#خاطرة_الجمعة « عندَما تحَدّقِ المنايا بأنفُسنا»


 #خاطرة_الجمعة « عندَما  تحَدّقِ المنايا  بأنفُسنا» 

 لا أدري ما الذي جعلني أختار موضوعًا للكتابة حول إحداق المنايا بالنفوس، مع أننا مقبلون على الحياة ما وسعتنا الحياة، لا نفر من معتركها، ولا نهرب من أحداثها ؟ الواقع أن الذي جعلني أتجه هذا المنتجه الآن هو ما حدث ويحدث لنا هذه الأيام من مصائب ومنغصات نتيجة إرتفاع حالات الوفيات التي أصبحت شبحًا مخيفًا يثير شجون النفس، عكّرت علينا صفو الحياة، شعرنا بأن الحياة ضيقة، مقلقة، متعبة، مليئة بالعبثية، والتعاسة، وفقدنا الطمأنينة والسكينة والهناء، فهذه الدنيا قصيرة الأمد .. محدودة الأمل .. معدودة الأيام، ستنقضي مهما طال بنا العمر أو قصر، لكن ما يجب علينا فعله هو أن تكون لدينا الرغبة في الحياة، بينما تلك المعوقات تحول بيننا وبين ما نبتغيه، فنستسلم لها . نعم ، إرتفاع حالات الوفيات هي الغاية التي من أجلها سطرت هذه السطور التي تئن وتوجع . آلمني ما يحدث رغم أن الموت نهاية كل حي، تقدم أو تأخر .. اطلعتُ على إحصائية الوفيات في منطقة القطيف لعام 1446هـ، والتي تجاوزت (1200) حالة وفاة بمعدل (100) حالة وفاة شهريًا، ومعظم هذه الوفيات بين مرحلتي الشباب والكهولة، وهذا رقم مؤلم في ظروف طبيعية، وفي ظل تطور العلاجات الصحية الحديثة وزيادة الوعي واهتمام الناس بصحتهم، دفعني ذلك الرقم المرتفع إلى التوقف والمراجعة والنظر إلى حالات الوفيات وخصوصًا في فئة الشباب، البعض يسأل: ما تفسير ذلك رغم الوعي الصحي والتقدم الطبي الذي لا يحتاج إلى دليل ؟ الأمر ليس صعبًا، فالباحثوت على أسرار طول العمر والصحة الدائمة يجمعون على فقدان مقومات الحياة . اليوم وتحت وطأت الأمراض المستعصية التي اكتسحت عالمنا المعاصر، فقدنا الراحة ومتعة الحياة . يوشك الشاب أن يدخل أبواب أعنف التجارب البشرية .. هو الموت بسبب صراعه المحتدم مع الضغوط والسلوكيات المنحرفة التي أخمدت شعلة الحياة واستسلامه إلى أحزان لا نهاية لها .. فالحياة يهددها الموت .  

كثيرًا ما نسمع أن شابًا أصيب بالكآبة بسبب ما عاناه من ضغوطات نفسية واجتماعية، وآخر تعرض لسكتة قلبية، وثالثًا واجه جلطة دماغية بسبب أسلوب الحياة .. وهناك أسباب .. وأسباب .. رأينا شبابًا يموتون بأسباب غامضة ..  رأينا شبابًا في مقتبل العمر والعطاء تتساقط، ومشاعل الإبداع تنطفىء واحدة تلو الأخرى تاركة ألم الفراق ولوعة الفقد للأهل والأحبة والأقرباء. كم مرة فجعنا بصفة خاصة، عندما نقرأ عبر قنوات التواصل أسمًا لشاب نعرفه أو نعرف عائلته .. وكم تألمنا ولا زلنا نتألم من هذا الذي يحدث في مجتمعنا دون أن يبدو له في الأفق القريب أو البعيد مؤشر على انخفاضه؟ من العبث أن نتصور النهايات عندما يدبّ الشيب في الرأس، ويهزل البدن، وتذوب الصحة في أمراض الزمن .. فملك الموت يخطف في كل يوم باقة كبيرة من الناس تضم الطفل والشيخ والمرأة والشاب والمريض، ويسلبهم من منازلهم ودورهم ومالهم وأهلهم ويوريهم التراب ثم يعود ثانية وثالثة وو .. حتى يوم البحث .

-- من صميم التجربة والمعاناة، ومن تحت ما يُسمى " تجربتي الحياتية " لكم أعزائي هذا الرابط والذي يتضمن توصية صحية تعبّر عن واقعنا على وجه الخصوص:

