((وداعا ياعروس السماء)) / ا. غالية المحروس

 


((وداعا ياعروس السماء))

لك مني أنت أيتها العروس الشابة بيان سلام عندما ولدت وسلام حيثما رحلت, ويبقى الزمن مخلدا بأوراق الريحان وبكفنك أيتها العروس وأنت لم ترتدي فستان عرسك الأبيض بعد. ولكن!!!

ماذا أقول هنا وإن خانني النص بالصمت والكتابة: مدركة أنه خارج عن طاقتي وتحملي أن أقع في البكاء فقد عشت مثل هذا الشعور مرارا وتكرارا, ربما بعض الأحاسيس أخفيها تحفظا، و بعضها أعجز عن صياغتها واكتفي راضية بمعرفتي , بأن أكثر المشاعر إيلاما هو أغلب الأوقات أعجز عن ترجمتها. هذا ماحدث معي عندما قرأت الخبر المفجع بحزن شديد من شاشة تلفوني وبكيت بصمت, فكل حروف الأبجدية لا تكفي لرثاء رحيل عروس شابة! حيث تتكسر الكلمات في صدري وأنا ألمح العروس بيان, محمولة النعش على الأكتاف وهي تزف إلى الجنة, وهناك كنت أقف مساء أمس أمام توازن وهدوء والدتها, وقفة يقين ووقفة إحترام وأبكي دون صوت دون كلمة, ولعل قبلة على جبينها تترجم وتجسد عمق وجعي ودهشتي, إزاء والدة مكلومة قد فقدت إبنتها الشابة العروس, التي لم تبدأ حياتها الزوجية بعد, أمام حلم تمنت والدتها أن يتحقق وتراها على كوشة العرس بين الأحباب.  ولا أخفيكم لمحت الحزن في داخل والدتها والتوتر على جبينها رغم توازنها, و شعرت بإنها ترتجف وكأنها في شتــاء بارد!

لست أدري هل أرثيك أيتها العروس, أم أعزي وأواسي والدتك وأخواتك وخالاتك وعريسك ومن معك, ومن كان مستعدا لحضور عرسك, لكنني شعرت لك بشرف ولذة الجنة, وهكذا أنت يابيان أحببت الرحيل سريعا, فأحبتك السماء فاحتضنتك الملائكة فاستحقت روحك الفوز بلقاء الله! أيتها الحورية الساكنة في دار خير من دار الدنيا! وأنت من أبيت إلا مكانا فوق النجوم ورحلت رحيلا إلى الجنان دون ميعاد دون وداع. والعزاء كل العزاء لوالدتك قائلة لها: قري عينا فالعروس بيان أراد الله لها أن تـكون من أهل السماء فلنبارك لها نزلها الجديد.

 عذرا أيتها العروس فقد انكسر قلب أمك وجف الحلق وتلاشت الحياة أمام رحيلك وغيابك عن الدنيا, فالكلمات عقيمة أمام رحيلك وفقد شبابك! أيتها العروس معذرة إن عجزت هنا بهكذا إحساس, كلما أردت الكتابة هنا أصابني الحزن والحيرة ياعروسة الجنة وروحك محلقة بالسماء.

أيتها الشابة بيان  حيث دموع والدتك الماطرة رغم توازنها تعطر رمال قبرك, فالروح والحور والملائكة بانتظارك هناك, فأسعدي بخير الدار, هذا ما أختارته لك السماء. وكم أنت محظوظة يابيان فقد كسرت كل حواجز الملذات, وحطمت كل الآمال وتركت الدنيا بأسرها، وتركت الأحباب والأصحاب والأهل والعريس, وتركت الديار حيث جنة الآخرة  فلا عجب أن يعلو أسمك كعروسة السماء.  ألا يكفي أن روحك  تشرق وتغرب في قلوب أحبائك! أما والدتك هل يكفي أن أعزيك وأواسيك عزيزتي فخرية وأصبرك وأنت أهلا للصبر فقد صبرت على تربية بناتك طويلا بعد رحيل والدهم وهن صغارا! وهنا أنحني لك احتراما أيتها الأم الصابرة المؤمنة,  ولكن أي صبر يحمله قلبك وأنت تزفين إبنتك العروس!

 غالية محروس المحروس

تعليقات