"لماذا نخاف من الفضيحة يوم القيامة على رؤوس الاشهاد؟" (5) / الشيخ حسين البيات


 "لماذا نخاف من الفضيحة يوم القيامة على رؤوس الاشهاد؟" (5)

لماذا نخاف من فضيحة علنية يوم القيامة وقد سترها ربنا علينا في الدنيا وهي اهم بنظرنا حيث لم يعرف الناس بمعاصينا وذنوبنا العظام لتهبط منزلتنا، فتعاملوا معنا كأشخاص مطيعين رغم خطورة ما اقدمنا عليه من معصيته تعالى؟

نلاحظ في هذه المقطوعة من المناجاة الشعبانية معاني عظيمة تستدعي التوقف معها فقد نمر عليها وقد لا نلتفت اليها كثيرا كما نجده في بعض الكلمات العظيمة الأخرى من المناجاة:

"الهي قد سترت علي ذنوبا في الدنيا وانا أحوج إلى سترها علي منك في الأخرى،" 

ستر الذنوب في الدنيا خوف من نظر الناس وما أهمية نظر الناس لذنوبي في الأخرى فيما يكون الناس في هلع وخوف من عذاب جهنم وهو اشد عليهم من معرفة الناس بذنوبهم؛ "يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ"،

مما يعني ان لزوم سترها في الأخرى حتى لا يؤدي الى نتائج خطيرة والا فمجرد الاعلام لا يبعث على الخوف مع ذهول النفس من هول يوم القيامة، فلذا وبقراءة الجزء التالي نجد فيها تمام الصورة "الهي قد أحسنت إلي إذ لم تظهرها لاحد من عبادك الصالحين، فلا تفضحني يوم القيامة على رؤوس الاشهاد"حيث قرن الاحسان بالستر في الدنيا واعتبر الفضيحة العظيمة يوم القيامة بالفضيحة على رؤوس الاشهاد حيث سيعرف الناس ذنوبي التي لم يروها في الدنيا سواء الحي منهم او الميت وهذا يعني انني سافقد شفاعة من يمكنني طلب شفاعته لان هذا الإعلان يعني تبرأ من يرتجى شفاعته، وان الذنب خطير استحق عليه العذاب والا لما فضحني ربي بين خلقه كلهم.

ولعل عظمة الفعل فيما اذا كان شخص أيضا ذا منزلة بين الناس في الدنيا والناس يعظمونه لاجل ما يعلن عنه من علاقة مع الله ورسوله وشرعه، وقد يكون ممن يتكلم باسم الله وشرعه، واذا به يُعلَن عنه بانه منافق وكاذب على الله ولم يكن ممن يستحق كل ذلك الثناء والتبجيل من الناس، بل سيكون وجهه مسودا امام من كان يشرع باسمهم وهم منه براء.

ونرى ذلك في آيات قرآنية تشير الى خطورة هذه الفضيحة ممن تحدث باسم الله وزعم انه مولّى من قبله او اخبر عن الله كذبا : "وَمَن أَظلَمُ مِمَّنِ افتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أُولَـئِكَ يُعرَضُونَ عَلَى رَبِّهِم وَيَقُولُ الأَشهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِم أَلاَ لَعنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ" حيث يعلن عنهم ويُلعنون بحضور كل الخلائق، وهو معنى براءة الله منهم وبراءة الخلائق منهم، وابعادهم عن مصدر رحمته ورأفته ونفي الاستحقاق لمثوبته وعفوه.

 ولو تتبعنا بعض المصادر الأخرى لوجدنا تلك اللعنات العلنية تبدأ بالمنافقين وبعض المذنبين، وتعتبر مثل تلك الفضائح دلائل على انهم لا يستحقون الشفاعة وانهم قاموا بامور عظيمة يستحقون عليها العذاب الأليم فان مثل تلك الفضائح تعني لزوم انهم لا يستحقون العفو او التخفيف من العقاب اذ يكون ذلك الإعلان امر من الله انهم لا يستحقون عطفا او مغفرة.

(إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ، يَوْمَ لاَ يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ).


تعليقات