#خاطرة_الجمعة « ماذا يحدث لأخلاقنا في هذا الزمان؟ »
عندما يجلس عدد من الناس ويتحدثون إلى بعضهم البعض، ترى كل واحد منهم يتحدث عن المثل والقيم والأخلاق، وكأنهم متفقون على ما يجب أن يكون، وإذا كان هذا ما يعتقده كل الناس فمن إذن المسئول عن عدم تطبيق المثل والمبادىء والأخلاق.
كم مرة سمعت قريبًا أو صديقًا يتحدث إليك عن تغير أخلاق الناس أو سوئها أحيانًا، أو أن بعضهم يجانبها أصلًا ؟! الحقيقة أن أخلاقنا وطباعنا وحتى صفاتنا الأصلية تتغيّر، أو تتخذ أشكالًا أخرى. هل نحن نعيش في عصر تتغيّر فيه الأخلاق أو تتبدل؟ لنتذكر وبشيء من التأمل ذلك الحديث الشريف: « إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق ». دعوة نبينا المصطفى صلى الله عليه وآله للتخلق بالمثل والقيم التي تعيش عليها المجتمعات البشرية، وتعزز موقع الإنسان كصانع الخير والفضائل، ومقاوم لنزعات الشر والعنف.
أشكال التبدل الجارف في القيم والأخلاق التي أنتجتها حياتنا العصرية، وليس هنا فسحة لرصدها، فما يعنينا هو قراءة القلق الأخلاقي الذي يطال كل وجوه حياتنا.
أن الإنسان المعاصر لا يمتلك أخلاقيات ثابتة، فمعاييره تخضع للمصالح والعواطف والرغبات، وهو لم تردعه - لا العقائد السماوية ولا المبادىء الأخلاقية عن أن يقع في الأخطاء، أو أن يتماهى مع الجوانب اللا أخلاقية، فتطغى عليه النزوات ويتراجع عن ارتياد الفضائل الإنسانية، بل ليصعب عليه التمييز بين الضحية والجلاد، وهذا لا يحدث في الحقول السياسية فقط بل في الجوانب الحياتية والإدارية والعملية.
قد نسأل إدًا: بما أن الحاضن الأول لنشوء الأخلاق والقيم هو العائلة، فأين ذهبت أهميتها؟
إذا مارسنا بعض التأمل، سنرى أننا نعيش وأبناؤنا وبناتنا تحت سقف واحد، نلتقي بهم ونخوض معهم شؤون الحياة المختلفة، لكننا سرعان ما نلمس أن مصادر ثقافتهم وأفكارهم وحتى مفرداتهم هي غير تلك التي علمناهم إياها ودربناهم عليها. هناك إذًا نهر معرفي يجري أمامهم، ولا أحد يملك زمام منعهم من السباحة فيه، واقتناص ما ينسجم مع روحهم ورضاهم الشخصي، ذلك النهر هو بلا حراس ولا مراقبين، ولا توجد سوى رقابة وحيدة هي إرادة أفراد هذا الجيل تجاه فهم ما يقرؤون ويشاهدون ويسمعون، في حين لا تجدي نفعًا أخلاقية المنع، فالحماية الشرسة يمكن أن تكون معوَقًا معرفيًا وعاطفيًا وتدفع النشء إلى الحياة السهلة، أو الحياة الافتراضية التي تمر عبر "Wi-Fi" ، حيث يغرقون في الأوهام وتستلب إرادتهم، وتتسرب إليهم الأمراض الأخلاقية أو حالات التشكك القيمي من حيث لا يعرفون.
ختامًا، نشير إلى ما نراه اليوم من تحديات أخلاقية التي يعيشها العالم، لا تكمن في عدم كتابة الدساتير والقوانين والتشريعات التي أجمعت كتب الأخلاق على اعتمادها، ولكن في تفعيل تطبيقاتها بصرامة عادلة. يعنينا من هذا تلك المخالفات القانونية، هي سلسلة من الممارسات غير الأخلاقية أمام الضمير الإنساني، ستترك أسوأ الأثر في تكوين أجيالنا الجديدة.
الحمد لله الذي ندعوه فيجيب، ونسأله فيعطي، ونستغفره فيغفر، ونستغيثه فيغيث رغم غناه عنا، نسأل الله عز وجل أن يشافي مرضانا ومرضى المؤمنين والمؤمنات، ويرحم موتانا وموتى المؤمنين والمؤمنات إلى جنات الخلد والنعيم مع الطيبين الأطهار، اَللَّهُمَّ صَلِّ علىٰ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ .
طابت جمعتكم بالصلاة على محمد وآل محمد.
_________
يعيش بعض الكتاب والخطباء والمتكلمين تناقضًا بين الممارسة الحياتية والآراء التي يصرحون بها، ما نراه في الواقع يحاكي تلك الازدواجية .. أزدواجية القول والعمل، أمر يمكن الأخذ به جزءًا لا كلًا، فغالبًا ما يكون هؤلاء الأشخاص عابسيّ الوجوه، ومنقبضين في أخلاقهم، وقاسين في تعاملهم مع من حولهم، ترى بعضهم وخصوصًا بعض المتديّنين مهتمًا بتفاصيل مسائل العقيدة والأعمال العبادية، لكنّه ليس حريصًا على رعاية مشاعر الآخرين، واحترام حقوقهم، وما هذا إلّا انفصامًا وازدواجيّةً في الشخصية. ولا ندري كيف نفسّرها؟!!
محبكم/ منصور الصلبوخ.
تعليقات
إرسال تعليق