في كل أربعين سنة حياة جديدة للبشرية
والسؤال الأهم اين تبدأ دورة التغيير ومتى تنتهي؟
ان اختياري أربعين سنة ربما يحتاج الى ادلة علمية تبرهن على ما ادعيه من ان حياة البشرية تتغير وتختل الموازين السابقة وتاتي قيم جديدة ومفاهيم جديدة وقد يعود بعضها بعد أربعين سنة وقد يستمر بعضها لكن هناك صورة جديدة تمثل البوصلة البشرية المحدثة.
قد تحدث أمور تعجّل في بعضها وأخرى تؤخّر بعضها لكن يحصل الانقلاب البشري على راس كل أربعين سنة
لاشك ان قروية الأرض اليوم تجعل التغيير كوني وليس مجرد اي مجتمع تحكمه "ظروف وبيئة وقيم وعادات ومفاهيم" خاصة بهم لان المدخول الفكري والمعرفي والغريزي للبشرية اليوم أصبحت متقاربة جدا مما يجعل أدوات التغيير وسير الطبائع متقاربة فتتغير جذور وصور بشرية عابرة للحدود الكونية للبشر عامة.
ولعل المراحل التغييرية القرآنية للإنسان تقترب من مرحلة الستين الى المئة سنة وهي دخول الانسان مرحلة الشيخوخة (ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا)،
وهذا متعلق بحياة الفرد وقد نقاربه بحياة الأمم وفنائها مقارنة بالانسان الفرد وحياته الاجتماعية كما يذهب الى ذلك العديد من مفكري الحضارات، وكل حضارة تفنى لشيخوختها الذاتية فتموت من الداخل واستمرار وجودها الخارجي لمصالح المرتبطين بها فينعشوها حتى لا يبقى لها وجود حقيقي.
لكني اجد ان هناك فرقا بين قانون التغيير الجذري المنتهي بحياة جيل وحالات التجديد الإنساني في طبيعة حياته ورموزه العقلية التي تبعث على أهمية التغيير وكيفية حدوثه بمؤثراته الذاتية والخارجية فالانسان تحكمه ظروفه ومحيطه الاجتماعي وكل مجتمع يجاور ويحاور مجتمعا اخر فانه يتغير ويتاثر بصور تبادلية قهرية.
لذا اجد ان المقابلة القرآنية بين حالة الانحراف الإنساني "التيه" وبين حالة الانتباه "الشكر" نجدهما متقاربين في الزمن ومختلفين في الغايات ونجد ذلك قريبا من قوله تعالى (قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ)، وحالة الوعي بالتعبير القرآني بالشكر (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) لان حالة الشكر هي حالة الرشد والانتباه بعد فترة من السهو والغياب، وتظهر بسلسلة من الوعي عبّر عنها بالشكر وتتضمن الصلاح وصلاح الذرية والتوبة.
مراحل الانسان الطفولة والشباب والرشد وهي مراحل الكسب والانفعال والتاثير ثم مرحلة العقلانية والخضوع لمجمل الخلاف والائتلاف والتفهم لمسيرة الحياة ليقبل فيها الانسان حالة التحديث طواعية وقبولا واقعيا وليست الشيخوخة الا مرحلة الخضوع القهري والقبول لما سبقها من مراحل الاقناع في الكهولة الأولى او المتاخرة.
اما الحقيقة المهمة فهو عملية تجسير الثقافة والعلاقة بين الأجيال حتى لا يكون هناك انقلابٌ قيمي بل تغير نسبي
تعليقات
إرسال تعليق