للحجارةِ ذاكرةٌ
للمكانِ حضورٌ وروحٌ
به يتذكرنا مثلما نتذكره
ويقاسمنا لذةَ العيش فيهِ
يشاطرنا لوعةَ الافتراق
اقتربْ ضع يديك على حجرٍ واحدٍ سوف تسمع نبضَ الجدار.
بهذه الكلمات صاغ الشاعر اليمني عبدالله المقالح لوحته الرابعة في كتاب القرية.
الأماكن كما الأزمان لابد وأن تبقى شاهدة على أهلها و يُخلّد التاريخ أفعال و أقوال وإن غيبت القبور أجساد الرجال.
تُبهرنا الأعمال السامية والمباني الجميلة والآثار الجليلة التي تتناقلها ألسنة الناس وألبومات صورهم المخبأة التي تتسرب بعضها بين يدي المهتمين وربما تخرجها الصدفة.
عناوين كثيرة تمجّد الأشخاص وتنسب لهم الأقوال الحكيمة والمآثر التي تجعلهم في مصاف حكماء الإغريق ولكن لا أثر لهم سوى تلك المنقولات.
وعلى النقيض ممن عُرفت عنهم الأقوال فقط، هناك من قُرنت أقوالهم بالأفعال واستفاد من كل ذلك أجيال وأجيال، ففعل الخير لا يُنسى كالشمس التي لا يغطيها غربال.
مسجد هنا ومصنع هناك، بيت يُعمّر ونادٍ رياضي يشيّد وأحياء تملأ الأرض يسكنها الناس في منازل تأويهم وذراريهم. وظائفهم التي توفر لعوائلهم لقمة عيشهم وأحلامهم التي تحققها كلمة يطلقها رائد الخير كوعد دائماً يوفى.
كل تلك أفعال تسبق الأقوال تجعل من فاعلها خالداً في ذاكرة مجتمع يورّثها لأبنائه ويحرص على عدم نسيانها كما يورثهم الأخلاق والعادات الحميدة.
الحاج عبدالله بن سلمان المطرود، رجل قلّ نظرائه لغزارة أعماله الخيرية و ريادته التطوعية وحتى التجارية التي لم تكن لمصلحة خاصة بحته، بل لمصلحة عامة يعم خيرها المجتمع بكافة أطيافه.
كان الحاج المطرود رائداً بكل ماتحمله الكلمة وتعنيه، فقد أسس وأنشأ المصانع التي لم يسبقه لها أحد في المنطقة كمصنع الألبان والمخابز الأوتوماتيكية ومغسلة الملابس. وبالإضافة للمشاريع التجارية فقد شملت ريادته كذلك تأسيس الجمعية الخيرية ومرافقها ومأوى لكبار السن ورعايتهم، ومراكز الطفولة المبكرة.
كان الحجي مؤمناً بما يعنيه العمل التطوعي والخيري والإنساني، ترجم ذلك الإيمان لعمل وتحوّل ذلك العمل الى حب يحمله له الناس في قلوبهم وعلى مفردات ألسنتهم وبات اسمه مقروناً بالخير و صيته يشار له ببنان الريادة.
رحل عن عالمنا بتاريخ ١٧-٦-١٤٢٦هـ.
تعليقات
إرسال تعليق