(كل شئ لم يعد كما كان،ولنتذكر الجانب المشرق)
سمعت يوم أمس إحدى العزيزات متسائلة إياي لكوني أكبر سنا منها: كيف فقدت اليوم القدرة على ممارسة ضحكتها المفضلة؟ حينها بقيت صامتة تفاديا للغوص في ثنائيات وتناقضات لا تنتهي! ولعل هناك أمور لا يمكن للبعض تغييرها! وعزائي عندما تموت الإبتسامات على الأفواه لحظة ولادتها أو تلك التي تعلو الضحكة, "وهنا تباغتني ثمة وجهات نظر", تنطوي على الهدوء أو الغضب الحقد أو التسامح الدهشة أواللامبالاة, الفرح الذي تخفيه أو الحزن! وكإمرأةٍ شارفتْ على عقود من السنين ونلت ماشاء من التجارب والحكايا الكثير,أكادُ أن ألفُ نفسَي بعباءتي كي أشمَ منها عبق الحياء والحياة.
كل هذا يثير حفيظتي وقريحتي المتزنة والتي يخالطها بعض الإستقامة والإنحناءة بين حين وآخر, مما يؤثر على حجم الضياع واليأس الذي يستقر في مكان ما عند البعض, ولعلني هنا لا أسقط تفاصيل البعض الآخر ممن أعرف لأبقى عند حد لا اتجاوزه. حيث أحمل هنا أفكارا في ذهني وذاكرتي, والتي يتخللها استفسارات حائرة تملأني وتشغلني كثيرا, ولعلها تصير أثقل حملا من تلك العاصفة الرملية الغاضبة,التي حدثت منذ ثلاث أيام ولا تزال على أرضنا الحبيبة, والتي نثرت حبات الرمل في كل اتجاه مع تلك الشمس الصيفية الحارقة, والتي حولتها إلى صيف ساخن وكثفت من تلك الثنائيات التي لا أسماء عليها.
خلال رحلتنا الحياتية, قد نصبح جادّين للغاية, وكثيرًا ما نتحدث عن متعة الحياة أو القيام بأشياء لمجرد التسلية, نستهين بها كما لو أن المتعة غير مهمة. نميل إلى تقدير العمل الجاد والجدية, وننسى احترام الجانب المشرق في حياتنا من المرح والضحك والجلسات السعيدة مع من نحب ونهوى, وهو الجانب الذي لا يقل أهمية. هذا أمر مثير للسخرية, لأننا جميعًا نعرف شعور النشوة الذي يلي نوبة ضحك قوية, وكيف يجعلنا أقل توترًا, وأكثر انفتاحًا, وأكثر استعدادًا للتواصل مع الكثير. نميل أكثر بكثير إلى أن نكون مبتسمين ومنفتحين ومرتاحين بعد أن نضحك كثيرا ترويحا لأنفسنا المنهكة, وهذا ما يجذب الناس, ويُلهم ابتسامات من نمرّ بهم وعليهم, فيؤثرون إيجابًا على كل من يقابلونه. إن مشاهدة هذا النوع من التفاعل المتسلسل, يجعلك تعتقد أن الاستمتاع قد يكون من أقوى أدواتنا لتغيير العالم للأفضل .
بالطبع, ومن المهم أيضًا أن نسمح لأنفسنا بالجدية وأن نُقدّر هذا الجانب من ذواتنا لنحافظ على توازننا. بعد الكثير من المرح, قد يكون من دواعي سرورنا أن نسترخي ونركز على راحتنا, أو نخصص بعض الوقت للتأمل الذاتي ريثما تبدأ جولتنا التالية من المرح. ولا بأس من الضحك الذي يعده البعض منا بأنه الدواءٌ النافع والشافي، وهو دواءٌ متوفرٌ لنا جميعًا كلما تذكرنا قصةً طريفةً أو تصرفنا تصرفًا طريفًا نسترد من خلاله عافيتنا. نُضخّم آثار هذا الدواء عندما نشاركه مع من حولنا. وإن حالفنا الحظ، فسيكون لديهم أيضًا ما يُشاركونه معنا, وسيستمر صوت الضحك المُحب للحياة في التدفق من أفواهنا إلى العالم لنظهر الجانب المشرق, حيث استبدلت هذه بتلك بعد أن نقلتُ المحتوياتَ و تخليتُ عما حسبته لا يستحق العناء.
وقبل أن أغادر هذا النص لأتذكر السؤال الجريء الذي يدور في ذهني بين حين وحين
هل كنت شجاعة الى هذه الدرجة على أن أحيا بسلام ؟ ولكن متى سأحيا بسلام, اذا كان علي ان أكون على حذر من كل شئ ومن كل أحدّ! حيث مبدأي دوما, الحياة هو ان نبقى على حذر فهناك من لا يخضع لقانون الحيطة والحذر.
غالية محروس المحروس
تعليقات
إرسال تعليق