((الكتابة لا تعرف الحدود و فكرة النص تنتصر على الكاتب))
سلام أيها القراء الأعزاء، وسلام خاص للأخت التي ألهمتني و دفعتني من حيث لا تدرك بأن أكتب هذا النص.
قرأت لسيغموندفرويد"نحن كائنات إلغاء" والإلغاء معناه: هو إهمال كم هائل من إيجابيات شخص معين حين نرى ناحية سلبية واحدة فيه. هذا ما قاله طبيب الأعصاب النمساوي بصراحة واضحة بغية الدفاع عن القمع!
جاءني إتصال من إحدى الأخوات منذ يومين تسألني أين أنا! عندما افتقدتني في إحدى الإلتزامات العائلية حيث تعذر حضوري, وكان ردي عليها قائلة: لقد منعتني تلك الزائرة المتطفلة الفضولية العنيفة بشتى أصنافها "الأفلونزا", وهذا مافعلت بي بكل شراسة ولا زالت متربعة على صدري دون رحمة ومنعتني عن الحضور, فظننت تلك الإخت إنها ستتعاطف معي وتقول, سلامتك بعد إن سمعت صوتي المجهد! فإذا هي ترد بكل تجاوز واستخفاف, معقولة سبب غيابك الأفلونزا! (ولكنك لا زلت تكتبين حيث اقرأ كتاباتك هذه الفترة!) وحينها قررت مع هذا الإسفاف في الإسلوب, ألا أرد عليها وعوضا عن ذلك سأكتب هنا, لتلك الأخت ولأمثالها وأدعوها لتتعمق في الإحترام الأعمق بداخلها, حتى تتمكن من إدارة طريقة تفكيرها وحسن نيتها, عند التعامل مع الغير بوضوح أكبر وهدف ووعي ذاتي فيه من التهذيب الوفير.
عندما أكتب يمكن للكتابة, أن تشفيني وتوجهني إلى ذاتي الأكثر اعتدالا, من خلال يومياتي المثيرة للتفكير بمحتوى النصوص الإيجابية،حيث تمنح الكتابة عقلي فرصة لاستحضار كل التفاصيل, وحينها يمكنني أن أخذ وقتًا لإستكشاف فكرة أو ذكرى وكأنها شيء خاص بي, ومن خلال الكتابة اكتسب بعض الانفصال عن نفسي, بمجرد إخراج الفكرة من ذهني ووضعها هنا, ليتشكل الوضوح الذي ربما لم أكن لأجده أبدًا, لو سمحت للفكرة بالتدحرج مرارًا وتكرارًا في رأسي وذاكرتي. وفي استخراج موضوع ومحتوى النص في الكتابة, يمكنني أن أجد السبب وراء الإستمرار. وفي هذا غالبًا, ما أجد التعاطف (لنفسي وللغير), بالإضافة إلى الشعور بالوجود بالحياة بالصحة وبالتواصل. والكتابة ايضا تساعدني على اكتساب فهم أعمق لدوافعي وسبب نشاطي الأدبي.
عندما أكتب وسط إنشغالي ومتاعبي, و من خلال مشاهداتي اليومية الواعية والتأملية, ليتم تشجيع البعض على اكتشاف البعض الآخر من تجاربهم وأنماط تفكيرهم. ومن خلال فحص هذه الجوانب من أنفس البعض, يمكنهم اكتساب فهم أوضح لسبب قيام البعض منا بالأشياء التي نقوم بها,وعلى وجه الخصوص الكتابة وليكن نوعها, كما حدث في المقال الأخير لي والذي وصلني بعض الردود وأثره على مشاعر البعض بإتخاذ بعض القرارات! من خلال الكتابة نلقي نظرة على المحفزات التي يمكنها تحديد الأسباب وراء الكتابة. من خلال الانخراط في عملية الاستقصاء الذاتي هذه, يمكن لبعض القراء الجادين البدء في كشف دوافعهم الخاصة واكتساب رؤى قيمة حول أنفسهم.
يمكن أن تكون الكتابة وسيلة علاجية للغاية. فهي تسمح لنا باستكشاف المواقف والمشاعر بطريقة آمنة. يمكن الاحتفاظ بالمفردات خاصة حتى نرغب في إظهارها في نص آخر ولشخص آخر, كما أننا نشعر بالأمان عند معرفة أنه لا ينبغي أن تكون مناسبة في المرة الأولى. يمكننا أن نستمر في الكتابة حتى نعثر على الحقيقة التي نحاول كشفها. في كثير من الأحيان, نبدأ في الكتابة عن شيء واحد فقط لندرك في النهاية أن النص يدور حول شيء آخر تمامًا, نعم شيء أعمق. شيء ربما لم ندركه. وبإمكاننا أن نتعمق أيضًا في الكتابة بوجهات نظر مختلفة لمساعدة الأشخاص على اكتساب رؤى جديدة. من خلال فحص تجاربهم من زوايا مختلفة, يمكنهم اكتساب فهم أوسع لأنفسهم وحقيقتهم. في النهاية, الهدف هو تمكين الناس من اتخاذ خيارات واعية تتماشى مع ذواتهم الحقيقية. من خلال التعمق في الحقائق العميقة في الداخل. نعم من خلال الكتابات الدائمة المتنوعة والتأمل يمكن أن يساهم في فهم الشخص لنفسه وحقيقته .
أنا مؤمنة بشدة بـأهمية الكتابة واستمراريتها, فقط من خلال استكشاف كيفية ارتباط كل موضوع بحياتي وماضي وتجاربي, يمكن للشخص القارئ أن يحرز تقدمًا حقيقيًا. عندما يتم ذلك حينها يجلس البعض من القراء ويطبقه على نفسه ويحدث الشفاء وتحدث الحكمة! ماذا لو لم يكن شخص ما مرتاحًا أو مستعدًا للخوض في هذه التجارب؟ وبالتأكيد وبلا شك,إن الكتابة الدائمة تجعل النصوص مميزة, وكل نص يحتوي على فكرة وحكايه.
وقبل أن أغادر النص لفتني قول وليم شكسبير:" لا تسمح لأي مخلوق أن يحبطك, لا فكريا ولا عمليا ولا عاطفيا, لا تسمح لهم أن يأخذوك إلى زاوية التعساء". والآن أيتها العزيزة ألا زلت في حالة دهشة من أمري ! عندما تدركين هناك الكثير من يكتب ويتكأ على أوجاعه ويستمد عافيته من حبر قلمه, أم إنك كنت تمارسين دهشتك بعفويتك المزعومة, بألا أكتب حتى أتعافى وكأن القلم تحت سيطرة الظروف والمزاج!
غالية محروس المحروس
تعليقات
إرسال تعليق