#خاطرة_الجمعة « الإمَامُ عليّ (ع) .. فضائله ومناقبه وسيرته المباركة »


 #خاطرة_الجمعة « الإمَامُ عليّ (ع) .. فضائله ومناقبه وسيرته المباركة » 

 الحديث عن الإمامِ عليّ بن أبي طالب عليه السلام متفرِّعٌ متشعِّب، فكلّ مجالٍ من أبواب المناقب والفضائل نحتاج إلى أعوام وأعوام .. من البحث والدراسة، نحتاج إلى كتب ومجلدات .. نحتاج إلى مكتبات ودائرة معارف .. نحتاج ونحتاج .. ولا نستطيع أن نفي بحقه، نحن هنا لسنا بصدد تعديد مزاياه وسجاياه ومناقبه التي لا تعد ولا تحصى وإنما نحاول أن نلقي نظرة فاحصة أو وقفة تدبر في سيرته المباركة، الشخصية الاستثنائية، أمام دنيا من القيم والمبادىء والأخلاق السامية والمواقف الجبارة،خطّطت للإنسانية صراط الحق والهدى والعدالة الإجتماعية الصحيحة التي يبحث عنها الإنسان، فشخصية الإمام عليّ (ع) تمثل ذروة الكمال البشري لا يفوقه إلا النبي صلى الله عليه وآله، فهو عليه السلام نموذجًا فذِّاً في العقيدة والعلم والعبادة والشجاعة والجهاد ومدرسة الفضائل والمكارم وكل ميادين الحياة المختلفة، ويكفي من أدلّتنا على ذلك كلام ابن عبَّاس حبر الأمَّة وعلم المفسِّرين فيه: « لو أنّ الشجر أقلام والبحر مداد والأنس والجن كتَّاب وحسَّاب، ما أحصوا فضائل أمير المؤمنين عليه السلام » تذكرة الخواص:.٨.

إن أمير المؤمنين (ع) يشكل قيمة معنوية ومعرفية كبرى للمجتمع البشري في مختلف العصور، لا تنحصر في القضايا الدينية التي تهم المجتمعات الإسلامية خاصة، بل له عطاء علمي يثري معارف البشرية في مختلف المجالات، كعلوم الطبيعة، والعلوم الإنسانية، كما أن سيرته الكريمة، وتعليماته الهادية، تقدّم أفضل دعم للقيم الإنسانية النبيلة التي تتطلع إليها المجتمعات البشرية، كاحترام حقوق الإنسان، والتزام العدل، ورعاية السلم الاجتماعي. وإذا كان الرأي العلمي والموقف الأخلاقي يفرضان احترامهما على ساحة المجتمع الإنساني، فإن الإمام علي (ع) يتبوأ المواقع المتقدمة بكل جدارة وإقتدار .. نعم كنوز من العلوم والمعارف والفكر والمبادىء والأخلاق والقيم الإنسانية . هناك جوانب أساسية كثيرة من سيرة أمير المؤمنين (ع) لا تزال مجهولة، ولم تسلط عليها الأضواء الكافية من البحث والتحقيق، لقد أهتم الفقهاء ورجال الدين بدراسة وتمحيص ما ورد عن أهل البيت عليهم السلام فيما يرتبط بالمسألة الفقهية، أما سائر الجوانب فلم تحظ بالاهتمام المطلوب .

أليس من المؤسف أن نضع الكنوز التي تركها لنا الإمام عليّ (ع) وراء ظهورنا دون أن نقرأ علمه وحكمه وفكره وعدله وعدالته، أما حان الوقت أن نستثمر تلك الكنوز الثمينة فيما يعود علينا بالنفع في الدارين !! كل الجهود التي بذلت في دراسة حياة أمير المؤمنين (ع) ونشر تراثه ومعارفه، تعتبر ضئيلة محدودة، قياسًا إلى عظمة الإمام، وثراء عطائه، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل استفاد العالم من علوم وعطاء أمير المؤمنين عليه السلام؟!  على مستوى ساحة المعرفة العالمية لا تجد ذكرًا لأئمة أهل البيت عليهم السلام، ولا حديثًا عن نظرياتهم، ولا استشهادًا بسيرهم ومواقفهم. إن البشرية اليوم وأكثر من أي وقت مضى، في حاجة ماسّة لعلم عليّ عليه السلام التي تتمثل في العدل ورعاية حقوق الإنسان والذي تعطلت مفاعيلها مع واقع الاستبداد وممارسات الظلم والطغيان .

