« يا أيها المبعوث فينا رحمة قد تاهت الأفكار في معناك »

 


« يا أيها المبعوث فينا رحمة 

             قد تاهت الأفكار في معناك »

بعد الصلاة والسلام على نبينا المصطفى خاتم الرسل وأشرف الأنبياء وسيد المرسلين وأفضل الخلق أجمعين سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا ابي القاسم محمد وآله الطاهرين، لا سيما بقية الله في أرضه وحجته على عباده المهدي المنتظر صاحب العصر والزمان أرواحنا له الفذاء وعجل الله فرجه الشريف .

-- اختار الله سبحانه محمدًا صلى الله عليه و آله للنبوة، وكلفه بأن يقوم بهداية الناس، وإخراجهم من الظلمات والشرك والجهل الذي هم فيه، إلى رحاب العلم ونور الإيمان، وأن يرشدهم إلى طريق السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة  { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } .

-- قال تعالى ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا}  الغرض من بعثة النبي صلى الله عليه وآله هو للرقي والتطور والنهوض بالأمة . فالعرب قبل الإسلام كانت قبائل مشتتة متفرقة، وأفضل وصف للعرب قبل الإسلام هو وصف سيدتنا الزهراء عليها السلام:{ وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النّارِ، مُذْقَةَ الشّارِبِ، وَنُهْزَةَ الطّامِعِ، وَقُبْسَةَ الْعَجْلانِ، وَمَوْطِئَ الأقْدامِ، تَشْرَبُونَ الطّرْقَ، وَتَقْتاتُونَ الْوَرَقَ، أذِلَّةً خاسِئِينَ، {تَخافُونَ أنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِكُمْ}. هكذا كان العرب، لم تكن عندهم دولة ولا حضارة ولا أمة. فجاء نبي الرحمة صلى الله عليه وآله، وحول شتاتهم إلى قوة ضاربة في عقد من الزمن. هذه الدولة استطاعت أن تجابه أكبر قوتين في ذلك الزمن وهما الفرس والروم.

-- ما فائدة إحياء هذه المناسبة الشريفة؟ هناك فوائد كثيرة، روحية وأخلاقية وفكرية .. فلنذكر في هذا المقام فائدتين هما:

الفائدة الأولى/ أن النهوض والتطور والتقدم والألتحاق بركب الحضارة ليس أمرًا سهلًا، يحتاج منا إلى عمل وجهد وإرادة حقيقية. 

الفائدة الثانية/ هي ضرورة أن نقرأ السيرة النبوية قراءة تحليلية واقعية، لماذا ؟ لأن الذي استطاع أن يبعث العرب هذه القبائل المتفرقة في فترة بسيطة ويحولهم إلى قوة، هذا الشخص كان يملك كل مقومات النهوض والتطور والتقدم .. ونحن تعلمنا أن النهوض في الأمم والسقوط هي قضايا يعبر عنها بـ. « السنن التاريخية » لا تتغير ولا تتبدل . من خلال دراستنا للسيرة النبوية، يمكن أن نستخرج كل مقومات النهوض والتطور ونطبقها اليوم. فأي دولة اليوم يقاس مستوى تقدمها بالتعليم ومعيارها: جامعات، شهادات علمية، بحوث علمية، اكتشافات واختراعات، ونسبة الإنفاق العلمي فيها . وبالطبع هي معايير حديثة لكنها في الحقيقة معيار إسلامي، والدليل على ذلك، أول آية نزلت في القرآن الكريم أقرأ، فالبعثة بدأت بفعل يدل على التعليم، { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [سورة العلق:1- 5]. هذه السورة فيها الحث على القراءة والعلم والقلم، وثاني سورة نزلت في القرآن الكريم سورة القلم { نٓۚ وَٱلۡقَلَمِ وَمَا يَسۡطُرُونَ } حتى الإسلام أشار إلى ذلك، أن تقدم الأمم يبدأ بالتعليم وتوجيه بوصلة المجتمع للعلم والمعرفة، لذلك عندما نتحدث عن تقدم بلداننا الإسلامية، هو مستوى الإقبال على التعليم وهي من الأشياء التي نتقرب بها إلى الله عز وجل ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.

-- في هذه الليلة المباركة بعثة النبي صلى الله عليه و آله، نرى الوجوه المؤمنة تتلألأ بالنور والجمال، فرحة، مبتهجة .. نرى النور هذه الليلة يملأ اصقاع الدنيا يرشدنا إلى طريق الهداية  ..

-- بارك الله لكم أحبائي المؤمنين الموالين يوم المبعث النبوي الشريف - اليوم الذي بعث فيه النبي صلى الله عليه وآله رسولًا للإنسانية جمعاء، يوم شريف فيه أعمال كثيرة وردت عن أهل البيت عليهم السلام، من هذه الأعمال: الغسل، والصيام - عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: « من صام يوم سبعة وعشرين من رجب كتب الله له صيام سبعين سنة »،

والإكثار من الصلاة على محمد وآل محمد، وزيارة النبي وزيارة أمير المؤمنين (عليهما السلام ) والصلوات والأدعية المخصصة في هذا اليوم المبارك .

-- أزف لكم أحبائي تبريكاتي العطرة بماء الورد والعود والبخور راجيًا من العلي القدير أن يعيد لنا هذه المناسبة العظيمة، ونحن إن شاء الله نتمتع بصحة وسعادة وفي احسن حال، بعيدين عن الأسقام والأحزان، وإن يفرج همنا وينفس كربنا برحمته وقدرته، ويرحم موتانا وموتى المؤمنين والمؤمنات، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الأطهار. 

          تهانينا وتبريكاتنا للجميع 

            وكل عام وأنتم بخير 

_________

" ويل ديورانت " فيلسوف ومؤرخ أمريكي أعظم شخصية كتبت في تاريخ البشرية في القرن العشرين صاحب كتاب " قصة الحضارة " يتحدث فيه عن النبي محمد صلى الله عليه وآله فيقول: « إن محمد كان من أعظم عظماء التاريخ » نعم لا عظيم كالرسول صلى الله عليه وآله وأهل بيته الطيبين الطاهرين، ولو لم يكونوا في الدنيا لما كان للعظمة وجود ».

نشارككم الأفراح والبركات / منصور الصلبوخ.

تعليقات