ما اعظم عطاياه حينما يجعل لعطائك قيمة "يا مَنْ يُعْطِي الْكَثيرَ بِالْقَليلِ" (4) / الشيخ حسين البيات
ما اعظم عطاياه حينما يجعل لعطائك قيمة "يا مَنْ يُعْطِي الْكَثيرَ بِالْقَليلِ" (4)
- الثواب على الواجب هو تفضل منه سبحانه
- كل خير نراه هو بفضله سبحانه فلا منيّة من العبد على مولاه
- اعتباره عمل الانسان عطاءً هو تفضل وكرم منه سبحانه
حينما ترى ان سبب النعمة ومن تنتهي اليه كل سلسلة الأسباب يجعل لمن أعطاه قيمة وهو المنعم الحقيقي الذي افاض بنعمه على جميع خلقه.
بل ان التعبير بالقليل من العطاء قبال عظيم عطائه سبحانه لهي مقارنة تدعو للشكر فان المتأمل في عطاء الانسان ذاته هو بفضل نعمه واستمرار حياته التي هي نعمة من نعمه سبحانه، فلا قيمة واقعية للمسبب مع وجود السبب، "فكيف لي بتحصيل الشكر، وشكري إياك يفتقر إلى شكر"،
فهذا العطاء القليل من الانسان هو من عطائه سبحانه،
وبذلك نحتاج الى عناية فلسفية لبيان معنى عطاء الانسان وان اتسم بالقليل قبال عطائه سبحانه العظيم.
فقد نحتمل انه اعتبار تفضلي من الله لان ما يقدمه العبد بكونه ذا قيمة مقارنة بالعطاء الإلهي وقد جعل الله لكل عطاء من الانسان انه ذو قيمة تستحق الثناء والا فلا معنى لعطاء لا يستحق الشكر والثناء،
وهذا يعني ان العطاء الإنساني هو عطاء اعتباري لا واقعي وينتهي الى ان عطاء الانسان مجرد اعتبار وقد جعل الله له قيمة تستحق التقدير والثناء، وبذلك يكون عطاء الانسان هو تفضل اعتباري من الله لعباده .
وقد نحتمل ان عطاء الانسان هو طاعة ربه وقد جعل الله لهذه الطاعة اجرا من الثواب فضاعفها له كما نراها في الآية الكريمة "مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ"
وهذا يجعلنا نبحث عن كيفية استحقاق الواجب للثواب حيث ان الطاعة ان كانت من العبد لأداء الواجب فلا يستحق العبد ثوابا على عمله وكل البشرية لم تخرج عن حق طاعته وعبادته، وان كان المطيع يقوم بعمل يتقرب به لمولاه دون ان يكون هناك امر وطلب للقيام به فهذا قد يكون مما يستحق عليه الثناء لأنه قام بما ليس مطلوبا منه فنضعه في حوزة الشكر وقد جعل الله لمن شكره الزيادة (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)، ولعلنا نضيف في هامش تصوراتنا مما افادتنا به الآية الكريمة انه سبحانه لم يربط العقاب صريحا على كفران نعمه مباشرة بل عبر ان هناك عذابا شديدا، فان سياق الآية هو التفضل فناسب عدم ربطها بالوعيد المباشر.
كما نجد في الآية من جاء بالحسنة وهي مطلقة حيث ان طاعة الله سواء كان واجبا او مستحبا متقربا به اليه، بل كل اعمال الخير وان لم تنسب له، فانه اعتبرها حسنة تستحق الثواب بعشر امثالها وهذا من باب التفضل منه سبحانه.
وقد نحتمل ان عطاء الانسان الخير للإنسان نفسه يعتبره الله عطاءا له سبحانه حينما يكون مع الإخلاص (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى) او الصدقات بتعبير جميل (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً)
فما اعظم نعمه التي منّ الله بها على عباده بان اجزل الثواب بالرغم من كونه سببا فيها حقيقة بالحياة او الهداية او التوجيه او الإيحاء بل حتى المكروهات والمصاعب التي تحتم على الانسان بالتوجه اليه صادقا مخلصا ينجيه من كروبها ويؤتيه ثواب ندائه واخلاصه وصبره.
تعليقات
إرسال تعليق