الشيخ حسين البيات : "عندما تكون افعالنا ضرارا دون ان نلتفت"

 


عندما تكون افعالنا ضرارا دون ان نلتفت

عندما تتحول اعلى قيمة إسلامية الى مصدر للفتنة واضعاف المكون الامن وبث الفرقة بينهم فإنها سرعان ما تصبح ذات قيمة دانية ممقوتة مرفوضة حتى ولو كانت من اسمى القيم وهذا ما نراه جليا في خطاب القرآن لمسجد ضرار حينما اريد به ان يكون مصدرا لإضعاف المسلمين

وإذا أردنا ان نتوسع أكثر فان هناك الكثير مما نصنعه وهو في الحقيقة يمثل ضرارا وربما لا يشعر بذلك اكثرنا لأننا سننظر بعين الخير للتاريخ الذي يحمله صاحب العمل او عظمة العمل ذاته او طول الركوع وحسن الأداء خصوصا مع قوة اعلام صاحب العمل.

وكما ان هناك مسجد ضرار فهناك شخص ضرار وعمل ضرار وأسوأها حينما يكون ذلك الضرار معشعشا في أماكن القداسة لتتحول الى مصدر للفتنة وزرع الضغائن والاحقاد ولعل بعضها ينشأ بأصول الخير لكنه يتحول الى مصدر للضرر المبغوض.

علينا ان نتوخى الحذر من احابيل الشيطان عندما يجعلنا نسير على دربه في مواقع مقدسة عظيمة لكننا ننساق معه دون ان نشعر ونجده مشمرا عن وساوسه حينما يجد المأتم الحسيني عامرا بذكر الحسين سلام الله عليه والعترة الطاهرة فيعمل على صنع بدائل او موازي او منافس له في الوقت والخطيب فينسى الناس عظمة ذلك المجلس ويتهافتون على جدل المناظره بين الخطيب او المجلس، او يدخل من جانب مناسبة الوقت للناس وقد تتعدد الوساوس حتى يفقد المجلس مكانته وقيمته.

نسعى لبث العلم والمعرفة الدينية ونعظمها ونقدسها ونجلها لكن الشيطان يتدخل علينا في التشكيك في أهمية تلك المعرفة وتلك المسائل الفقهية ونتحول تدريجيا من قيمة العلم والدرس الى تهميش طالب العلم نتصيد هفواته وكلماته لتسقيطه واضعاف وجوده المعنوي حتى ينفر الناس منه.

واذا كان ذلك الطالب نشيطا في موقع علمي من حوزة او مسجد او فضائية فنتوجه الى اضعاف تلك الحوزة وذلك المسجد ثم نتجه لتشويه امام المسجد وكيفية صلاته وان لم نجد مثلبة صنعناها وان لم نستطع زرعنا الفتن حتى ينفر الناس من ذلك المسجد.

بنو عوف بنوا مسجد قباء وصلى فيه رسول الله صلى الله عليه واله ولم يجد الحاسدون سوى بناء مسجد مجاور له لإضعاف مسجد قباء وتفريق المسلمين وزرع الفتن والعداوة بين المسلمين ودعوا رسول الله صلى الله عليه واله للصلاة فيه فنزلت الاية في بيان ضرره وتأثيره السلبي وان المظهر الخارجي له لا يغني القيمة الحقيقية له "وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.." ويروى ان رسول الله صلى الله عليه واله امر بهدمه واحراقه لوأد الفتنة في مهدها.

كل عمل يراد به صنع الخلاف والفتنة لابد ان يصنعه مروجوه بصورة مقبولة تبعده عن ذلك التشويه، كما نلاحظ ذلك في مضامين الآية في صور متعددة وهو التمويه للناس بان عملهم هو لأجل الخير "وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ" وما اكثر صور اللعب على هذا الوتر وتضيف الآية قيمة أخرى ان المسجد بقيمة ما يحتضنه من المؤمنين الصادقين "فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ"

ولعلنا نسقط المشروع الاجتماعي بتشويهه وتقليل أهميته رغم شموخه وكبره وقد تكون اغراءات الشيطان بطموحات شخصية فيتملكنا حب الذات للتباهي بعملنا او كسب موقع اجتماعي او تسقيط منافسينا ومحسودينا حتى تتغلغل في اهم اعمالنا من عبادة وصدقة وعطاء واعمال الخير،

 تلك صفات سيئة ولعل اسوأها هو العمل من خلاله على ضرب العامل المخلص لاسيما اذا رأينا فيه التفاني والتواضع والخوف من الله والتقوى فهنا نصبح اكثر شراسة اما لأمننا جانبه او لإسقاط قيمته المعنوية امام الاخرين.

تعليقات