصصه.
في وقتٍ بدت فيها التفرعات الصغيرة للعلوم المختلفة تخصصات، يُفني فيها الطالب عمره، ليصل إلى أعلاها، ينبري من لا عهد له بعلم أو تحصيل تخصصي، ليتناولها بالتحليل والجرح والتعديل، بل بالإفتاء وترجيح الآراء المختلفة فيها.
في اعتقادي أنَّ على المجتمع أن يكون أكثر حذرا في التعامل مع أولئك، الذين أسهمت قنوات التواصل الاجتماعي في منحهم منابر إعلامية، ذلك أنَّ نسبة منهم تملك من جمال الأسلوب، ولغة الجسد مستوى يجعل أحاديثها ذات تأثيرٍ بالغ على المجتمع، وحينما لا يدرك الناس حقيقة أن العلم لا يوحى للإنسان، فسيكون «سناب شات، فيسبوك، تويتر» وغيرها مصادر حقيقية لأخذ العلوم المختلفة فيما قد يكون أكثرها مغالطات أبعد ما تكون عن الحقيقة.

تعليقات