« العيد بين الأمس واليوم »
كم سيكون جميلًا، رائعًا، مبدعًا .. التزاور في الأعياد بين العائلات والأقارب والأصدقاء، مقرونة بالمصافحة والمعانقة والتقبيل يقول رسول الله صلى الله عليه وآله: « مصافحة المؤمن أفضل من مصافحة الملائكة » أو أن يرسل كل منا بطاقة أو بوستر تهنئة، أو التواصل الصوتي أو المرئي عبر قنوات التواصل يهنئهم عن طريقها بالعيد المبارك ، تتضمن عبارات التهاني والتبريكات والدعوات الطيبة المباركة، لعل مثل هذا السلوك هو قمة في الذوق ودليل خالص على الإيمان، ناهيك عن مشاعر السرور الغامر، ومشاعر التقدير والمودة التي سيحملها لك الشخص المرسل إليه، ويسجل لك شرف تواصلك معه .. عيدًا باسمًا مشرقًا وممتعًا .. عيدًا ارتبط بقيم إنسانية ومعاني ربانية ..
وقد جرت العادة أن يجتمع الأهل في منزل كبير العائلة، الذي يملك قلبًا كبيرًا متدفقًا بالرحمة والعطف والمحبة والدفء في حياة كل فرد من العائلة . عندما نتحدث عن الأعياد تتفتق الذاكرة عن أحاديث جاذبة عن ماضينا وحياتنا وخصوصًا مع الطيبين، أباؤنا الأولون، اللهُم ارحمهم وآنسهم في قبرهم واجعلهم في مساكن جنتك آمنين مطمئنين، هؤلاء أعطوا الخير كل الخير.
قبلًا كانت مناسبات الأعياد من أهم المناسبات الاجتماعية لما يسبقها ويصاحبها من نشاط روحي خاص للكبار ومن تشوق وترقب من قبل الصغار. وكان الأهالي يعبرون عن فرحتهم وابتهاجهم بقدوم العيد بصور شتى، ويتمثل الاستعداد بتهيئة الملابس الجديدة وتنظيف المنازل والأثاث، وتقوم النساء بتهيئة المجالس لأستقبال الزائرين، وإعداد القهوة والشاي والحلويات والبخور. وفي مساء ليلة العيد يذهب الرجال والشباب والأولاد إلى العيون وينابيع المياه المتدفقة للاستحمام، بينما تحرص النساء والبنات على إعداد الحناء وتخضيب ايديهن وأرجلهن به، وتزدحم اماكن المزينين والحلاقين في أوقات العصر والمساء لليوم السابق لأول أيام العيد بالرجال والشباب والأطفال الراغبين في حلق شهورهم ولحاهم وتزينها .. وكانت الأعياد بمثابة مناسبات اقتصادية مريحة إذ كانت الأسواق تزدهر وتزدحم على غير عادتها، ويدب النشاط في الأسواق في الأيام الخمسة السابقة ليوم العيد، ويصل ازدحام المشترين وحركة البيع الذروة قبل يوم من العيد . ويخرج الرجال مع اطفالهم صبيحة يوم العيد، وقد ارتدوا أبهى حللهم الجديدة إلى المسجد لأداء صلاة العيد، وبعد قضاء الصلاة يقوم المصلون بتبادل التهاني والتبريكات بالعيد. ثم ينطلق الناس لتهنئة بعضهم بالمناسبة السعيدة، فتمتلىء الطرقات بالأطفال تزينهم الملابس الجديدة وقد بدوا في أتم فرحة وهناء .
فعلاوة على فرحتهم بالملابس الجديدة، تزداد فرحتهم بحصولهم على " العيدية " . ويستمر التزاور بين العائلات والأقارب والأصدقاء وأهل الديرة، وتتجمع العائلات في منزل كبيرها سنًا أو وجاهة ويتيادلون التهاني بالعيد ثم يتناولون طعام الغذاء سويًا . وتعد الأعياد فرصًا مثالية لتصافي القلوب وإنهاء الخصومات والأحقاد وتلاقي كل أفراد الحي تقريبًا .
في هذا اليوم المشرق من أيام الله، عيد الأضحى الذي شرعه الله تعالى للمؤمنين وهو من أهم المناسبات الإجتماعية، نتشوق ونترقب استقباله بالعود والبخور .. والبهجة والسرور .. فبعد أن منَّ الله على عباده حجاج هذا العام بضيافتهم في بيته الحرام بطمأنينة وأمان، وقضوا ما أوجبه الله عليهم من فريضة، ملتمسين فضله، ولما تحمله هذه الشعيرة من اتحاد الكلمة، وتواشج الأهداف، وتلاقي القلوب .. سمو ومثالية، ومعطيات ومكاسب، حفظ للإنسانية كرامتها ومكانتها .. لا تُنال إلا بها. فهنيئًا لمن كتب الله له الحج والزيارة هذا العام وفي كل عام، والشكر لله على نعمه وحسن توفيقه، تقبل الله حجكم وزيارتكم وصالح أعمالكم، ودعواتكم المستجابة إن شاء الله، وترجعوا إلى أهاليكم وأنتم أشد ما تكونون ايمانًا، وأطهر ما تكونون أفئدة، وأحرص ما تكونون إباءً وإيثارًا وجهادًا وسدادًا . ولا تنسَونا من دعواتكم الطيبة المباركة.
تحياتي/ منصور الصلبوخ.
تعليقات
إرسال تعليق