كرر الدعاء وعش مع معانيه وروحانيته "يا من ارجوه لكل خير"
ابتدأ الدعاء بالرجاء لكل خير،
والرجاء هو توقع حصول الشيء وبخلافه التمني فهو استبعاد حصوله، والخير هو الثواب
والرزق والنعم عموما وهو كل شيء يأتيك بأمور تُسعدك وتفيدك او تُعطيك ما ترغب فيه
او يُبعد عنك الشرور كالفقر والمرض والعقاب والمساوئ عموما.
ويقترن الرجاء غالبا بالعمل لأجل تحقيقه
"فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا"
بينما يغلب على التمني الشعور باستحالة تحققه فيقف المتمني دون عمل لأجله
"يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ
غُرُورًا".
ونلاحظ تدرجا أعلى حينما حذف
متعلق الرجاء "يا من أرجوه لكل خير " حيث يفيدنا فضل الله على خلقه بحصول
الخير سواء طلبناه بالدعاء او قمنا بعمل لأجله ونحن موقنون بحصوله، ولذا فإننا
نصلي او ندعوا ونحن نرجوا حصول طلبنا،
ولحذف المتعلق معنى اضافيا يفيد
قوة وعظمة المعطي الذي يفيض عليك النعم دون ان تعمل شيئا من اجلها فالتعبير بالسبب
وارادة المسبب لقوة الصلة بينهما كالصلاة ويراد بها الثواب والمعصية ويراد بها
العقاب، ولعظمة رحمته سبحانه فيكون الرجاء فاصلا بين السبب والمسبب في العثرات
والمعاصي لأننا نرجو من الله ان ينجينا من العقاب لكرمه ورأفته مع أخطائنا.
ورغم سيئات اعمالنا التي تُبعدنا
عن مشاعر الرجاء بل تُدخل اليأس النفسي والمعرفي به خصوصا مع التمادي والاستمرار
فيها لان نتيجة المعصية هو العقاب، وتأخير العقاب الرباني لأجل ان يعود العاصي
والتائه الى طاعته، وهذا من عظيم رحمته وحلمه "وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ
النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ " فهو سبحانه يفتح
لك باب الرحمة والمغفرة.
بل نرى رحمته وكرمه حينما يعطيك
كل هذه النعم من الصحة والرزق والمغفرة بالرغم من تقديمك القليل جدا وطلبك منه النجاة
من تلك الضائقة وانت في ادنى الضعف والحاجة واليأس فيشفيك ويرحمك ويسهل لك امورك وقلبك
مفعم بعظمة هذا الرب العظيم ولا تقتصر هذه الرحمة على عارفيه والمرتجين لرحمته بل
شاملة لمن لم يسأله ولم يعرفه محبة منه سبحانه لخلقه ورحمة بهم لان كرمه ورحمته
وسعت كل شيء.
ثم يتدرج في الطلب ليطلب منه خير
الدنيا وخير الاخرة ويصرف عنه شر الدنيا وشر الاخرة واهم خيرات الدنيا هو الصحة
والنعم وطاعته وفي الاخرة غفرانه وجنته ويصرف عنا المرض والفتن والعداوات وضياع
الامن وفي الاخرة ينجينا من نار جهنم.
تعليقات
إرسال تعليق