"يا من أرجوه لكلِّ خير، وآمنُ سخطه عند كلِّ شرٍّ .."


"يا من أرجوه لكلِّ خير، وآمنُ سخطه عند كلِّ شرٍّ .."

الشيخ حسين البيات


الرجاء هو التوسل والترجي والامل بالحصول على الشيء ويضاده اليأس والقنوط، والرجاء يكون في الشيء الإيجابي المحبوب والمرغوب فيه وتجتمع فيه ثلاث عناصر الراجي والمرجو ومادة الطلب؛ المؤمل الحصول عليها، وقد ترتجي شيئا من شخص كريم لكنه لا يملك ما تريده وتتمناه وقد يملكه لكنه لا يصلح لك، وقد ترتجي شيئا من بخيل او قليل العطاء وبالرغم من قدرته لكنه مقصر في العطاء والبذل.

اما الراجي فانه يأمل من طلبه الحصول على الشيء وغالبا لا يتوسل العزيز ممن يعرف شحه وبخله الا اذا اعيته الحيل وضاقت به الأمور ،

في دعاء رجب الوارد عن الامام الصادق عليه السلام والذي يداوم على قراءته اغلب المؤمنين هو دعاء "يا من ارجوه لكل خير.." ونجد الرجاء مقترن بالخير من ملك الكون ومالكه وكريم الكرماء واكرمهم ولن ترجو من بخيل فضلا لكنك ترجو من الكريم الفضل والخير، ولا اشمل لكل معنى من معاني العطاء من لفظة خير، لما فيه من شمولية لكل قيمة من الفضل، فالرحمة خير والسلامة خير والعافية خير وكل نعمة من الله فهي خير ولذا قيل ان الوجود كله خير مهما تعددت اصنافه وتضادت انواعه.

ولكن ان منع عنك شيئا فليس ذلك الا لكون المنع خيرا لك فقد تطلب شيئا وتحسبه يمثل كل خير بحياتك بينما هو ضرر لك او لمن تحب فيمنعه عنك والمنع هنا خير، فسبحانه من معطي الخير لمن سأله ولمن لم يسأله.

ونرى في الفقرة التالية هو حالة الامن من السخط والسخط هو غضب القوي القادر المقتدر وقد نفهم من حالة  الامن هو وجود مبررات الغضب من العظيم لكن الانسان لعظم ثقته بخالقه فانه يأمن حصول السخط والنقمة منه وان ربطنا الشر بالمعصية لكننا يمكننا تصور معنى اشمل وهو الشعور النفسي بالأمان وان خيم الفقر والمجاعة والرياح العاتيات والتي يتصورها الانسان شرا لان فيها هلاكه وفناءه وضعفه، لكن نفسه تبقى مطمئنة بأمان خالقها.

ومع ذلك فتصور الانسان حالة الامن حين وجود مبررات غضبه وسخطه يفيدنا حالة الامن بخالقه "وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه".

ان مصادر الاطمئنان بالرحمة الإلهية هو عدله وانه لا يظلم عباده سواء كانوا مطيعين ام عاصين وان الرحمة العظيمة تجعل الانسان آمنا من عذابه وآمنا من سلب الانسان الخير منه سواء كان لمعاصي فردية ام جماعية،

ما اجمل ان يكون في القلب مكان للرجاء ومساحة عن المرجو وامل عند الراجي

ولعل اشد حالات السخط هو حالة الاستدراج عندما يستمر الانسان في نكرانه ومضاداته لله بمعاصيه ومبارزته " أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ"

وأخيرا فهل يتحقق سكون النفس وانسها بتحقق المرجو ام ان مجرد الشعور بالعلاقة مع المرجو تكفي في راحة النفس وطمأنينتها؟

والحقيقة ان الرجاء بنفسه يذهب حالة الخوف واليأس ويملأ النفس راحة بأمل تحقق المرجو

تعليقات