فلسفة البكاء (5) / ا.جهاد الخنيزي

 


فلسفة البكاء (5)

ا.جهاد الخنيزي

‏(٢١)

وكلنا نعرف بالبداهة أن البكائية هو فعل هويتي أو هي هوية لنفسها فإذا وجدت فهي تعبر عن نفسها في الوعي، والوعي له طابع السريان في الأفراد، وهذا ما يجعلها هوية جمعية أو تتحقق بوعي جمعي في فعل جمعي ما يجعل الرسالة رسالة هوية وكينونة إنسانية.

هذا ما تفعله كربلاء مثلا في عاشوراء فهي حزائنية بكائية ذات مغزى رسالي لا تحديد له.

‏(٢٢)

أشرت من قبل إلى أنني لم أدخل موضوع البكاء في تعرف البكائية ثم وضحت السبب، وقلت أيضا بأن هناك أمرا آخر سآتي على ذكره، ذاك هو أفعال الجسد التي تصاحب البكائية. وأقصد بالخصوص تلك التي يراد بها التعبير عن الألم والتفجع والكرب. وستقول لماذا لم تدخلها في مفهوم البكائية.

‏(٢٣)

والجواب، من المؤكد أن محاولة وجود رابط محصور في علاقة الجسد بالنفس لا توصلنا لفهم ذلك التنوع الذي يجري بينهما، وذلك لأسباب منها:

١.تعدد طبائع الأجساد.

٢. قدرة الجسد الواحد على تنويع التفاعلات حتى بالنسبة للسبب الواحد

٣. مرور الجسد بتحولات من الصغر إلى الكبر، ومن الصحة والضعف تجعله لا يستجيب بنفس الاستجابةدائما.

٤. القدرة على التحكم في استجابات الجسد بالخبرة.

‏(٢٤)

وكما يتنوع الجسد في تفاعلاته مع حالاته النفسية يحدث العكس أيضا فالنفس البشرية لها حالات من القوة والضعف، من الثبات والخفة، من الشعور العالي والمنخفض.

وما تكون هذه لا تظهر أفعالها بشكل واحد وهذا نلاحظه في مسألة الأخلاق والتحسس تجاه بعض الاختيارات.

‏(٢٥)

ما نريد التأكيد عليه إذا بعد توضيح أن العلاقة بين الجسد والنفس معقدة، وليست مطردة عند كل الأشخاص، وفي كل الأحوال، وداخل كل زمن، أن هناك استجابات متعددة تصدر من الجسد بحسب دواعي النفس. ومع هذا لابد من بقاء شرط وحيد في علاقتهما مع بعض هو الرضا بالاستجابة، أي ما يحقق التلاؤم النسبي في لحظة وعي محددة تجعل من الجسد والنفس مستجيبان معا أو متفقان معا على أن ما يفعله الجسد هو ما تطلبه النفس.

يتبع...

تعليقات