« وكنّا إذا اشتقنا إلى رؤية نبيك نظرنا إليه »
-- قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [آل عمران:33- 34].
في غمرة احتفالاتنا البهيجة بذكرى مواليد المعصومين عليهم السلام وذويهم، في هذا الشهر العظيم شهر الشفاعة تطل علينا هذه الليلة ذكرى ولادة علي الأكبر - سلام الله عليه - الجمال النبوي، والكمال السرمدي، ذو الوجه الجذّاب، والهيأة الجميلة، وُلد من اُم جليلة أسمها ليلى بنت مرّة بن مسعود الثقفي، وتربى على يد أبيه الإمام الحسين عليه السلام، وارتوى من ينبوع العلم والأدب والكمال والإيثار والشهادة، وفي ظل هذه التربية لم يئل جهدًا في مجال طاعة الإمامة والدفاع عن أهدافها المقدسة.
وكان عليه السلام، أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله خَلْقًا وخُلُقًا ومَنْطِقًا .. أجل، أن صورته وسيرته وعفّته وسخائه وشجاعته وشهامته وفصاحته وبلاغته وتواضعه وكرامته وأخلاقه ومروءته وكماله ومكارمه وحلمه وفضله وبذله وجميع صفاته مرآة لذلك البحر الواسع للفضائل والمكارم، ذلك الإنسان الذي لا يرقى سائر الناس إلى مستواه، خاتم النبيين، أي منقذ البشرية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله - وكلما اشتاق الإمام الحسين عليه السلام لسماع الأنغام الملكوتية لرسول الله صلى الله عليه وآله كان يستمع إلى كلام علي الأكبر، وحينما كان يتذكر الأخلاق الحسنة للنبي صلى الله عليه وآله الذي مدحه الله بالآية الكريمة{ وانّكَ لَعلَى خُلقٍ عظيم } [ القلم، ٤]، كان يلتفت إلى ولده. أجل، لقد كان شبيهًا للنبي صلى الله عليه وآله. وكان دليلًا على أوصاف جمال وجلال محمد صلى الله عليه وآله.
-- مثلما كان الإمام الحسين عليه السلام بحب علي الأكبر وينظر إليه بشوق كي يرى جدّه العظيم في تلك المرآة الشفّافة ويتذكّر ذكرياته الجميلة في مرحلة الطفولة، كان علي الأكبر أيضًا يحب كثيرًا أباه وكان صاحبًا له في جميع الحالات وشريكًا له في مشكلاته، هذا الشاب الوقر واللائق، رافق أبيه وخدمه، وضحى بنفسه من اجل تحقيق أهدافه المقدسة.
-- ولد شبيه النبي صلى الله عليه وآله علي الأكبر في المدينة المنورة في11/شعبان/ سنة 33هـ ، وكأنّ شمس النبوّة أشرقت من اُفق السماء .. مضيء الوجه يشبه جدّه في الشكل والأخلاق والمنطق، وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته، عندما يشتاقون لرسول الله صلى الله عليه وآله يأتون لرؤية علي الأكبر. لقد كان مرآة تعكس تمامًا الأوصاف الأحمدية، وكان الصديق والعدو عرضة لأشعة تلك الأنوار .
وأحسَنُ منك لم ترَ قطُّ عيني
وأجملُ منك لم تَلِدِ النِّساءُ
خُلِقْتَ مُبرءاً عن كلِّ عَيبٍ
كأنّكَ قَد خُلِقتَ كما تَشاءُ
-- وكان شمسًا ساطعة تنتشر أنوار فضائلها الرسالية في جميع المجتمع الإسلامي، كان يحب الضيف ويهتم بالفقراء والغرباء، وكان عزيزًا وكريمًا فمدحه الشعراء :
لم ترى عينٌ نظرت مثله
من محتفٍ يمشي ولا ناعل
يغلى نئى اللّحم حتّى إذا
انضج لم يغلِ على الآكلِ
كان إذا شبّت له ناره
يوقدها بالشّرف القابلِ
كما يَراها بائسٌ مُرملٌ
أو فردُ حيٍّ ليس بالآهلِ
أعني ابن ليلى ذا السُّدا والنّدا
اعني بن بنت الحسبِ الفاضلِ
لا يؤثر الدُّنيا على دينه
ولا يبيع الحقّ بالباطلِ
(مقاتل الطالبيين،ص٥٣)
-- اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ نَبِيِّ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ الْحُسَيْنِ الشَّهيدِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الشَّهيدُ ..
« صلّى الله عليك وعلى عترتك وأهل بيتك وأبائك وأبنائك وأمهاتك الأخيار الأبرار الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرًا »
تهانينا وتبريكاتنا للجميع
وكل عام وأنتم بخير
_________
-- كان في آل رسول الله صلى الله عليه وآله أشخاص يشبهون النبي صلى الله عليه وآله ولكن ليس في جميع الصفات، فقد كانت الزهراء سلام الله عليها تشبه النبي صلى الله عليه وآله في المشي، وكان الإمام الحسن عليه السلام يشبه النبي صلى الله عليه وآله في الهيبة والسيادة، وكان الإمام الحسين عليه السلام يشبه النبي صلى الله عليه وآله في الجود والشجاعة، ولكن علي الأكبر كان يشبه النبي صلى الله عليه وآله في جميع الصفات بشهادة أبيه ويستثنى من ذلك مقام النبوّة والإمامة.
نشارككم الأفراح والمسرات/ منصور الصلبوخ.
تعليقات
إرسال تعليق