الكاتب سراج ابو السعود / صحيفة اراء سعودية / البيض في زمن الكرونا

استغلال الأزمات إحدى المهارات المهمة التي تزين السيرة الذاتية للفاسدين، هكذا تتحول الأزمة لفرصة حقيقية يمكن أن تحقق لهذه الشريحة الكثير من المكاسب، غير أن توضيحًا ينبغي أن يعيه القارئ الكريم أول الأمر، وهو أنَّ الفاسد في كثيرٍ من الأحيان ليس شخصًا يخالف القانون وينبغي القبض عليه ومحاكمته، بل هو على النقيض تمامًا شخص يصر في كل مواقفه على المحافظة على القانون بل ودعوة الناس لضرورة الامتثال له.

إذن هو باختصار شخص يبذل باستمرار مساعيه الجادة في دراسة الثغرات الموجودة في القانون وتحويلها لطرق يمكن من خلالها سرقة أموال المجتمع وابتزاز أفراده وجر المنفعة غير المستحقة إلى نفسه دون أن يحاسبه أحد.

اختفاء البيض من السوق ليس لأن الدجاج قرر التوقف عن الإنتاج، وارتفاع أسعار البصل، وندرته في جارتنا الكويت ليس لأن الأرض قررت التوقف عنه أيضًا، هذا الاختفاء في حقيقته يعبر عن مشكلة في صياغة مادة قانونية أو في المراقبة على تطبيقها، هذا الحديث يحيلنا لنقطة غاية في الأهمية تتعلق بضرورة تحديث مواد القانون والعمل الدائم على سد الثغرات الموجودة فيه والأهم بموازاة ذلك الرقابة على تنفيذه.

دعني أحيل القارئ الكريم لمثال متكرر، لو تقدم «مستر بابو، أو نعيم، أو بسيوني» على وظيفة وكان معهم المواطن سعود المتخرج من أفضل جامعات العالم ويملك من الخبرة والمهارة ومن كل المعايير المطلوبة كل شيء، لو تقدم كل هؤلاء على وظيفة وقرر مدير التوظيف مستر جوزيف رفض المواطن وتقديم غيره عليه، فهل سيمنعه القانون من ذلك مع أنه يعتبر العمل حقًا للمواطن؟ الجواب لا، لماذا؟ لأنَّ المادة لا تمنع عمل الأجنبي مع وجود طالب عمل مواطن، لأنَّ المادة لا تمنع نقل الكفالة مع وجود طالب عمل مواطن، لأن النظام لا يمنع تجديد عقد الأجنبي مع وجود طالب عمل مواطن، إذن ليست المشكلة تمامًا في الفاسد، بل المشكلة في وجود ثغرات يمكن استغلالها من الفاسدين لتحقيق مآربهم.

البيض في زمن كورونا أصبح نادرًا، هكذا حينما تلقيت هدية عبارة عن مجموعة من البيض تهللت كثيرًا وسعدت وكأنني أستقبل آيفون «PRO MAX 11» هكذا يقال في الاقتصاد: أعطني احتكارًا أعطيك أرباحًا، وهكذا أقول: خلف كل فسادٍ ثغرة قانونية، أو ضعفٌ في الرقابة، وحالما نريد أن نجد البيض والبصل متوفرين في السوق، والمواطن له الأولوية في العمل على «بابو وجوزيف ونعيم» فلنضع قانونًا محكمًا وطرقًا رقابية محكمة ضد المحتكر المتلاعب، وضد الشركات المتلاعبة بالتوظيف، حينذاك سيتوفر البيض والبصل وسيعمل المواطن في وطنه بأمان.

تعليقات