في شهر رجب: خطة اصلاح ما فات

 


في شهر رجب: خطة اصلاح ما فات 

لا يقتصر برنامج اصلاح النفس على مصارعة المعاصي والذنوب ولكنها تمثل عقبة كبيرة امام صفاء الانسان وكيفية تهذيبها وتوجيهها للطريق الصحيح ولا شك ان خير ما يكسبه الانسان في دنياه هو رضا الله سبحانه،

لذا سأواصل الحديث عن عملية مصارعة المعصية لأننا في اشهر عبادة وكلما صفّى الانسان نفسه ونقاها من المعاصي كلما كانت كلماته الى الله اقرب وأنِس بمناجاته ودعائه.

نبدأ بخيبة الامل لعدم انجاز ما خططنا له ولسان حالنا: انني لم اعد استطيع ان اخطط لنفسي شيئا ولن اعد نفسي بالقيام بشيء فقد قررتُ اعمالا كثيرة لشهر ي جمادى ولم احقق منها شيئا مقبولا، واكاد ان اتوقف عن وضع خطتي الشهرية،

ما هي المشكلة التي اعاني منها حتى أصبحتْ اهدافي لا تتحقق ولا أُنجز منها شيئا مفيدا لنفسي واسرتي؟

ان المشكلة الحقيقية هي انني اضع ما أأمل وارغب وليس ما اريد ان اصنع باهداف وغايات ممكنة، يمكن إنجازها ولو عبر الخطوة خطوة او عبر عقلانية الهدف.

لا يمكنني ان اتوقف عن التدخين لمجرد الإعلان عن رغبتي او لمجرد الانفاعلات الارادية العاجلة والتي غالبا ما يتوقف عنها راغبو الرياضة لوجود الوزن الزائد وتجده يقوم بتلك الرياضة برغبة عارمة وسرعان ما تتوقف بعد يومين او أسبوع ليعود الى حالته السابقة، لكن عندما تكون صحته وحياته رهنا لبرنامج معين فانه سيقوم به وان واجه الصعاب من الجوع او التعب كمن يصاب بالسكري ويُطلب منه تخفيف وزنه فلا يملك مندوحة للتهرب من ذلك لانه سيتعرض للخطر.

ان المعصية التي نرغب في تركها ليست ذات طابع واحد وانما هي معاصي بدوافع مختلفة ومسوغات كثيرة واذا ما اردنا تركها فعلينا التعرف على أسبابها وجذورها ومؤثراتها ونتائجها حتى يمكننا النظر في كيفية تركها.

من ترك الصلاة كسلا ويريد ان يعود اليها يختلف عمن يهوى الغرائز ويستأنس بها لان المثير والدافع لكليهما مختلفان ، ومن يعش بين مثيرات الغرائز يوميا بحكم طبيعة حياته يختلف عمن يبحث عن بعضها وصورها ومن يكون في بيئة عمل مملوء بالاثارة يختلف عمن لا يكون في تلك الأجواء.

فخطة مواجه المعصية تختلف باختلاف المثير وقدرة المستثار للدفاع ولذا يجب علينا وضع خطة ممكنة تناسب نوع الذنب واستثارته، ويمكنك ان تحقق وتنجز شيئا منها بمقدار الاردة؛ قوتها ودوافعها وكفاءة البقاء دونها، 

فخطة مناسبة معقولة افضل من تدوين الرغبات وعدم انجاز حتى الشيء القليل منها.

شهر رجب هو شهر عبادة وقرب من الله وفيه تصب الرحمة صبا ويمكننا اضعاف استثارة المعصية بتكثير عبادة الله والقرب منه وكلما اقتربنا منه خطوة جفونا الذنوب واسبابها الى ان تسبح الروح في لذة العبادة والدعاء والطاعة لله.

يستحب في شهر رجب الصيام ولو بعض الأيام وقراءة القرآن والقيام بالصلوات والصدقة والدعاء سواء الادعية المعروفة في رجب (خاب الوافدون..او ..يا من اجوه لكل خير) او الادعية العامة التي تحرك النفس وتستعطفها امام ربها، ويمكن للمكلف انتقاء بعضها المناسبة له والاندماج نفسيا مع معاني بعض الادعية والمناجاة واختيار الصوت ذا التاثير الجيد الذي يدفع للانفعال النفسي وهو مهم جدا حتى يعطي الدعاء او المناجاة اثرهما من الدخول الى النفس وتوجيهها.

ضع لنفسك برنامجا لكل يوم وازدد من اعمال الخير وعبادته وحاسب نفسك على أي تجاوز على الله وعباده وتب اليه ولا تسوف التوبة 

وأخيرا فلا تنس التركيز على القراءة وتغذية العقل بالمعرفة والعلم وان تجعل لك وجبة عقلية كل يوم 


تعليقات