https://youtu.be/pePhlIFUSvU?si=aMilfe25CVCUwFLy

يجمع الباحثون على أن أسرار طول العمر والصحة الدائمة تكمن في البيئة النظيفة، والطبيعة الجميلة، والطعام الطبيعي، والحياة الهادئة تلك الحياة التي تسودها الصحة وبلا متاعب وأمراض . يتوقع معظم الناس أن يمرضوا مرة واحدة على الأقل كل عام، وأن يتغلبوا على مرض خطيرًا واحدًا على الأقل في حلول منتصف العمر، وعلى الأرجح أن يموتوا بسبب مرض واحد أو عدة أمراض في حلول الثمانيين أن لم يكن ذلك في وقت أقرب .. يعتقد معظم الناس أيضًا أن سوء الحالة الصحية ترجع اساسًا إلى سوء الحظ، وأن طول العمر لديهم أمرًا جيد الحظ . لا شيء يمكن أبعد عن الحقيقة، الصحة السيئة ليست مسألة حظ، سوء الصحة هي مسألة أختيار .. نحن لا نمرض، نحن نصيب أنفسنا بالمرض، من خلال إتخاذ خيارات سيئة، وعلى العكس من ذلك نحن بصحة جيدة ونبقى بصحة جيدة من خلال إتخاذ خيارات جيدة .. يشعر معظم الناس أنهم بصحة جيدة طالما أنهم لا يعانون من متاعب وأمراض، وقليل من الناس يدركون ما هي الصحة المثالية حقًا، وحتى أقل عددًا منهم يقبلون فكرة أن الحياة الحقيقية هي التي تتجاوز فيها مائة عام من العمر - بإذن الله - في متناول اليد، في الواقع هذا النوع من العمر الطويل هو ما يجب أن نتوقعه جميعًا بشكل روتيني، جميعكم أنتم تفكرون بالعيش لمدة مائة عام وأكثر . نعم ، لا زلنا نتألم من هذا الذي يحدث في مجتمعنا من وفيات .. شباب في مقتبل العمر وقمة العطاء .. إنهم يموتون غالبًا لأنهم لم يفهموا قوانين الحياة، أصبحنا عاجزين عن فهم ما يجري حولنا، شعرنا بأن العمر يطير، وأن الحياة أقصر مما نظن، ولعل أسباب حدوث هذا العدد من الوفيات يعزى إلى وجوه عديدة ومن أبرزها: آفات العصر الحديث كالملوثات البيئية، والأوبئة، والسلوكيات الخاطئة، والعوامل الوراثية، والنفسية، والضغوطات الحياتية المختلفة. وحيث أن معظم تلك الوجوه عوامل متغيرة، وأن الإنسان يمكنه التحكم فيها، وبالتالي بالإمكان الابتعاد عن أضرارها. 

-- هل فكرت في ماهية الموت ولماذا تغادرنا الأشياء الجميلة هكذا ؟ أنكم لتعلمون أن الموت - وهو الحق الخالد - مضروب على الأحياء، وقدر مكتوب لا يستطيع أحد الفرار منه، وأن لكل مخلوق إلى خالقه مآبًا، وأن لكل أجل وإن تطاول كتابًا، قال تعالى: { مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } [سورة الحديد ، الآية : 22 ] . وأنني لأومن أن الفراق فيه لوعة عارمة، ومشقة قاصمة، فاستعينوا عليه بما تطيقونه من تماسك وتحمل وصبر، ولكننا أُمرنا أن لا نرمي بأنفسنا إلى التهلكة .. ما أقسى الحياة حينما تسرق منك الأحبة والصدور الحانية، لحظات مؤلمة ومفجعة تمر علينا هذه الأيام، مفجعة القلوب والنفوس بفراق الأهل والأحباب، مسرعة بذهاب الأصحاب والأخلاء، نختزن في مهجنا الفواجع والمواجع، استقبلناها بالصبر الجميل . آلمنا رحيل كوكبة من الأخيار المؤمنين المخلصين الصالحين المتقين، ما أشدُّ حسرتنا عندما نتذكر تلك الوجوه المشرقة المضيئة، ليس لدينا سوى مشاطرت ذويهم الأحزان، وآلالام، والهموم، فرسول الله عليه الصلاة والسلام يقول : " من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم "، رحلوا عنا وهم مازالوا في مقتبل العمر أو في قمة العمل والعطاء والإبداع .. رحلوا عنا وتركوا دورهم الكبير في خدمة مجتمعهم والنهوض به، خطفهم الموت دون مقدمات.

وختامًا ، هذه الدنيا قصيرة الأمد .. محدودة الأمل .. معدودة الأيام .. ستنقضي مهما طال بنا العمر أو قصر .. والمهم هو من حمل رسالة الإيمان نقية طاهرة .


-- أسأل الله أن يطيل أعماركم على طاعته سبحانه وتعالى، وأن يشافي مرضاكم ومرضى المؤمنين والمؤمنات، وأن يقضي حوائج الجميع بمحمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين .اللهم أرحم من توسدت أجسادهم الأكفان، وأجعل قبورهم خير مسكن تغفو به أعينهم حتى تقوم الساعة وارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه بحق الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .

 طابت جمعتكم بالصلاة على محمد وآل محمد .

_________


-- متوسط العمر في مجتمعنا حاليًا هو (66) عامًا ، وفي طريقها إلى الانخفاض بسبب عدم تفهم قوانين الحياة ؛ من هذه القوانين مثلًا حاجتك إلى النوم والطعام والشراب والعمل والترفيه . تعلم كيف تنام نومًا صحيًا  يكسبك العافية والانتعاش في صباح اليوم التالي، تعلم كيف تأكل الطعام الصحي، وتحسن مضغه واستساغته بدون افراط ولا تفريط، تعلم كيف تمارس الأنشطة البدنية،  تعلم كيف تبعد نفسك عن الضغوطات والانحرافات السلوكية، تعلم كيف ترفه عن نفسك في حدود المعقول فإن النفوس إذا ملت كلت . 

محبكم/ منصور الصلبوخ.


تعليقات