من المؤسف ما نراه من آلام البشر ومآسيهم المحزنة في هذا العصر التي تتجلى في الحروب المدمرة، والاعتداءات الظالمة، والجرائم البشعة، والفساد الأخلاقي الفتّاك، والتفكك الاجتماعي، وانتهاك حقوق الإنسان ..كل ذلك ما هو إلا نتيجة طبيعية من بُعد وابتعاد الإنسان عن الثروة المعنوية والكنوز الروحية التي تركها لنا الإمام عليّ (ع)، وتمثل القيم الإنسانية في أعلى درجاتها من السمو والكمال التي حملها الإمام، ما استعملها أحد إلا رأى الخير ..تلك القيم التي رخصت في قاموس عصرنا الحالي، نعم نشعر بالأسى والحزن كون الأمة الإسلامية لم تتعامل بصورة صائبة مع مدرسة الإمام عليٍّ (ع)، فالإمام شخصية ملأت الدنيا وشغلت التاريخ وتركت في الدنيا دويًا لا يزال يرن في الآذان حتى آخر الحياة !! ماذا عسانا أن نقول أو أن نضيف؟! نعم، خسارة الأمة إنها لم تستفيد من كنوز أمير المؤمنين عليه السلام .. فظلّت السبيل .. فوقعت ضحية الجهل والضياع. ليس من العدل ولا من الإنصاف في شيء، أن يذكر اسم علي بن أبي طالب عليه السلام دون وقفة تدبر في غزارة علمه وفضائله وبلاغته وفصاحته وروائع حكمه ودرايته وفهمه للحياة - رغم ما واجهه عليه السلام في فترة توليه الخلافة من مشاكل عديدة - فهو إمام الشجاعة والزهد، إمام المنطق والعدل، مهما قلنا فإن الحديث يقصر، واللسان يعجز، والقلم يعيا، لأنه البحر الزاخر، والموج الدافق، والعطاء الغزير  .. عندما نذكر عليًا فلا نحتاج إلى كلام آخر فالاسم دال وبوضوح الشمس، إنَّكَ عليٌّ أوُّلُ إنسان على وجهِ الأرض يُعْلنُ إيمانَهُ ويحملُ مع الرسول صلى الله عليه وآله أعباء الرسالة .. إنَّكَ عليٌّ وقفت مع الرسول (ص) ودافعت عنه، ووقيته بنفسك .. إنَّكَ عليٌّ شاركت النبي( ص) في جميع غزواته، وابليت فيها البلاء الحسن .. إنَّكَ عليٌّ روح التوحيد وروح الإيمان، وروح الهجرة، وروح الجهاد، وروح النصرة وروح الكرامة .. إنَّكَ عليٌّ أفضل الناس علمًا وعبادة، وقربًا من رسول الله صلى الله عليه وآله .. إنَّكَ عليٌّ أعبد الناس وأزهدهم وأعلمهم بكتاب الله وسنة رسوله (ص) .. وإنَّكَ عليٌّ أكرم الناس نسبًا وأكرمهم زوجة وأكرمهم ولدًا .. وإنك عليٌّ كشاف الكروب وفراج الخطوب ومسعر الحروب .. وإنَّكَ عليٌّ ملأت الدُّنيا بالعلم .. وإنَّكَ عليٌّ الذي حضن الألباب .. وإنَّكَ عليٌّ الذي أثرى العربية بفصيح الكلام .. وإنَّكَ عليٌّ سيد البلغاء وأمير الحكماء .. وإنَّكَ عليٌّ أعظم سيِّد من سادات المسلمين وأفضل إمام من أئمة أهل البيت الطاهر، وأفصح متكلم وأبلغه بعد النبي الكريم صلى الله عليه وآله .. وإنَّكَ عليٌّ هبة الله لمحمد صلى الله عليه وآله، ووارث علم الأوصياء وعلم من كان قبله .. وإنَّكَ وإنَّكَ .. يكفينا فخرًا نحن شيعتكَ، والقرآن معكَ، والحق معكَ، وإنَّكَ قسيم الجنة والنار، وإنَّكَ بمنزلة الرأس من جسد الرسول (ص)، حبيب الله وخاتم انبيائه، وإنَّكَ باب علمه .. كم نحتاج في هذه الأيام إلى تلك القدوة، إلى شخصيةِ الإمامِ عليٍّ عليه السلام، نتلمس سيرته وننهج نهجه .. كم نحتاج إلى النور الرباني الذي يضيء لنا الطريق ويفتح لنا الأبواب ويمدنا بالقوة والعزة والشموخ، ويقينا مخاطر الزيغ والانحراف، فالإمام سعى في خدمة الإنسانية؛ هذا الكنز المعرفي . قال تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[ الأنعام: 153] .

في الختام نسأل الله سبحانه أن يزد في قلوبنا محبّة أمير المؤمنين عليه السلام ومحبّة زيارته، ويثبتنا على ولايته والبراءة من اعذائه، اللهم  آمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين. 

              ~ جمعة علوية حزينه ~ 

              ~ مأجورين ومثابين ~ 

__

--الحقُّ أنَّ عليًّا عليه السلام كانَ إنسانًا يدعو للإعجاب، كانَ آيةً منْ آياتِ اللهِ سُبحانَهُ، وَهُوَ ذَخيرةٌ من ذخائِر الله، وبِهِ قَيَّضَ اللهُ العونَ لِرَسُولِهِ ولِدينهِ، فهو بعدَ الرَّسولِ إمامٌ وقائِدٌ للمسلمينَ، وقد جعلَ اللهُ الإمامةَ في نسلِهِ بِأمرٍ منهُ سُبحانَهُ، والإمامةُ، إنْ لمْ تَكنْ في نسلِ عليٍّ وفاطِمةَ، ففي نَسْلِ مَنْ تكونُ ؟! .

نشارككم الأحزان والمواساة/ منصور الصلبوخ.

تعليقات